إلى الشمال الشرقي لمدينة "إدلب" وعلى بعد حوالي /14/ كيلو متراً وإلى الشرق من مدينة "معرتمصرين" تقع قرية "زردنا" التي تحيط بها حقول القمح والشعير من كافة جوانبها. ورد ذكرها في العديد من كتب التاريخ ويقول الباحث التاريخي "عبد الحميد مشلح" أن كلمة "زردنا" تعني "الزرع" لكثرة الحقول المزروعة بالقمح والشعير التي تحيط بها، وهي بلدة عريقة في القدم فتحها "أبو عبيدة بن الجراح" سنة /17/ هجرية، وفي فترة الحروب الصليبية تبادل السيادة عليها المسلمون والصليبون حتى تم تحريرها من الصليبين على يد البطل "صلاح الدين الأيوبي".

موقع eIdleb وعند زيارته لهذه القرية التقى العديد من أبنائها ليحدثونا عن ماضيها وحاضرها فكانت البداية مع الحاج "صادق يونس" أحد أكبر سكان القرية سناً والذي يزيد عمره عن الثمانين عاماً حيث قال لنا: «قرية "زردنا" كغيرها من قرى وبلدات محافظة "إدلب" الشمالية فقبل أكثر من نصف قرن كانت الحياة مختلفة فيها حيث تعتمد في إنتاجها الزراعي على القمح والشعير، وكانت الزراعة بدائية على الدواب والحصاد بـ"المنجل" وجمع المحصول الذي يسمى "الرجاد" على "الشاحر" الذي يوضع على الدابة وينقل إلى "البيدر" وعملية "الدراس" على "الحيلان" الخشبي حيث يستغرق وقتاً طويلاً قد يمتد لأكثر من شهرين نمضيها على "البيدر"، وتميزت "زردنا" عن غيرها من القرى أن بيوتها كانت مبنية من الطين والخشب نظراً لطبيعة المنطقة السهلية التي توجد فيها».

تحتوي القرية على العديد من الخدمات ومن أهمها "البلدية" و"المركز الصحي" الذي يقدم الخدمات الطبية لها وللقرى المجاورة كما تحتوي على "مقسم هاتف" و"وحدة إرشادية زراعية" وفيها مدرستان للتعليم الأساسي الحلقة الأولى والثانية و"ثانوية" للذكور والإناث كما يوجد فيها شبكة "صرف صحي" و"هاتف" و"كهرباء" و"مياه شرب" وما يزال أبناؤها تربطهم علاقات اجتماعية جيدة فتجمعهم الأفراح والأحزان ويتواصلون مع بعضهم بعلاقات اجتماعية مميزة

ويضيف قائلاً: «من الحوادث الغريبة التي تعرضت لها أثناء الاحتلال الفرنسي لـ"سورية" أنها أحرقت بالكامل وسبب ذلك أن أحد أبنائها ويدعى "محمد سعيد رجو" أطلق النار من بارودته على طائرة فرنسية عبرت سماء القرية فجاءت الحملة الفرنسية للتفتيش عن السلاح الموجود فيها، وقال لهم حارس القرية نتيجة الضغط الذي مورس عليه أن أهل القرية وضعوا السلاح في بيادر القمح فقامت الحملة بحرق البيادر بالكامل وأخرجوا السكان من البيوت وفتشوها ونهبوا محتوياتها وجمعوا الرجال في الجهة الشرقية من القرية وأرادوا أن ينفذوا فيهم حكم الإعدام رمياً بالرصاص وفي تلك الأثناء جاء رجل من قبل قائد الحملة ومعه قرار العفو عن الرجال، لكنهم أخذوا رجلين إلى قائد الحملة فقتل أحدهما وعفا عن الآخر بسبب شفاعة أحد أبناء "سراقب" التي كانت تتمركز فيها الحملة».

الحاج صادق يونس

كما التقينا المهندس "مصباح يونس" رئيس البلدية السابق ليحدثنا عن الواقع الحالي لقريته والذي قال: «يوجد في القرية العديد من المواقع الأثرية ومن أهمها مقام الشيخ "محمد الصمادي" الذي اشتهر بكراماته، كما يوجد فيها تل أثري يعود إلى عصور قديمة لم يعرف تاريخها بسبب عدم اكتشافه من قبل البعثات الأثرية في المحافظة. يبلغ عدد سكان "زردنا" حوالي /7500/ نسمة يعمل معظمهم بالزراعة والوظائف الحكومية، ومن أهم الزراعات فيها "القمح" و"الشعير" والمحاصيل الحقلية الأخرى وقد دخلت مؤخراً زراعة أشجار الزيتون. وتبلغ مساحة القرية حوالي /2000/ هكتاراً ومساحة المخطط التنظيمي /150/ هكتاراً».

ويتابع القول: «تحتوي القرية على العديد من الخدمات ومن أهمها "البلدية" و"المركز الصحي" الذي يقدم الخدمات الطبية لها وللقرى المجاورة كما تحتوي على "مقسم هاتف" و"وحدة إرشادية زراعية" وفيها مدرستان للتعليم الأساسي الحلقة الأولى والثانية و"ثانوية" للذكور والإناث كما يوجد فيها شبكة "صرف صحي" و"هاتف" و"كهرباء" و"مياه شرب" وما يزال أبناؤها تربطهم علاقات اجتماعية جيدة فتجمعهم الأفراح والأحزان ويتواصلون مع بعضهم بعلاقات اجتماعية مميزة».

البيوت الطينية في زردنا
المهندس مصباح يونس