اشتهرت قرية "سرجة" كغيرها من قرى "جبل الزاوية" بكثرة العيون الرومانية التي تنساب على ثراها، وبين صخورها وحجارتها، وكان لهذه العيون شُهرة واسعة على مر الأيام والعصور، ولطالما عُرفت بغزارة مائها وعذوبته، وهي كغيرها من العيون الرومانية مؤسسة بطريقة متقنة ومنظمة، بحيث تخدم الناس وتوصل الماء إليهم بأيسر ما يمكن.

ولكن نظراً للجفاف الذي حصل في الفترات الأخيرة، فإن ماء معظم هذه العيون غاض ولم يعد لوجودها أي أثر، حتى إنه رُدم قسم كبير من هذه العيون وأصبحت طي النسيان، وفي هذا العام نظراً لمعدل المطر الكافي الذي هطل عادت الحياة إليها، وعاد ماؤها ينساب كسابق عهده ليبث البهجة والحياة في حقول القرية وبساتينها.

دائماً وفي فصل الربيع ما يلفت عين القادم إلى القرية سواقي المياه المنسابة بين بساتينها، والتي تضيف المشهد روعةً وجمالاً، ويُطرب الأذن أصوات خرير هذه السواقي، التي كانت تبقى على عهدها من الجريان حتى نهاية الصيف، ففي قريتنا ثلاث عيون رومانية أساسية اعتبرت ولفترات طويلة مصدر الماء الأساسي لشرب القرية، والقرى المجاورة، وهذا العام عادت الحياة إلى هذه العيون، وعاد ماؤها إلى الجريان، وأعادت القرية إلى سابق عهدها من الروعة والجمال

موقع eIdleb وأثناء جولته في قرية "سرجة" شاهد المياه منسابة في بساتينها وكان لنا وقفة مع الحاج "خيرات صطيفي" أحد أبناء القرية والمعمرين فيها والذي حدثنا عن ماضي العيون الرومانية قائلاً: «دائماً وفي فصل الربيع ما يلفت عين القادم إلى القرية سواقي المياه المنسابة بين بساتينها، والتي تضيف المشهد روعةً وجمالاً، ويُطرب الأذن أصوات خرير هذه السواقي، التي كانت تبقى على عهدها من الجريان حتى نهاية الصيف، ففي قريتنا ثلاث عيون رومانية أساسية اعتبرت ولفترات طويلة مصدر الماء الأساسي لشرب القرية، والقرى المجاورة، وهذا العام عادت الحياة إلى هذه العيون، وعاد ماؤها إلى الجريان، وأعادت القرية إلى سابق عهدها من الروعة والجمال».

الحاج خيرات

وتقول الحاجة "فاطمة العاصي" إحدى نساء قرية "سرجة": «كانت العيون الرومانية أساس وجود القرية، حيث أنه لم يكن للقرية مصدر مائي سواها، وكانت نساء القرية تتناوب وبشكل دائم منذ الصباح الباكر وحتى نهاية النهار على نضح الماء، من هذه العيون ونقله على رؤوسهن إلى القرية، وقد كانت "العين الكبيرة" من أغزر عيون القرية، وبقيت حتى فترات متأخرة مصدر شرب أساسي لأهل القرية، وفي هذا العام وبعد جفاف طويل عادة هذه العيون للجريان كما كانت، وعادة معها ذكريات الماضي التي كانت تُقضيها وتُمضيها كل نساء القرية في ذهابهن وإيابهن على طريق العين، والتي لم تكن تخفى عن أي امرأة في القرية وأتمنى لو تعود هذه العيون إلى سابق عهدها بشكل دائم، لأن الماء الذي تجود به لا يعادله ماء آخر، لا من حيث البرودة ولا العذوبة، وحتى الآن يوجد أناس كثر من أهل القرية يستخدمون مياه هذه العيون للشرب».

ويقول السيد "مصطفى زين الدين" أحد أبناء القرية: «منذ زمن بعيد لم تجري مياه العيون في القرية، والسبب الأساسي في ذلك الجفاف الذي حصل في عشر السنوات الماضية، وعدم هطول المطر الكافي الذي كان يغذي الينابيع التي تزود هذه العيون، ومن جهة ثانية نتيجة حفر عدد كبير من الآبار الارتوازية على طرفي الوادي الذي توجد فيه هذه العيون، كما أنه وجود مصادر مائية أخرى في القرية أدى إلى إهمال هذه العيون، فتراكمت بها الحجارة والأوساخ والأتربة الناتجة عن الجرف المائي، وأدى ذلك إلى انسداد أنفاقها وعدم وصول الماء القليل المتبقي فيها إلى مصبه وأماكن تجمعه الأساسية، وأدى ازدياد المعدل المطري هذا العام إلى جريان هذه العيون، وأصبحت محط أنظار معظم شباب القرية الذين لم يألفوا وجود الماء الجاري الذي يعطي لربيع القرية طعماً آخر».

المجرى المائي في العين الكبيرة
مصطفى زين الدين