مطلع وعلى قدر واسع من الثقافة في شتى مجالات الحياة، لديه خبرة في التعليم تقارب 33 عاماً، إنه الأستاذ "ابراهيم خشان" مُدرس قديم في مدرسة "المحلول" للتعليم الأساسي، ويعتبر من المشاركين في الأمسيات القصصية التي يقيمها المركز الثقافي بـ "المعرة"، درس اللغة العربية في جامعة "حلب" لكنه يُرجع الفضل في دخوله مجال الكتابة إلى هواية موجودة لديه منذ الصغر، موقع eIdleb التقاه في منزله ليتحدث في البداية عن هواية طفولته قائلاً: «أنا من مواليد "المعرة" عام 1952، مصدر ثقافتي ببساطة هو الاطلاع من أوسع أبوابه، وتولد ذلك لدي حين كنت طفلاً في الصف الخامس، ولا أنسى بائع الكتب ذلك الرجل الحموي الذي كان يعرض كتبه القديمة جانب مصرف التسليف، وهذه الكتب كانت قيمة جداً وأحتفظ في مكتبتي بنسخٍ منها، في البداية معظم ما تعلقت به روايات عربية كروايات "نجيب محفوظ" و"إحسان عبد القدوس"، وحتى لا أنشغل عن الدراسة بالقراءة منعني والدي من شراء الكتب مرات عدة لكنني كنت أعود إلى عادتي بسرعة، ولا يكاد ينتهي كتاب بين يدي حتى أجلب كتاباً غيره».

الأستاذ "ابراهيم" شرح عن ممارسته لمهنة التعليم بالقول: «يجمعني مع الطلاب علاقتي ترغيب وترهيب في ذات الوقت، وأعتقد أن التعليم لا يستمر بالترغيب وحده، ولا بد أن يصاحبه التخويف بأشياء أخرى غير الضرب مثلاً، ويُقال إن "الطالب إن لم تشغله شغلك" وهذا صحيح ويعتمد على قدر ثقافة الأستاذ ومعلوماته الغنية التي يستطيع إدخال الطالب بها إلى آفاق وأفكار بعيدة، ولهذا فإن العلوم بأنواعها تغني أحياناً عن تعلم طرق إعطاء الدرس وما يرتبط بذلك، وأذكر مثالاً عن أستاذ كان يشرح معنى كلمة "معصم" لطلابه أنها تعني "خاتم" وتصور أنه لم يقتنع بقولي إن "المعصم" هو نهاية الساعد، لذلك فإني أتوجه إلى المجتمع باللوم على ضعف مستوى التعليم، وعلينا ألا نلوم المعلم دائماً».

العلم جزء من الثقافة، حيث إن الثقافة ذات معنى أشمل، ومع أن العلم يرتبط بالثقافة فإن للخبرة الشخصية دورا أساسيا في تقدم العلم، وهذا التعليم يعود أثره على المعلم، كما أن له الأثر الكبير في تكوين الشخصية الثقافية، وبرأيي فإن الثقافة عندما تكون مزدهرة في بلد ما يكون هذا البلد قد قطع شوطاً كبيراً في القضاء على الجهل والتخلف، وأحسب أن مجتمعنا لا يخلو من المثقفين الكبار خاصةً في مجال الأدب

وعما قرأ وكتب أضاف: «كتبي التي أقرؤها تتنوع بين الاجتماعي والفلسفي والاقتصادي والسياسي وكلها ترادف بعضها لتصنع ثقافة متنوعة ومهمة، وتجمعني علاقة قوية مع المركز الثقافي بـ "المعرة" استفدت من خلالها من كتب المركز ثم أفدت المركز بمشاركاتي في بعض أمسياته القصصية، وأعتبر أن أجمل ما قرأت كتاب "العقد الفريد" لـ "ابن عبد ربه"، و"أولاد حارتنا" لـ "نجيب محفوظ"، و"قصة الحضارة" لـ "ول ديورانت"، ورواية "لقيطة" لـ "محمد عبد الله"، وكتاب "صيد القلم"، وفترة القراءة التي كنت أقضيها بين الكتب لم تخل من تجربة الكتابة لدي، وهذه الملكة كانت حصيلة قراءة مستمرة يتم فيها التركيز على الفكرة التي يريدها الكاتب، ومن ثم مناقشة هذه الفكرة ذاتياً للوصول إلى حل يخدم المجتمع، وكان أكثر مجالات كتابتي القصة والخواطر والشعر النثري، وأجمل ما كتبت كان كتاب "لعنة الجسد" و"الإله ورهبة الموت"، وكتاب "صرخة في صدر الشرق"، وكتاب مستوحى من حادثة شخصية هو "غداً لا معنى للعيد"، وفي السابق كتبت روايات عديدة ولم أتمكن من إكمالها لضيق الوقت، فمن يريد تحصيل الأدب يجب ألا ينشغل بأي شيء سوى تحريك الحس في عالمه الذي إن أعطيته وقتك أعطاك ما يفيدك، أما إن شغلك أي شيء آخر فإن العقل لا يعطيك وحده إنما ينشغل بالآخرين مثل الانشغال خلال القراءة، ولا بد لحرفة المطالعة من روافد أساسية وهي الحصول على الوقت الكافي ووجود العامل المادي».

مكتبة الأستاذ ابراهيم

وما العلاقة بين الثقافة وتحصيل العلم من وجهة نظر الأستاذ "ابراهيم"؟ عن ذلك أجاب قائلاً: «العلم جزء من الثقافة، حيث إن الثقافة ذات معنى أشمل، ومع أن العلم يرتبط بالثقافة فإن للخبرة الشخصية دورا أساسيا في تقدم العلم، وهذا التعليم يعود أثره على المعلم، كما أن له الأثر الكبير في تكوين الشخصية الثقافية، وبرأيي فإن الثقافة عندما تكون مزدهرة في بلد ما يكون هذا البلد قد قطع شوطاً كبيراً في القضاء على الجهل والتخلف، وأحسب أن مجتمعنا لا يخلو من المثقفين الكبار خاصةً في مجال الأدب».

من الجدير بالذكر أن الأستاذ "ابراهيم" لديه مكتبة تضم مئات المجلدات والكتب، وفي ذاكرته الخصبة مكتبة من نوع آخر تختزن الكثير من المواقف التي يستند عليها في مدد أفكاره القصصي، وقد ذكر عادات وعلاقات إجتماعية أصيلة من بيئة "المعرة" أسهمت في تفتيح ذائقة الكتابة لديه، بالإضافة إلى ما ذكر من اعتماده على الخيال الذي كان غالباً ما يقرن حصوله بأحداث واقعية.

بعض القصص التي ألفها
الأستاذ ابراهيم مع أبنائه