ظاهرة الشعر الصوفي أخذت بالطفو على سطح المشهد الشعري العربي عامة والسوري خاصة في الآونة الأخيرة، ليس صوفية معبرة عن مكنون روحيّ وانتماءٍ وجدانيّ بقدر ما هي مجاراة "للموضة" التي أصبحت تحكم حتى الوجدان وممثّله الأعلى "الشعر". وألملمُ القمر المهاجر في غموض الليل... أصبو إليه... وأحتسيهِ سلافةً كي أنتشي... ومن انتشى .. صلّى.

«صوفيتي نابعة من إرثي البيتيّ حيث تربّيت على نقر الدفوف وتلاوة الأذكار والأوراد، ثم عززت ذلك بدراسة علم الفلك لخمس سنوات، إلا أنها صوفية واعية بعيدة عن الخرافة والإسراف، حتى إنها انفلتت لتأتي على شكل قصيدة غير تقليدية».

صوفيتي نابعة من إرثي البيتيّ حيث تربّيت على نقر الدفوف وتلاوة الأذكار والأوراد، ثم عززت ذلك بدراسة علم الفلك لخمس سنوات، إلا أنها صوفية واعية بعيدة عن الخرافة والإسراف، حتى إنها انفلتت لتأتي على شكل قصيدة غير تقليدية

هذا هو الشاعر "عبد العليم زيدان" الذي التقاه موقع eIdleb ليحدثنا عن بداياته قائلاً: «البدايات الأولى كانت في العام 1975 حيث كنت أكتب ولكن لا أعرف ما هذا الذي أكتبه. ليس ثمة مرشد أو موجه لي في تلك المرحلة، نتاجي كله كان غزلياً يتناسب والمرحلة العمرية التي كنت أمر بها، كل ما أعرفه عن تلك المرحلة هو ميلي الشديد لمادة اللغة العربية وتعلقي بالمطالعة وخاصة الأدبية منها».

في أمسية شعرية

** ومتى عرفت إذاً ما الذي تكتبه؟

للأسف في وقت متأخر جداً، عرفت وحدي ومن خلال قراءاتي الكثيرة أن الذي أكتبه هو الشعر، فبدأت أدرس علم "العروض" واللغة وعلومها وفقهها، ساعدني في ذلك أساتذة من كبار شعراء المحافظة فكان لهم الفضل الكبير في تنقيح نتاجي ووضعي على المسار السويّ. عملياً لم أبدأ الكتابة الناضجة إلا بعد بلوغي سن الأربعين، ولكن إصراري كان كبيراً على مواصلة ما بدأت، والسبب في ذلك والفضل يعود لشاعر العربية الكبير "الجواهري" عندما التقيته مصادفة يتمشى في سوق الحميدية، فاستوقفته وسلّمتُ عليه وأسمعته مقطعاً من شعري فقال لي كلمة واحدة فقط: (تابع)، وتابع طريقه، وتابعتُ طريقي.

دائم القراءة والاطلاع

  • ولكن من المعروف بأن سن العطاء الإبداعي يكون في مرحلة الشباب، حتى أن بعض الشعراء الخالدين بل والأسطوريين توقفوا عن الكتابة أو ماتوا وهم في مرحلة الشباب "طرفة بن العبد"- "السياب"- "رامبو"، كيف تلافيت ما فاتك؟
  • ** الشعر ورطة، وأنا تورطت والحمد لله، صحيح أنني بدأت متأخراً، إلا أنني لم أبدأ من الصفر، عدتُ إلى مخزوني وأعدت إنتاجه بالشكل الفني الناضج، وبذلك لم أخسر مرحلة الشباب الإبداعي، فما زالت قصيدة الغزل أو التي تحاكي المرأة حاضرة بقوة في مجمل نتاجي».

  • بدأتَ بالشكل الكلاسيكي ثم انتقلت إلى الشعر الحر دون تخلّيك عن التقليدية، أين تجد نفسك أكثر، وما تقييمك لتجارب الكلاسيكيين المعاصرين من الشعراء؟
  • ** على الأغلب أجد نفسي في القصيدة العمودية نظراً لأني تربيت عليها وشكّلت مخزوني الشعري الأكبر من خلال قراءاتي لكبار شعراء الكلاسيكية العرب، لكن القصيدة أخيراً هي التي تختار شكلها ولبوسها، وهي تأتي دائما كما يجب أن تأتي، الأشكال الشعرية كلها موجودة وبقوة في المشهد الشعري العربي، المهم هو الشعر بأي شكل أتى. أما القصيدة التقليدية في عصرنا هذا فما زالت واقفة وسامقة ومتجددة، وأزعم أن هناك قصائد عمودية معاصرة أكثر حداثة من قصيدة النثر، وأستدلّ هنا فقط بتجربة الشاعر السوري "عبد القادر الحصني" ففي تجربته كفاية لإثبات ما ذهبتُ إليه.

  • وإذا أردنا أن نضيق العدسة قليلاً، كيف ترى المشهد الأدبي في محافظة "إدلب"؟
  • ** هو غنيٌّ وراقٍ بلا شك، فيكفي أن نذكر في مجال الرواية على سبيل الذكر لا الحصر "عبد العزيز الموسى" وفي القصة "خطيب بدلة" و"تاج الدين الموسى" وغيرهم كثر من باحثين ودارسين، أما في مجال الشعر فشعراء "إدلب" كثر ومنهم من تجاوز المحلية والقطرية إلى العربية، بل وجدوا لهم إلى ما بعدها سبيلا.

  • وبضاعة الشعراء إنْ أنفقتها، نفقتْ، وإن أكسدتها، لم تنفقِ، أليس هذا ما قاله الشاعر العربي قديماً، ماذا عن وسائل التوصيل في زمننا وبلدنا؟
  • ** غالباً ما تسود المحاباة وأشياء أخرى وتغلب على وسائل النشر بكافة أشكالها، فهي متاحة للبعض دون الآخر، والمعيارية ليست الجودة وإنما تحتكم لمعايير أخرى، وليس لنا ملجأ إلا دور النشر الخاصة ومنابر المراكز الثقافية التي تتيح لنا اللقاء بالناس وعرض نتاجنا، والمراكز في "إدلب" أكثرها فعال ويقوم بمهامه بشكل لا بأس به.

    من الجدير بالذكر أن الشاعر "عبد العليم زيدان" أو (الشيخ) كما يسميه أصدقاؤه، له ثلاث مجموعات شعرية:

  • (سأموت يا الله نبلا) عام 2003

  • (احتراقات على جسد بارد) 2004

  • - (في محراب المطر) 2009