تُعتبر "عين الكبيرة" الرومانية في قرية "نحلة" من أهم معالم القرية، تتوضع في الوادي الذي يقسم القرية حالياً إلى قسمين، وتقع في الساحة الرئيسية القديمة للقرية، وبالقرب من الجامع القديم، الذي يشكل وإياها تاريخاً قائماً شاهداً على عراقة القرية.

وليست "عين الكبيرة" الوحيدة في القرية إنما يوجد ما يزيد على أربعين عيناً أُخرى فيها، منها ما دُثر ولم يعد من معالمها أي شيء يثبت وجودها، ومنها ما يزال قائماً إلى الآن، على الرغم من نضوب مائها في فترات الجفاف الأخيرة، وعين الكبيرة واحدة من أشهر هذه العيون التي لا تزال قائمة، ولها حكاية مع كل فرد من أفراد القرية.

هي من الأماكن المعروفة في القرية، والتي لها أهمية حضارية مهمة، وهنا من المفترض العمل على إظهار هذا المعلم والاعتناء به ومنع الاعتداء البشري عليه، لأنه إرث لا يزال حاضراً في ذاكرة أبناء القرية جميعاً

موقع eIdleb زار قرية "نحلة" وكان لنا وقفة مع "أحمد العبسي" أحد أبناء القرية، ليحدثنا عما يعرفه عن "عين الكبيرة" والذي يقول: «من أقدم وأهم معالم القرية "العين الكبيرة"، ولا تزال تتردد على ألسنة أبناء القرية ويعرفها الجميع، ومنذ وعيت على هذه القرية والعين على ما هي عليه، كانت من أهم الموارد المائية بالنسبة للقرية، فمنذ بداية النهار تبدأ النساء بنقل الماء من العين على رؤوسهن، بـ"الخلاقين والقواديس والأوعية النحاسية" الأخرى، لتأمين ما تحتاجه منازلهن من ماء الشرب والغسيل وما إلى هنالك، وعلى الرغم من وجود عدد كبير من العيون في القرية إلا أنه لم تُقصد سوى "عين الكبيرة" لعذوبة مائها وبرودته ولا سيما في فصل الصيف، إضافة إلى قربها من القرية، وبقيت العين مصدر ماء القرية حتى فترة متأخرة حيث تم تخديم القرية بشبكة مائية، كما كان لها دور مهم في سقاية بساتين القرية الموجودة إلى الأسفل منها».

احمد العبسي

ويقول "عبد الكريم زحلان" أحد أبناء القرية: «لم يقتصر دور العين على مياه الشرب وسقاية البساتين، بل كانت مورداً لكل الرعيان وقطعان الأغنام والماشية، التي توجد في المنطقة، نظراً لعدم توفر مصدر مائي آخر غيرها، فكان يقصدها الرعيان بقطعانهم من مسافات بعيدة، فلم تكن مقصد لأهل القرية بل لجميع القرى المجاورة التي لا يوجد فيها مصادر مائية، والأجران الحجرية التي لا تزال موجودة حتى الآن تدل على ذلك، لأنها خصصت لكي تشرب منها الحيوانات، فكانت تتم عملية ورود القطعان بالدور فكل يقوم بتعبئة الأجران الموجودة حتى ينتهي فيأتي الذي يليه، وكان هناك بعض الأشخاص مسؤول عن تنظيم دور ورود القطعان وحل الخلافات بين الرعيان».

ويقول "مؤيد البيك" أحد شباب القرية: «"عين الكبيرة" عين رومانية معروفة، ولها أهمية تاريخية وقيمة أثرية لا تقدر بثمن، إضافة إلى الناحية الجمالية التي يعطيها وجود هذه العين في وسط القرية، لعبت دوراً مهماً في السابق ولاسيما من خلال استخدام مياهها للشرب، فعلى الرغم من تخديم القرية بالماء بقت العين مقصدا لأهل القرية للشرب من مائها لما يتمتع به هذا الماء من عذوبة ونقاء، حظيت بفترة من الفترات بشيء من الاهتمام فانشأ على منبعها بناء صغير يحفظها من الأوساخ والأتربة، ولكن نضوب مائها قلب الآية بالعكس فتحولت إلى مكب للأنقاض ولم تلقى أي اهتمام بعدد جفاف الماء، تعتبر هذه العين بئر يتراوح عمقه خمسة أمتار، لُبس بالحجر من داخله وتم تمرير سراب داخل التراب باتجاه التل من الجهة الشرقية، وقد رُصف بالحجارة بطريقة متقنة جعلته تحفة معمارية لا يوجد لها مثيل في القرية، ولها من الأعلى فسحة كبيرة وضع فيها مجموعة من الأجران الحجرية الكبيرة التي لا تزال مصطفة كما كانت، ولا يزال الناظر إلى هذه الأجران يُدرك حقيقة أهمية هذه العين بالنسبة للقرية».

أجران الماء الحجرية

ويقول "مصطفى حمادة" أحد أبناء قرية "نحلة": «هي من الأماكن المعروفة في القرية، والتي لها أهمية حضارية مهمة، وهنا من المفترض العمل على إظهار هذا المعلم والاعتناء به ومنع الاعتداء البشري عليه، لأنه إرث لا يزال حاضراً في ذاكرة أبناء القرية جميعاً».

مؤيد البيك