في شهري "تموز وآب" من كل عام، يبدأ الأهالي بتحضير "السليقة" التي يصنع منها "البرغل" المؤونة الأساسية في البيت الريفي.

حول طريقة تحضير "السليقة" تحدثت لموقع eIdleb الحاجة "أمينة المحمد" بالقول: «بعد أن نقوم بحصاد موسم القمح، تقوم كل عائلة بتحديد كمية تكفي حاجتها من مؤونة "البرغل"، حيث نقوم بغربلة القمح لتخليصه من حبات التراب والحصى والقش والشوائب الأخرى، ثم نقوم بتصويل القمح أي نقعه في الماء لتنظيفه من الغبار، بعدها نبدأ بالتحضير لعملية السلق من خلال إعداد النار وتجهيز "الحلة"، وهي وعاء معدني كبير يستخدم لسلق القمح، حيث يتم تقسيم الكمية المراد سلقها إلى دفعات وتوضع داخل "الحلة" ويسكب فوقها الماء حتى يغمرها، وتتراوح مدة سلق كل وجبة بين ساعة وساعة وربع وذلك حتى تنتفخ حبات القمح دلالة على نضجها، نطفئ النار تحت "الحلة" ونغطي "السليقة" بقطعة قماش لبعض الوقت كي تختمر ويكتمل نضجها على بخارها، نقوم بعد ذلك بتفريغها وننشرها على سطح المنزل تحت أشعة الشمس كي تجف، حيث تبقى لمدة يومين، نقوم بعدها بجمع "السليقة" بعد جفافها وإعادة غربلتها من جديد لتنظيفها من الشوائب التي تكون قد التصقت بها أثناء عملية التجفيف، ثم تعبأ بأكياس وترسل إلى الجاروشة الآلية لكي تجرشها، حيث ينتج عنها ثلاثة مكونات وهي "البرغل" وهو الناتج الأساسي و"الصريصرة" وهي برغل ناعم يستخدم لصناعة "الكبة" و"شوربة الصريصرة"، وكذلك تنتج عن "السليقة" بعد جرشها "النخالة" وهي تستخدم علفاً للأغنام والأبقار».

أتذكر عندما كنا أولاداً وعندما يقترب وقت تحضير "السليقة" كانت أمي تطلب منا جمع "الجلة" وهي وقود للنار يصنع من روث الأبقار والأغنام، وكانت "الحلة" المستخدمة في السلق أكبر بكثير من "الحلة" المستخدمة حالياً حيث كانت تتسع لحوالي 200 كغ قمحا في كل دفعة، وكانت كل القرية تشترك بحلة واحدة يتناوبون على استخدامها، وكنا نحن الأولاد نتجمع حول أمهاتنا وهنّ يسلقنّ القمح بانتظار نضجها ونحن متشوقون لتناول أكلة "السليقة بسكر"، حيث يحمل كل واحد منا صحنه لتسكب لنا فيه كمية من "السليقة" نقوم بخلطها بقليل من السكر، وكنا نتلذذ كثيراً بتناولها خاصة أن نكهة القمح آنذاك كانت أطيب بكثير من نكهتها اليوم، لأنها كانت على الطبيعة وبعيدة عن السماد والمخصبات الأخرى

الحاج "خالد الزهران" تحدث عن ذكريات "السليقة" أيام زمان بالقول: «أتذكر عندما كنا أولاداً وعندما يقترب وقت تحضير "السليقة" كانت أمي تطلب منا جمع "الجلة" وهي وقود للنار يصنع من روث الأبقار والأغنام، وكانت "الحلة" المستخدمة في السلق أكبر بكثير من "الحلة" المستخدمة حالياً حيث كانت تتسع لحوالي 200 كغ قمحا في كل دفعة، وكانت كل القرية تشترك بحلة واحدة يتناوبون على استخدامها، وكنا نحن الأولاد نتجمع حول أمهاتنا وهنّ يسلقنّ القمح بانتظار نضجها ونحن متشوقون لتناول أكلة "السليقة بسكر"، حيث يحمل كل واحد منا صحنه لتسكب لنا فيه كمية من "السليقة" نقوم بخلطها بقليل من السكر، وكنا نتلذذ كثيراً بتناولها خاصة أن نكهة القمح آنذاك كانت أطيب بكثير من نكهتها اليوم، لأنها كانت على الطبيعة وبعيدة عن السماد والمخصبات الأخرى».

الحلة المستخدمة في سلق القمح

ويضيف الحاج "خالد": «أيام زمان كان يتم جرش "السليقة" يدوياً بواسطة "حجر الرحى"، وكانت فتيات الجيران تجتمع لمساعدة بعضهنّ بعضا على الجرش، فكانت تلك الجلسات لا تخلو من السمر والغناء و"العداويات" التراثية، وفي إحدى تلك "العداويات" تقول إحدى الفتيات: "درن (أي أدرن حجر الرحى) يا بنات بكرا بجوزكن"، فتقول الأخريات: "لمين ولمين"، فتسمي لهنّ على سبيل المزاح والمرح اسم أحد المسنين في القرية، فيجبنها: "شوكو بلاني خدوه عالجباني" أي إنه على حافة قبره، ثم تسمي لهنّ في المرة الثانية اسم أحد شباب القرية فيجبنها: "منريدو منريدو ومناخد الشملة من إيدو"، ويبقين يرددن هذه "العداوية" حتى ينتهين من عملية الجرش، حيث تقوم إحدى الفتيات بصناعة الكبة من آخر وجبة تم جرشها، وتسمى هذه الوجبة "الزقزوقة"».

أثناء عملية السلق
تجفيف السليقة