«تعتبر عائلة القصاب في "معرة الإخوان" من العائلات التي كان لها باع طويل في ثورة "هنانو" حيث اشترك في الثورة أكثر من خمسة من أبنائها وكان لها شرف استضافة زوجة "هنانو" وحمايتها في مرات عديدة، كما أن بيوتهم كانت غرف العمليات التي ينطلق منها الثوار لتنفيذ غاراتهم ضد الحملات الفرنسية التي كانت تداهم المنطقة بين الحين والآخر». والكلام للسيد "رافع فارس قصاب" الذي التقاه موقع eIdleb في منزله، وهوأحد أبناء عائلة "القصاب" التي سطّرت تاريخاً حافلاً ليحدثنا عن تاريخ عائلته، حيث قال:

«كان جدي "محمد علي قصاب" من أهم رجال ثورة الشمال التي قادها المجاهد "إبراهيم هنانو" وكان معه في الثورة أبي وثلاثة من أعمامي وهم "مصطفى" و"هزاع" و "علي" والذي كان يعرف بـ"قصاب" و"أبي فارس" الذي كان أصغرهم سناً لكنه تمتع بالحنكة والحكمة فكان من أكثر رجال الثورة شهرة، وكان عمي "قصاب" من أكثر رجال الثورة جرأة وقوة وقد روى لي عن محاكمة "هنانو" في "حلب" والتي حضرها بنفسه، فعندما عاد "هنانو" من الأردن مرَّ ببيت بدويّ في منطقة "درعا" وهزعمود البيت، فقال له صاحب البيت طلبك مجاب ولو كنت "إبراهيم هنانو" فقال له أنا "هنانو" فأكرمه الرجل واستضافه في منزله لكن الوشاة أوقعوا به وسلموه للفرنسيين فأحضروه إلى "حلب" لمحاكمته.

بعد التداول قررت المحكمة الإفراج عن الزعيم "هنانو"، فحمله من في القاعة على الأكتاف وخرجوا به إلى شوارع حلب

ويقول عمي "قصاب" عندما دخلنا قاعة المحكمة وكان "هنانو" في قفص الحديد والقاعة مليئة بالناس، وكان المحامي "سعد الله الجابري" فقام ممثل النيابة وقال: «إن "إبراهيم هنانو" شقي ورئيس عصابة يقوم بنهب وسلب المواطنين والاعتداء على ممتلكاتهم وأموالهم ويخلق الفوضى والفساد في البلد لذلك أطلب أشد العقوبة بحقه وهي الإعدام رمياً بالرصاص. فقام عمي ورفع يده لكي يسمحوا له بالكلام إلا أنهم لم يسمحوا له في المرة الأولى والثانية والثالثة وفي المرة الرابعة قالوا له تكلم فقال: «فرنسا الامبرطورية العظمى ذات الأساطيل والجيوش التي تحارب في البر والبحر واجتاحت عدة دول في أيام قليلة، تحاكم البطل "إبراهيم هنانو" الثائر من أجل حرية بلاده.

الحاج رافع قصاب بجانبه صورة والده

فقالوا له اجلس فجاء "سعد الله الجابري" مرة أخرى وقال له تكلم يا "آغا" فقد خُفّفَ الحكم بكلامك إلى /15/ عاماً، والتفت إلى رئيس المحكمة وقال له: إن الشاهد لديه كلام آخر يريد قوله، فنظر عمي إلى رئيس المحكمة وقال له: ألم نلتق معك في "جبل الزاوية" وقد تناولنا الغداء وتوصلنا إلى الصلح وقتها فلم تقل هناك أن "هنانو" مجرم أو سفاح ماالذي حصل الآن؟. فقال له رئيس المحكمة: إجلس، فقال "هنانو": «يا للعجب أن الأفواه التي تنطق بالحق تغلق وتكف ألسنتها عن الكلام، إنني أطلب محكمة عادلة ولتكن في "جنيف"».

وبعد عدة محاولات تكلم عمي من خلالها فقال رئيس المحكمة الجنرال "غوبو": «بعد التداول قررت المحكمة الإفراج عن الزعيم "هنانو"، فحمله من في القاعة على الأكتاف وخرجوا به إلى شوارع حلب».

الزعيم إبراهيم هنانو

ويضيف "القصاب": «من القصص الأخرى التي جرت في منزل جدي "محمد على قصاب" أنه حمى زوجة "هنانو" في أحد المرات من حملة فرنسية استهدفتها حيث نزلت الحملة إلى الجهة الغربية من القرية، وكانت زوجة الزعيم "هنانو" تأتي إلى منزل جدي عندما يذهب للحرب وتبقى حتى يعود، فجاء أحد الرجال الذين أرسلهم قائد الحملة وقال أنه يحمل رسالة من "هنانو" إلى زوجته فأخذوه إالى "التكنة" التي تجلس فيها النساء وعندما دخل الغرفة وجد جميع النساء ترتدين نفس الزي فقال أن "أبا طارق" أي "هنانو" يحملك رسالة، فقالت لجدي: هذا جاسوس فاقتلوه، وبعد أن خرج مع جدي ذهب به إلى البيت فأعطاه فنجان القهوة المرة وملأه بالليرات الذهبية فأخذها الجاسوس وقال لقائد الحملة لم أجد أحداً، وهكذا كان له دور كبير في حماية زوجة "هنانو" وأبناء القرية جميعا».

فارس قصاب أحد مجاهدي ثورة هنانو