بجهدٍ وإصرار، استطاع الدكتور "عِزة خلوف" أن يُبدع باختصاص الهندسة الزراعية الذي اختارهُ عن رغبة وليس لعدم تمكنه من دراسة فرع آخر، حاصداً تكريماتٍ عديدة ونشرٍ لأبحاثه في مجلات محلية وعالمية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بالدكتور "عِزة خلوف" بتاريخ 24 نيسان 2020 ليحدثنا عن بداية حياته قائلاً: «عشتُ وترعرعت في مدينة "حمص"، وتتلّمذت في عدة مدارس ضمن أحيائها، ثم التحقت بكلية الهندسة الزراعية في جامعة "البعث" عام 2005 بناءً على رغبتي، وتفوفتُ في كلّ مراحل الدراسة بدرجة امتياز، فتم تعييني معيداً في الكلية باختصاص نباتات طبية وعطرية في قسم المحاصيل الحقلية عام 2010 وفق المرسوم الرئاسي للخريجين الأوائل.

مجتهد ومثابر في عمله، يفكر خارج الصندوق ويقرأ ما بين السطور كي يناقش وينتقد للارتقاء والتطوير في العمل، مواقفه جريئة فهو (قد التحدي) في أموره المحقة ولا يتنازل إلا للمصلحة العامة وليس على حساب طلابه، روحه جميلة واجتماعية

بدأت دراستي الأكاديمية بالتزامن مع بداية الحرب على "سورية"، فأجبرتنا ظروف الحياة الصعبة والمعاناة التي عاشتها مدينة "حمص" في تلك الفترة على الانتقال إلى منطقة "الوادي"، ودفعني الحصار العلمي الجائر على بلدنا الذي أدى إلى توقف العديد من البعثات العلمية للطلاب السوريين ومن ضمنها عدة بعثات كُنت قد تقدمت إليها إلى "ألمانيا"، و"بريطانيا"، دفعني إلى الإصرار أكثر على متابعة تحصيلي الأكاديمي لإثبات الذات، فطلبت إيفادي إلى جامعة "دمشق" كلية الهندسة الزراعية في عام 2012، ومن هنا ابتدأت مسيرتي البحثية والأكاديمية الفعلية، وتعززت معرفتي العلمية من خلال عدة باحثين ومشرفين كانوا من أوائل الداعمين لي، وحصلت على درجة ماجستير في علوم المحاصيل الحقلية باختصاص نباتات طبية وعطرية عام 2015 بدرجة امتياز 90.32%، ثم درجة الدكتوراه عام 2018 في الاختصاص نفسه بمرتبة الشرف 98%، وكان عمري حينها 30 سنة».

في المخبر

وعن حياته المهنية قال: «أصبحت باحثاً أكاديمياً في مجال النباتات الطبية والعطرية، وعضو هيئة تدريسية في كلية الهندسة الزراعية بجامعة "البعث"، وعضو هيئة تدريسية في كلية التجميل بجامعة "الحواش الخاصة"، وعضو "الرابطة الأهلية للتصنيف النباتي"، وكذلك أصبحت خبيراً متعاوناً مع عدة شركات محلية تعنى بالمنتجات الطبيعية للنباتات الطبية والعطرية من عمليات الإنتاج والاستخلاص، ومعدّاً للدراسات الهندسية الزراعية مع عدة جمعيات ومنظمات إغاثية خلال فترة الحرب، بالإضافة لكوني خبيراً مساعداً في إعادة تأهيل الأراضي البور التابعة لـ"بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس" في سلسلة جبال "القلمون" بمحصول "الوردة الشامية" بالتعاون مع "دائرة العلاقات المسكونية والتنمية" عام 2017، وكنتُ خبيراً مساعداً في مزارع إنتاج الفطر الغذائي ضمن مركز الإغاثة والتنمية "RDC" التابع لـ"مطرانية السريان الكاثوليك" بين عامي 2015 و 2018، وأخيراً مدرباً معتمداً لدى عدة مراكز للتدريب والتطوير المهني والعلمي».

وعن الأبحاث التي قام بها تابع حديثه قائلاً: «منذ دراستي للماجستير والدكتوراه، حتى وقتنا الحاضر، قمت بإجراء العديد من الأبحاث بالتعاون مع عدة باحثين ومشرفين وبعض المؤسسات البحثية، ونشرت في عدة مجلات علمية، محلية وعربية وعالمية منها: مجلة "جامعة دمشق للعلوم الزراعية"، مجلة "جامعة البعث للعلوم الأساسية"، والمجلة "العربية للبيئات الجافة" "أكساد" و"International journal of Chem Tech Research"،"International journal of Agriculture andBiological Sciences"، وكان معظمها يعتمد على تحسين آلية الممارسات الزراعية المعمول بها والمتعلقة بخدمة المحاصيل الطبية سواء قبل الزراعة أو بعدها، والتخفيف من العمليات الزراعية قليلة الجدوى ذات التكاليف المرتفعة، سواء من خلال الأسمدة المطبقة أو مواعيد الزراعة وعمليات الخدمة اللاحقة، لتحقيق أكبر عائد اقتصادي منها من الناحية الإنتاجية والزيتية، إضافة إلى الاهتمام بالفاعلية الحيوية للزيوت العطرية من الناحية الزراعية والطبية، وذلك عبر عدة أبحاث أعطت نتائج مبشرة حول كيمياء هذه الزيوت ودور مركباتها الفعالة في المعالجة الدوائية للعديد من المسببات المرضية الفطرية والحشرية، وفي الفترة الحالية بدأت بمشروع حصر لأهم النباتات الطبية والعطرية المنتشرة في ريف "حمص" الغربي من الناحية التصنيفية، وطرق إكثارها، وتحديد أماكن انتشارها وتوزعها، وخواصها الطبية المتداولة شعبياً، لأن البيئة السورية تعد الموطن الأصلي للعديد من الأنواع النباتية البرية المعروفة عالمياً من جهة، وللتنوع الحيوي الكبير الموجود في هذه المنطقة من الناحية النباتية على مستوى "سورية" من جهة أخرى».

أثناء التكريم

وأضاف عن الدورات والتكريمات الدكتور "عزة": «بالنسبةِ للدورات، كان هنالك العديد منها مثل تقانات العمل المخبري وزراعة الأنسجة جامعة "أسيوط" كلية الزراعة في "مصر" عام 2009 والتصنيع الحيوي لسماد "الكومبوست" جامعة "إيجة" كلية العلوم الزراعية في "تركيا" عام 2010 وغيرها الكثير، بالإضافة لعدة مشاركات في مناظرات علمية ومؤتمرات زراعية وورشات عمل تُعنى بإنتاج المحاصيل الحقلية، وواقع زراعة النباتات الطبية والعطرية، وتقنيات الاستخلاص والتحليل المخبري، وكان لي عدة تكريمات سواء من جهات حكومية، أو من مراكز تدريبية، وجمعيات المجتمع مدني، منها جائزة "باسل الأسد" للتفوق الدراسي لخمس سنوات متتالية في جامعة "البعث" بالإضافة لجائزة "باسل الأسد" للخريج الأول عام 2010 جامعة "البعث" ووزارة التعليم العالي، وجائزة التميز الهندسي والتفوق في يوم "المهندس العربي" عام 2010 من نقابة المهندسين الزراعيين، وتكريم من مجلس جامعة "أسيوط" "مصر" في يوم "التبادل العلمي" عام 2009، وتكريم في منطقة "وادي النصارى" حول أكثر الشخصيات الشابة المؤثرة في المنطقة لعام 2018».

أما النصيحة التي يقدمها الدكتور "عزة" لطلابه فكانت: «دائماً أُركز على فكرة الإيمان بالقدرة الذاتية، وربطها بالتحصيل العلمي، وتراكم المعرفة، كونهم المفتاح الأساسي والثابت لعدة مجالات، فمن خلال هذا المثلث تستطيع تحقيق هويتك العملية مستقبلاً، وتعزيز اسمك في سوق العمل، فكل شخص لديه جانب مضيء متميز به، وعليه استغلال هذا الجانب فيه وتنميته مهما بلغت الصعوبات والتحديات، مع الانتباه لعدم التشتت في عدة مجالات، لتشكيل هوية واضحة تستطيع إثبات حضورها في المجال المهني، مع الأخذ بالحسبان أن الحياة ليست دائماً وردية ولا بأس من الوقوع أحياناً لكي نشعر بروعة الوقوف».

الدكتور "جوي مخول" أخبرنا عن معرفته بالدكتور "عزة" قائلاً: «مجتهد ومثابر في عمله، يفكر خارج الصندوق ويقرأ ما بين السطور كي يناقش وينتقد للارتقاء والتطوير في العمل، مواقفه جريئة فهو (قد التحدي) في أموره المحقة ولا يتنازل إلا للمصلحة العامة وليس على حساب طلابه، روحه جميلة واجتماعية».

يُذكر أنّ الدكتور "عزة" من مواليد مدينة "حمص" عام 1988.