على الرغم من قلَّة إصداراتها لدواوين الشعر إلاَّ أنها استطاعت من خلال قصائدها الغزيرة بخصب الخيال والصور الوجدانية وبلغةٍ وأسلوبٍ خاصين بها بعيداً عن النمطية والتكرار، رفع اسمها كإحدى شاعرات مدينة "حمص" البارزات.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 3 كانون الثاني 2020 تواصلت مع الشاعرة "خديجة الحسن" للتعرف على شخصيتها الأدبية وبدايةً عرفتنا عن نشأتها فقالت: «تنتمي أصولي لقريةٍ صغيرةٍ وادعةٍ جميلة الطبيعة والناس، لكن نشأتي كانت في مدينة "حمص" ضمن أحد أحيائها الشعبية، تحصيلي الدراسي كان فيها لحين حصولي على الشهادة الثانوية بفرعها العلمي أول مرةٍ في العام 1994، ولأنَّ ميولي كانت عكس ذلك فقد تابعت دراستي فيما بعد وأعدت تقديم الثانوية مجدداً ولكن للفرع الأدبي سنة 2002، وبدأت رحلتي صوب "دمشق" التي نلت شهادة كلية الحقوق من جامعتها عام 2008».

تنتمي أصولي لقريةٍ صغيرةٍ وادعةٍ جميلة الطبيعة والناس، لكن نشأتي كانت في مدينة "حمص" ضمن أحد أحيائها الشعبية، تحصيلي الدراسي كان فيها لحين حصولي على الشهادة الثانوية بفرعها العلمي أول مرةٍ في العام 1994، ولأنَّ ميولي كانت عكس ذلك فقد تابعت دراستي فيما بعد وأعدت تقديم الثانوية مجدداً ولكن للفرع الأدبي سنة 2002، وبدأت رحلتي صوب "دمشق" التي نلت شهادة كلية الحقوق من جامعتها عام 2008

بداياتها مع نظم الشعر وأهم الشعراء الذين تأثرت بهم، عن ذلك تقول: «الشعر أو القصيدة بالنسبة لي هما حاجةٌ ورسالةٌ لا شعورية في أغلب الأحيان مثل ما هي القصة أو الرواية، والشاعر هو إنسان مرتبط بالواقع والخيال في آنٍ معاً، والأهم بالطبع هو وجود الموهبة في أعماقه وهي التي تفرض نفسها من أجل تفجير طاقاته فيما بعد وهذا ما حصل معي، فقد تفجَّر الشعر بداخلي مذ كنت طالبةً في المرحلة الابتدائية، وكانت لي مشاركات في مسابقات الرواد الطليعيين، ولأنني أعتبر الشعر طفلاً صغيراً محِبَّاً ومغامراً ومتمرداً يحتاج للرعاية والاهتمام كي يكبر وينضج ليؤثر في قارئه فقد طبقت ذلك من خلال قراءتي الدائمة والشغوفة سابقاً قبل احترافي له وما زلت لكلِّ نصٍّ أدبيٍ أيَّاً كان شعراً أم قصةً أو روايةً لزملائي الشعراء من الوسط المحيط أو البعيد، شخصياً كان شعر "الحلاَّج" بما يحتويه من ملامسةٍ للوجدان هو المؤثر الأكبر بي والذي أعطاني مفاتيح الدخول إلى عالم الشعر، كما أنَّ ذائقتي الشعرية قد تأثرت كثيراً بنتاجات الراحلين العظيمين "محمد مهدي الجواهري" و"بدوي الجبل"، لكن عشقي يبقى منفرداً نحو أشعار الراحل الكبير "نزار قباني" التي فتحت باب الأحلام لدي وأثرت في نتاجي الشعري لاحقاً».

خلال لقاء مدونة وطن معها

عن الأساليب الشعرية التي اتبعتها "خديجة الحسن" في قصيدتها وفضَّلتها عن غيرها تابعت قائلةً: «قصيدة النثر هي المفضَّلة عندي لأني أجد فيها مهرباً من استخدام المفردات الجامدة والخالية من الحيوية والجذب للقارئ، وفيها هامش أكبر من الحرية في التعبير تعطي للشاعر لغةً فريدةً به إن تمكَّن منها، ورغم الفوضوية التي تبدو في قالبها إلاَّ انها تذهب إلى ما وراء اللغة المكتوبة فيها، والنثر عموماً وبسبب مرونته قادرٌ على الإثارة والإيحاء أكثر في الروح من القصيدة المقفاة، وهذا ربما قد يكون السبب الرئيس في رواج قصيدته بشكلٍ جليٍ خلال العقود القليلة الماضية، لأن القارئ أصبح يبتعد عن القصيدة الطويلة باحثاً عن مواضيع محددة تهمه بأقصر الكلمات وأغزرها معنىً تناسب سرعة الزمن».

وعما وصل إليه نتاجها الشعري والقصصي وغيره والمواضيع التي احتواها قالت: «في رصيدي حتى الآن ديوانان مطبوعان أولهما كان بعنوان "مرايا الروح" الذي صدر في عام 2016 وقد كان مغامرةً مقلقةً بالنسبة لي مع عدم تمرُّسي في الكتابة ما كانت لتنجح لولا مساندة العائلة والأصدقاء لي، ولكن ما حققه من تقبُّلٍ ونجاحٍ في الأوساط والمحافل الأدبية وعند القرَّاء دفعني وشجعني على الكتابة أكثر ولكن بحذرٍ وخصوصيةٍ شديدين فكان الديوان الثاني وعنوانه "مامو" المستمد من اسم آلهة الأحلام في الحضارة السومرية القديمة، أشعاري في الديوانين مستقاةٌ من الحياة بالدرجة الأولى، تعتمد على الوجدانيات كمحرِّكٍ أساسيٍ لها، أحاول عرض الأمور والوقائع كما هي بلغةٍ فصيحةٍ وملتزمةٍ بالسلاسة، ومليئةٍ بصور الحب والحنين والغربة لإبراز عمق معاني هذه الأحاسيس الإنسانية، وتبرز الحداثة في قصائدي من خلال إحياء التراث بما فيه من آلهةٍ ووثنٍ ومدنٍ بائدة بلغتي وأسلوبي الخاصين بي، ومن خلال استثمار الرموز والخرافة والحكايا في قضايا حاضرةٍ جديدةٍ بأسلوبٍ لا يخلو من الغموض كما في قولي:

ديوانا الشاعرة خديجة الحسن

فتحتُ شراعَ الروح

الأديب والإعلامي عيسى اسماعيل

وأبحرتُ في أفقٍ مصمتٍ وأيضاً

هناك على نهر الغياب حطَّ كوكب

نشرَ الروحَ الكسيرة

معنىً بصوت اليمام».

وجود المرأة في أشعارها والصور التي تجلَّت فيها عنه قالت: «هي النواة الأكثر مجداً في كتاباتي، وفيها ومنها كلُّ شيءٍ يكون فهي الحزن والألم، وهي الموت والحياة، وهي رمزٌ حتى لآلهتنا العظيمة في الحضارات القديمة، واليوم نراها المقاتلة والحبيبة والأم الثكلى والمضحية بطبيعتها، وهي الدفء والحلم أيضاً، وأحبّ إظهارها في قصائدي كآلهةٍ حيناً و فراشةٍ حيناً آخر أو كشجرةٍ أو كظلٍّ ربما، وبما أنَّ الشعر هو مرآة للواقع المعاش والشاعر هو ذلك الرسول الذي عليه واجب الأمانة في النقل فقد كان عليَّ إظهار القهر والمعاناة وحتى الظلم الذي يقع على المرأة وخاصةً في مجتمعاتنا الشرقية المنغلقة في فكرها والغارقة في عاداتها البالية، التي تعتبر المرأة قطعةً باليةً وتنظر إليها على أنها جسدٌ فقط، لذا كانت قصيدتي "أنا ظلُّ نبي" انعكاساً لما يقع من جورٍ على المرأة وخاصةً في موضوع جرائم الشرف ففيها أقول:

أنا ظلُّ نبي

أشعُّ بالألم

ينهشُني الفراغُ

يترمدُ حَطَبي

أُحصي خطواتِ صوتٍ

وراء الفجيعةِ يأتي

يُفرخُ في سماءٍ من جحيمٍ

من كآبةٍ

من دمٍ

شموسي تكسَّرت».

"عيسى اسماعيل" الأديب والإعلامي من المتابعين لنتاج "خديجة الحسن" الأدبي وعنه يقول: «إذا كان الشعر رمز التوق لحياةٍ جديدةٍ فيها الفرح والكبرياء، فإنَّ شعرها هو هذا الشعر الذي ينعش الروح ويهزُ أوتار القلب، فقصائدها حقولٌ تموج بالخضرة والماء والظلال، صور الشاعرة المعبِّرة عن خيالٍ خصبٍ وشفافية عباراتها الشعرية ورقَّة كلماتها في ديوانيها كانت مفاجئةً مدهشةً في المشهد الشعري لمدينة "حمص"، هي ترسم الضوء وتمجَّد الحب وتصنع الحياة، وثمة توظيف ماهر للكلمة في بناء القصيدة لديها وهذا يعطيها الإدهاش والنبض كقولها في إحداها:

أنا أتيتُ لأفرح

لأُراقص الجنون

وأضعً أسطورتي

أتيتُ للخبز

للماء، للملح، كطعم شفتيكَ

وبرأيي فقد ازدهرت قصيدة النثر على يديها، وهي تمتاز بالقبض على اللحظة الشعرية الرومانسية والجميلة، وبرعت في صياغة اللغة الخاصة بها وسكبها في نصوصها الشعرية».

الشاعرة "عفاف الخليل" في رأيها عنها قالت: «الحداثة هي أن تخطو مع التطور وتسير مع ركب الحضارة والكتابة أدباً وشعراً، الشاعرة "خديجة الحسن" ومن أول قصيدة ومن أول مجموعة شعرية لها أعلنت أنَّ الشعر هو ثورةٌ على القيود التي سجنت الكلمة ومعها إحساسها، برأيي هي شاعرة القصيدة الحرة بامتيازٍ وأعطتها عمقاً وكثافةً في الصور والموسيقا إضافةً لعنصر الإدهاش، المفردات التي تستخدمها تحاكي شغف الروح وتأخذ القارئ إلى بساتين الحبّ والورود والجمال وهذا نابعٌ من الأمل المتقد في داخلها».

نذكر أخيراً بأنَّ الشاعرة "خديجة الحسن" من مواليد قرية "تارين" التابعة لريف "حمص" عام 1975 ولديها العديد من المؤلفات على صعيد القصة القصيرة نذكر منها "خذيني معك" و"فليدفن الموتى موتاهم" والخاطرة أيضاً وقد نشرت في صحفٍ محلية وعربية، ومن نتاجاتها كذلك مجموعة دراساتٍ صحفية لعددٍ من الروايات والقصص والدواوين الخاصة ببعض الكتَّاب والشعراء السوريين، كما أنها تتقلد منصب أمينة سر جمعية "العاديات" المهتمة بالتراث والتاريخ ومن هنا فقد أنجزت مقالات تتحدث عن الفن والإنسانية، والفن والتاريخ، وهي منشورة أيضاً في وسائل إعلامية مكتوبة ومقروءة عديدة، وحالياً هي طالبة في السنة الثالثة بكلية التربية بجامعة "البعث".