إن أهم ما شغل القدماء طريقة توفير مصادر مائية للقرى والمدن التي يقطنوها، لأن الماء هو أساس الحياة، ولم يكن متوافراً الواقع الخدمي الذي فرضته الحياة الاجتماعية بالوقت الحاضر، الأمر الذي جعلهم يتجهوا لحفر الآبار، وشق الترع والسرابات من الأماكن البعيدة والقريبة لكي تصل بالمحصلة إلى التجمع السكني القائم، وتكفيه عناء البحث عن الماء.

فكانت الآبار الرومانية التي لا تكاد تخلو قرية من قرى "إدلب" من وجود عين أو أكثر، وكانت تنشأ هذه العيون وتبنى بطرق هندسية، فإضافة إلى أنها مصدر ماء فإنها مصدر جمالي وتاريخي يعكس عراقة وقدم القرية الموجودة فيها، وعين "معربليت" واحدة من هذه العيون.

إلى الشرق من القرية وفي منطقة أثرية ضاربة في القدم إلى جوار التل الأثري المعروف تقع عين "معربليت"، التي تُعرف بـ"عين البحرة"، وللعين أهمية كبيرة، حيث اقترن وجود القرية مع وجودها، ولم يكن فيها مصدر للماء سوى هذه العين، وبقيت حتى فترات متأخرة المصدر المائي الوحيد، ولا يكاد يوجد شخص من معمري القرية إلا وله حكاية على طريق العين، حيث كان يتم نقل الماء على الدواب من العين إلى القرية وذلك لبعدها بعض الشيء عن مركز القرية

موقع eIdleb زار هذه العين، وكان لنا وقفة مع السيد "محمد السماعيل" أحد أبناء قرية "معربليت" والذي يقول: «إلى الشرق من القرية وفي منطقة أثرية ضاربة في القدم إلى جوار التل الأثري المعروف تقع عين "معربليت"، التي تُعرف بـ"عين البحرة"، وللعين أهمية كبيرة، حيث اقترن وجود القرية مع وجودها، ولم يكن فيها مصدر للماء سوى هذه العين، وبقيت حتى فترات متأخرة المصدر المائي الوحيد، ولا يكاد يوجد شخص من معمري القرية إلا وله حكاية على طريق العين، حيث كان يتم نقل الماء على الدواب من العين إلى القرية وذلك لبعدها بعض الشيء عن مركز القرية».

مصطفى الخطيب

ويقول "مصطفى الخطيب" أحد شباب القرية: «تم بناء خزان مائي كبير فوق العين، وركبت عليها مضخة تقوم بتعبئة هذه الخزان، ومن ثم ضخ الماء إلى وسط القرية، حيث يوجد خزان آخر، ومن ثم يوزع الماء على أبناء القرية، ولكن بعد أن نضب ماؤها وجف، تُركت عرضة للعوامل الطبيعية التي أدت إلى تخريبها، وتصدع عدد كبير من أركانها وتبعثر حجارتها، التي بنيت بطريقة هندسية تدل على الخبرة المعمارية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ولا تزال إلى الآن الأجران الحجرية التي كانت تُملأ قديماً بالماء وبشكل دائم، موزعة ومصطفة على وضعها القديم على الرغم من تخريبها وتكسير عدد كبير منها».

ويضيف السيد "زين الزين" أحد مدرسي القرية: «العين من أقدم معالم القرية، ولا أحد يعلم كم عمرها، ولكن المتوارث عن أبناء القرية أنها حفرت على سراب يمر في تلك البقعة المنخفضة إلى الشرق من القرية، حيث يبدأ هذا السراب من جهة الجبل بالغرب وينطلق ليمر على كل القرى القديمة التي كانت موجودة، والدليل على ذلك أنها موجودة في منطقة منخفضة عما حولها، وماء العين في فترات عملها السابقة مهما تعرضت للنضح الشديد أو تركت لفترات طويلة فإنها لا تزيد ولا تنقص، استخدمت العين من قبل أهالي قريتنا والقرى المجاورة وكانت محط أنظار واستراحة لعدد كبير من رعاة المنطقة وقطعانها».

الأجران الحجرية

ويضيف السيد "زين": «اشتهر ماء هذه العين بعذوبته ونقاوته وبرودته، ولا يزال إلى الوقت الراهن على ما هو عليه، وأُطلق عليها محلياً "بحرة السودة" دليل على ذلك، كما تعتبر العين من أغزر المصادر المائية في السابق وتعرف المنطقة الموجودة فيها باسم "البحرة" لأنه لم يكن يوجد أي مصدر مائي في القرية أو حولها إلا هذه العين، في الفترة الأخيرة أدى الجفاف إلى إهمال العين بشكل كبير، ولكن يجب العمل على إعادة ترميها والاعتناء بها على أنها معلم أثري من أهم معالم القرية».

زين الزين