يعتبر نفسه شخصية غير مألوفة حتى لنفسه- على حد قوله- فأجوبته غير اعتيادية وسيسأل القارئ أين الجواب؟ لا بل كم سؤالاً طرح في جوابه؟ إن اعتبرنا هذا الرعب الذي تفوّه به جواباً، ويعتبر نفسه أيضاً شخصية تحتقر التكوين كله، وسبق أن قال فيه شقيقه "فرانكو": «إنك يا "Freedom" سؤالٌ تهرب منه كل الأجوبة».

ومرةً عرّف نفسه بأنه "سؤالٌ جائع" ومرةً قال بأنه "القبر المحلق أمام رعب السؤال"، وبما أن أجوبته كلها كانت دوماً كلمة أو كلمتين استطاع موقع eLatakia أن يتعرف أكثر وعن قرب إلى الأديب والكاتب "أكسم عبد الله" والمعروف تحت اسم "Freedom" والذي يعني "الحرية" والتي وصفها لنا في كتاباته بالقول: «سأتوسع في شرح الجواب قليلاً.. تحديداً لهذا السؤال خصوصاً أنك طرحت انفجاراً وليس سؤالاً، وكم لغةً سأحتاج لتضميد ما ارتكبت، بالنسبة لمفهوم الحريّة بشكلٍ عام أولاً ولن أدخل بالتعقيدات الهائلة كما في بحثي القديم، ولا أعرف إن قرأته "لا تكون حراً عندما تقدر على الفعل.. أو لا تقدر بل تكون حراً عندما تتخلص من كل القوانين كقانون الطعام والشراب و.. الخ"، ولن أعود لأقول هل خُلِقَ الخلق نتيجةً للحرية أم للضرورة أم ...، وعلى اعتبار أن الحريّة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالإرادة، فقد كان من الضروري وقبل كل شيء أن نسأل: هل نحن هنا في هذا الكون بإرادتنا أم رغماً عنّا؟ بالتأكيد وحسب ذاكرتنا أحداً لم تستشره علّة وجوده أو مكوِّنه في رغبته في أن يكون أو لا يكون، وبالتالي نحن هنا كلنا في الحالة القسريّة أو ما يُسمّى المعتقل الكوني، وقد تكون الأشياء مخلوقةً من قدرةٍ أشدّ منها قوةً أو أقلّ ضعفاً منها، بالارتكاز على السؤال الفريدومي الكبير هل المُوجد أو الخالق هو أقوى الأشياء أو أقلّها ضعفاً، وبالتالي نحن أتينا أو قُذفنا أو رُمينا أو لُفظنا من حالةٍ قسريّة، وعلينا جميعاً أن نلاحظ أن التطورات التي تطرأ على أجسادنا هي تطوراتٌ قسريّة، فنحن ننمو في طفولتنا رغماً عن أنفسنا، فإن قرر أحدهم البقاء طفلاً فسيفشل في ذلك كما سيفشل في مراهقته وشبابه وكهولته وفي قبره، المشكلة الأنكى من ذلك أننا لم نأت لكونٍ أو كوكبٍ مبنيٍ على التآلف، بل مبني على القتل والافتراس، ضمن هذه الحالة القسريّة اللاحريّة في التكون.. اللاحريّة في النمو.. اللاحريّة في الموت.. يمكن الاختيار في بعض الأشياء المحددة، وعلينا ألا نتوهم أن ذلك هو حريّة، لكن إن سلمنا لبعض الوقت أن ذلك حريّة، فقد تستغربين إن قلت لك أن أرقى حريةً في الكون هي حرية الموت، فنحن أتينا مُرغمين إلى الكابوس الكوني "كوكب الأرض" كوكب الافتراس، ولن يخدعني أحد عندما يقول إنها دورة الحياة إذاً.. وتجاوزاً سنقول إن الحرية ضمن إطارٍ فلسفيٍ بعيدٍ عن المشاعر، هي القدرة على الاختيار ضمن هذا المعتقل الكوني، أما وكحالةٍ شعريّة بعيداً عن الرياضيات بالنسبة للحرية، فإنه لمن السخف تعريف ما لم نحصره حتى الآن، فنحن عاجزون عن تعريف الفن.. عن تعريف الشعر.. عن تعريف الحب.. عن تعريف الموسيقا.. وإنه من الغرابة أدبياً تعريف حتى هجرة الطيور، وكم مرةً سألت نفسي هل الموسيقا راضيةٌ عني؟ هل الشعر راضٍ عني؟ هل.. وهل وهل؟؟، فنحن نستطيع إلى حدّ ما التكلم في خصائص هذه الأشياء لكن لن نستطيع تعريفها».

ليس لي قدوةً وأرفض أن أكون قدوةً لأحد، والأستاذ الجيد هو الذي يصنع في تلميذه أستاذاً جديداً لا أن يكرر نفسه في تلميذه، وإن ظهر بعد موتي من نسب نفسه "للفريدومية" فهو كاذب، فأنا لست بذرةً لحزبٍ أو طائفةٍ أو دين، و"Freedom" لن يتكرر مهماً كان حجمه أو صغره، وعندما أقول أن اسمي "Freedom"حينها أكون صريحاً، وأنا لا أحب الأسماء، فالمطر والجداول والغيوم لم تسمّ نفسها هكذا، إنما نحن من سمّاها بأسمائها

سؤالٌ وراء سؤال عرضه لنا "أكسم عبد الله" لينتهي بنا عند سبب اختياره لاسم "Freedom"حيث قال: «هل الحرية حالةٌ مخلوقة؟ أم هي حالة خلق؟، وهل الثورات في العالم هرباً من كبتٍ معيّن؟ أم عطشاً لحرياتٍ معينة؟.. وإن كانت الحرية هي التخلص من كل الاحتياجات والضرورات على اختلاف ألوانها ومقاساتها فأي معنىً سيكون للحرية إن وصلنا للكمال، بل هل هناك تفكيرٌ في حالة الكمال؟ فعندما يمتلئ الإناء ما الحاجة لتدفق المياه، فكيف بالحرية التي لم يتذوقها الشرق يوماً نتيجةً للكبت، وبما أن الحرية هي العدو الأول للشرق بكل مرادفاتها من حبٍّ ورقصٍ وغزلٍ وقـُبلٍ وسهرٍ وشربٍ واصطهاجٍ، فقد قررت أن يكون اسمي "فري دوم" فاسمي القديم ربطه في عنقي أبي وأمي، وأنا لا أثق بأفكارهما إن وجِدَت ولا بأغلالهما التي ربطوا أنفسهم بها فكان "فري دوم"».

اكسم عبد الله المعروف باسم "فري دوم"

"Freedom"يتحدث.. ويكتب الأدب الذي امتلأت مواضيعه بشيء من السخرية، ويظهر بأسلوب حب الأنا والظهور انطلاقاً من حديثه عن الأنا التي يخصها بأفكاره، وكأنه يحاول بلوغ "أرسطو".. ولكن هل يحب أن ينتقده الآخرون؟ وهل يتحمل مسؤولية ذلك على المنبر الواضح؟ وعلى مسمع ومرأى الجميع؟ فأجاب قائلاً: «الاستهزاء ملك الحرية.. والجميع هنا لا يسمعون ولا يرون، فعن أية مسؤولية تتحدثين؟ أليس من الغريب أن أنتقد الكون كله وأمنع أحداً من انتقادي؟ ولن يستطيع أحدٌ في الكون أن ينتقدني أكثر مما انتقدت نفسي، وهذا واضحٌ جداً في كتبي، وأنا لست في حالة سباق مع "أرسطو" أو غيره، ولا أعرف ما هو مقياس البلوغ هنا، وأعتقد أن أحداً منّا لن يتجاوز الآخر أو يبلغه فكلٌ منّا في طريق، ومشكلة "أرسطو" أنه حاول تبرير الفشل الكوني بفشلٍ أعظم، وبالنسبة للظهور فأنا كالريح تتحرك لا ليراها أحد ولا هرباً من مخبأ.. بل لأن طبيعتها الحركة والرحيل».

هناك ثمانية أعمال أدبية مكتوبة وجاهزة تحمل توقيع "فري دوم" وهناك أعمال قيد النمو كما أخبرنا وأضاف "أكسم عبد الله" قائلاً: «أول عمل أدبي كتبته لم يكن رواية بل كان مسرحية بعنوان "سارق الرغيف في التحقيق" وبالنسبة للنشر لم يُنشَر إلا الجزء الثالث من كتاب "التكوين المغترب" حتى أنه لم يُنشَر كاملاً، والمشكلة في العمل الأدبي أنه كجسد الفاتنة فأي فاتنةٍ نقتص من جسدها ونقول: انظروا هذه هي الفاتنة، لكن وعلى الرغم من الحذف كنت مصرّاً أن يُنشَر ولو حتى عشر صفحات من هذا الجزء أو من أي جزءٍ من أجزاء "التكوين" للإشارة أن هناك شيءٌ جديد، وأعتقد أنه النشر الأول والأخير باللغة العربية، ولن أسعى بعد اليوم مطلقاً لأي نشرٍ باللغة العربية، من المحتمل أن يكون هناك نشرٌ في الوقت القادم لهذا الجزء وباقي الأجزاء بلغاتٍ أوروبية، وبعد وفاتي لعل العرب سيسعون للقول إن هذا عربي».

الأدب في الشرق على حد قوله ليس مسيرة بل مجازفة، ويرفض أن يكون لساناً لغيره أو دكاناً للأدب : «ليس لي قدوةً وأرفض أن أكون قدوةً لأحد، والأستاذ الجيد هو الذي يصنع في تلميذه أستاذاً جديداً لا أن يكرر نفسه في تلميذه، وإن ظهر بعد موتي من نسب نفسه "للفريدومية" فهو كاذب، فأنا لست بذرةً لحزبٍ أو طائفةٍ أو دين، و"Freedom" لن يتكرر مهماً كان حجمه أو صغره، وعندما أقول أن اسمي "Freedom"حينها أكون صريحاً، وأنا لا أحب الأسماء، فالمطر والجداول والغيوم لم تسمّ نفسها هكذا، إنما نحن من سمّاها بأسمائها».

بضع أسطر قالها من قصيدته "اليتيم ابن الرحيل":

أيها الثأر الذي يعوي في طُرقاتي وأبوابي وكؤوسي وفي فراشي المضطرب كحقلٍ مهجور/ دعني فقصائدي خاليةٌ من الأحقاد والبارود مُتنازلةً عن كل الحقوق والنهود/ فأنا... أنا... إن ثأرتُ ثأرت/ كان ردّي... مُجردُ... قصيدة.

أيها الشعر المغروس في شرياني كبحرٍ يُحيطُ بغريق يتخبطُ فيه ويشربُ منهُ وينامُ فيه ويموتُ منه وفيه/ دعني فأنا لستُ أهلاً للثورات فأنا أسطورةٌ من الكوابيس والآلام.. وحذاء تخونهُ كل الدروب/ مملكتي يسكنها العويل وضبابٌ متسِخٌ بالدعاء وزهورٌ في صدر الرابيةِ العجوز يغتصبها البرد تارةً وبولُ متشردٍ تارةً أُخرى.. وتشاركني غُربتي فنحنُ ولدنا في خريفٍ طويلٍ طويلٍ طويل/ خريفٌ هو نفسهُ غريب لأنهُ حلّ في مكانٍ/ تهربُ منهُ كل الفصول.

بقي أن نذكر أن "أكسم عبد الله" والمعروف باسم "Freedom"مواليد "1977" من "البندقية" في قرية "رأس العين" التابعة لمدينة "جبلة" لديه من الأعمال الأدبية في الرواية "التكوين المغترب" بأجزائه الخمسة و"الثورة الجنسية" و"الضيعة الفاضلة" و"نهود إيطالية" أما رواية "العودة" فقد نُشرت على شكل مشاهد مسرحية، وفي مجال المسرح فقد كتب "الموجد أكثر من مجرم" ومن مجموعاته الشعرية "قدّاسات ساخنة" و"آلام الريح أو فساتين الريح" و"قصائد هدوء" وهناك كمّ هائل من القصائد لم تُصنّف بعد.