لكون الحياة لا توجد من دون الماء، والماء هو العنصر الأساسي لوجود الإنسان، فإن المدن والقرى القديمة قامت أغلبها على مجاري الأنهار، وفي المناطق القريبة من الينابيع حيث يسهل توصيل الماء إلى المنازل والأحياء، وكان اهتمام الناس منصباً على إيجاد طريقة يستطيعون من خلالها جلب الماء إلى داخل المدينة أو القرية التي يسكنونها، فكانت الآبار هي الحل الوحيد لهذه المشكلة و"بئر القاضي" في "أريحا" مثال على ذلك.

موقع eIdleb التقى السيد "مصطفى سماق" مدير مكتب التوثيق السياحي والأثري في مدينة "أريحا" ليحدثنا عن جب القاضي قائلاً: «يعتبر "جب القاضي" في المدينة القديمة من أهم المصادر التي تزودها بالماء، يقع في القسم العلوي من المدينة، وهو منهل مائي يعود تاريخه إلى العهد "الأيوبي" سنة /600/هجرية، كما يعتبر من الخدمات المائية العامة التي أوجدها "الأيوبيون" في المدينة، والهدف من وجوده تقريب الماء على سكان المدينة، فبدل أن يذهبوا إلى النبع الأساسي في "جبل الأربعين" أصبح الماء يأتيهم إلى قلب المدينة، وبعد الكشف عن "الجب" تبين وجود قنوات فخارية تصله بنبع "كوز القسطل الغربي" الموجود في الجبل، وهذه القنوات بدورها تزود "الجب" بالماء من هذا النبع».

جاءت تسمية الجب بهذا الاسم لأن "الأيوبيين" أوكلوا أمره إلى قاضي المدينة الذي قام بتعيين خادم ومشرف لمراقبة مائه وتعبئته من خلال القنوات الفخارية كلما قل الماء فيه، ولتنظيم الناس الذين يأتون لأخذ الماء باعتباره من أهم المصادر المائية لمدينة أريحا، كما سميّ الحي الموجود فيه حي القاضي، وكان محط أنظار المماليك ثم العثمانيين عند دخولهم "أريحا" سنة /922/هجرية

ويضيف "السماق": «جاءت تسمية الجب بهذا الاسم لأن "الأيوبيين" أوكلوا أمره إلى قاضي المدينة الذي قام بتعيين خادم ومشرف لمراقبة مائه وتعبئته من خلال القنوات الفخارية كلما قل الماء فيه، ولتنظيم الناس الذين يأتون لأخذ الماء باعتباره من أهم المصادر المائية لمدينة أريحا، كما سميّ الحي الموجود فيه حي القاضي، وكان محط أنظار المماليك ثم العثمانيين عند دخولهم "أريحا" سنة /922/هجرية».

سماق

ويقول "السماق": «يعد "المنهل" من أهم المعالم الأثرية في مدينة "أريحا" القديمة، وتم الكشف عنه بـ"العمل الشعبي" وجهود الناس المهتمين من أصحاب المدينة، وتحت إشراف مكتب التوثيق السياحي والأثري، وبعد مضي عشرات السنين على اندثاره تحت الأنقاض نتيجة الإهمال والتعدي البشري، فتم حفر ما يقارب المترين منه، حيث أُظهرت نهايات القنوات الفخارية التي تصب بـ"البئر" وأُظهرت "الحلّية" وهي عبارة عن حجر بازلتي منحوت بشكل دائري يوضع على فم البئر مثقوب من الوسط لتسمح هذه الفتحة بمرور "الدلو" من خلالها وذلك للمحافظة على نظافة "الجب" لعدم سقوط الأتربة والأوساخ فيه، وظهر "الجب" كموقع أثري وسياحي مميز في المدينة ومعلم مهم من معالمها القديمة».

كما التقينا السيد "محمود الجسري" أحد أبناء "حي القاضي" والذي شارك في عملية ترميم الجب والكشف عنه والذي يقول: «تم الكشف عن معالم "جب القاضي" بعمل تطوعي من قبل أبناء الحي، وبجهودهم وعملهم وتحت إشراف مكتب التوثيق والبلدية، رغبة منا بعكس صورة حضارية جيدة عن المدينة، من خلال كشف كل المعالم الأثرية الموجودة فيها، وبالنسبة لي بدأ اهتمامي بالكشف عن جب القاضي حباً مني بالآثار، ولأن الحي يعرف بـ"حي القاضي" ما يدل على أهمية هذا المعلم الأثري، وخشيتي من أن تضيع معالم الجب بشكل كامل وتندثر، وخصوصاً بعد التوسع العمراني الذي حدث في الفترة الأخيرة وشمل الحي بالكامل، فقررت أنا وعدد من الناس المهتمين بهذه الأعمال من أبناء المدينة أن نكشف الجب، ونكشف المجاري الفخارية المؤدية إليه، ونقوم بترميمه على قدر المستطاع، وكان لي دور كبير في ذلك كوني أعمل بالتبليط والترميم فقمت بترميم عدد من البيوت الغمس القديمة ولدي خبرة في القيام بمثل هذه الأعمال، وتم والحمد لله انجاز العمل بشكل جيد أعطى للحي طابعاً أثرياً حقيقياً».

محمود الجسري

أما السيد "يوسف الصوص" من مدينة "أريحا" يقول: «أجمل شيء في أي مدينة معالمها الأثرية التي تحتويها، ومدينة أريحا تحوي آلاف المعالم الأثرية المهمة التي تثبت عراقة هذه المدينة، ولكن يوجد فيها عدد من المعالم المهمشة التي تحتاج لبعض الاهتمام، وجب القاضي واحد من هذه المعالم، وفكرت أظهار معالمه فكرة جداً رائعة، تعكس صورة حضارية عن المدينة وتجعل من الزائر لهذا الحي يدرك قيمته الأثرية، كما تجعل من المهتمين بالآثار والذين يسمعون بـ"جب القاضي" الذي كثيراً ما يذكر في "أريحا" يعرفونه حقيقةً».

يوسف الصوص