في إطار إدراكه للنقص في الثقافة العلمية وتغييب الوعي والإعلام والحس المجتمعي لخطورة هذه الظاهرة، قرر أن يبدأ من دائرته الضيقة، ويصحح وجهة النظر المتعارفة عبر سلسلة من المقالات التي تعتمد منهجاً رصيناً، وقدرة قوية من الأدلة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 20 تشرين الأول 2017، مع الأستاذ الجامعي "باسل سلطان" ليحدثنا عن بدايات شغفه بالعلوم، حيث قال: «منذ طفولتي وأنا أبحث عن المعرفة بدءاً من أفلام السفر عبر الزمن، والمغامرات الفضائية، وانتهاءً بالبرامج العلمية، فقد كنت أبحث عن علم يشرح لي الظواهر الغريبة التي كنت أشاهدها، كالسفر عبر الزمن، أو التنقل عبر الضوء، وكنت أبحث عن تفسير لهذه الأمور الخيالية، ولاحقاً اكتشفت أنها الفيزياء، وكان لمتابعتي الحثيثة لمسلسل "آلة الزمن"، و"ظواهر مدهشة"، وبعض الكتب التي أحضرها والدي عن علم الكون والفلك، وسلسلة كتب الرياضيات المسلية والفيزياء المسلية الصادرة عن دار "مير"، تأثير كبير فيّ، عززت رغبتي بدخول هذا المجال، مع أن مجموعي العالي في الثانوية العلمية كان يؤهلني لدخول عدة فروع من الهندسة، لكن إصراري على علم الفيزياء جعل أهلي يرضخون لرغبتي على مضض».

يعمل "باسل" ضمن إطاره الشخصي والخاص على نشر مقالات مختلفة حول مواضيع علمية تشوبها ثقافة خاطئة أو شرح غير وافٍ، وهو جهد خاص مبذول للمعرفة والفهم الذي يحيط بظواهر الطبيعة، التي تشمل الإنسان والعالم المحيط به، ومن منطلق إدراكه أن العلم وسيلتنا القادرة لحل المشكلات، كالجوع والفقر والمرض والجهل والثروات الهائلة الآيلة إلى النضوب، والقضاء على الخرافات والعادات والتقاليد البالية، فهو يستخدم لغة بسيطة ومفهومة مجتمعياً في شرح المعلومات والنظريات، وتمكّن عبرها من إزالة حواجز الفصل المصطنعة، وإزالة حواجز الفصل الذهني بين أصحاب المعرفة العلمية وغير المختصين، ومن المهم تشجيع هذه الجهود الفردية بغية النهوض بالمستويات المعرفية العلمية للمجتمع

أما عن رغبته بنشر الثقافة العلمية، التي بدأها عبر سلسلة من المقالات تجاوزت الأربعين مقالاً، فقال: «يؤسفني أننا لسنا مواكبين للتطور التكنولوجي والعلمي، إلا من باب الثقافة الاستهلاكية، لذا قررت أن أعمل على نشر وشرح وتوضيح العلوم الفيزيائية لغير المختصين، فكلما تفاعلت القاعدة الجماهيرية مع الفكر العلمي، وتواصلت مع سرعة الحركة العلمية والتكنولوجية، أصبح المجتمع أكثر قدرة معرفية، وتعمقت القيم العلمية لدى أبنائه، فعلينا أن نلغي النظرة المجتمعية القائلة إن هذه العلوم صعبة أو تحتاج إلى جهد عميق، وعلينا أن نبسطها حتى يتسنى لغير المختصين أن يتعاملوا معها يومياً كما يتم التعامل مع الأجهزة الإلكترونية ومنتجات التكنولوجيا، ونحتاج إلى تشجيع الفرد على التفكير العلمي الممنهج، حيث يتم تبسيط المادة العلمية بأسلوب يمكّن الفرد من الحصول على الفائدة المرجوة من المعلومات. ومن الضروري توعية الأفراد لأهمية المعرفة العلمية ونتائجها وتأثيرها في الإنسان وبيئته وظروفه، كما يجب إيجاد إعلام علمي مختص واحترافي ليقدم برامج لها رؤية واضحة ورسالة محددة في نشر الثقافة العلمية، وتسخير تكلفة الوسائل لتكون هذه البرامج محببة وممتعة وتثقيفية».

نموذج أولي لطيارة بلا طيار

وأضاف: «فالمواطن في العصر الحديث يحتاج إلى الثقافة العلمية حتى لا يتأخر عن مجاراة متطلبات العصر الحديث، وقد أصبحت الأخبار العلمية جزءاً مهماً من النشرات الإخبارية، وباتت الاكتشافات العلمية الحديثة والمشاريع العلمية الكبرى والمنافسات الضخمة في التطور التكنولوجي جزءاً مهماً من حياة الشعوب، ولها أثر بالغ في نمو المجتمعات ونهوضها، فالروس مثلاً أقاموا نهضة علمية كبيرة من خلال قيام العلماء بتبسيط العلم، ونشروا الأبحاث في الصحف، وعملت المكتبات على نشر سلسلة علوم مبسطة، ولهذا نهض المجتمع الروسي سريعاً، حيث انتشر حب العلم والفضول الإيجابي، وأنا أرغب بأن أرى هذا الفضول الرائع منتشراً في مجتمعنا، فالطالب السوري وحتى المواطن عندما يسمع كلمة فيزياء أو رياضيات ينفر ويخاف، بينما في المجتمعات المتطورة ترادف هذه الكلمات لمفردات أبرزها العلم والمتعة والمجد، فعلينا أن نغيّر وجهة النظر السائدة حتى نحصل على ثورة علمية هائلة، حيث إن المجتمعات المتقدمة تجعل من خريجي الرياضيات والفيزياء نجوم سينما، بينما تبقى النظرة المجتمعية عندنا تفضّل الطب والهندسات على علوم الفيزياء والرياضيات، وهذا الشيء تابع إلى نظرة المجتمع، حيث إن هناك مجتمعات تفضل الحقوقي والاقتصادي وطبيب الأسنان وطبيب التجميل على غيرهم من الأفراد».

أما عن محاولاته كشف العلوم الزائفة وآخرها الطب البديل، فقال: «يعاني مجتمعنا من عدة مشكلات علمية، حيث تنتشر العلاجات الروحية والطب البديل والتنجيم والبارسايكولوجي والإعجاز العلمي في المعتقدات الدينية وغيرها من الخرافات، ولأن هناك مثلاً مجتمعياً يقول: (الغريق يتعلق بقشة)، فمحاولة شرخ هذه العلاقة أو التشكيك بصحتها تسمح لغير المختصين بفرض وجهات نظرهم وإنشاء مجموعات ومواقع خاصة تنشر هذه الأفكار الخاطئة، وتجعل الجهد المبذول المضاد لهذه الأفكار يحتاج إلى لغة علمية مبسطة وسلسة، وأكثر ما يؤلم أن تشرح ظاهرة علمية لشخص متعلم، فتقول له مثلاً لا يوجد شيء يدعى الشحنات الكهرطيسية، لكن لا يصدق لمجرد أن المجتمع يخبره بوجودها على أنها حقيقة غير قابلة للنقاش، ومثلها مثل فوائد الكتائب والتمائم والتنجيم وغيرها، ومجتمعنا -يا للأسف- مولع بالمعتقدات الخاطئة».

الدكتور ضيف الله نصور

الدكتور "ضيف الله نصور" المختص بعلوم الفيزياء في جامعة "تشرين"، حدثنا عن عمل "باسل سلطان" بالقول: «يعمل "باسل" ضمن إطاره الشخصي والخاص على نشر مقالات مختلفة حول مواضيع علمية تشوبها ثقافة خاطئة أو شرح غير وافٍ، وهو جهد خاص مبذول للمعرفة والفهم الذي يحيط بظواهر الطبيعة، التي تشمل الإنسان والعالم المحيط به، ومن منطلق إدراكه أن العلم وسيلتنا القادرة لحل المشكلات، كالجوع والفقر والمرض والجهل والثروات الهائلة الآيلة إلى النضوب، والقضاء على الخرافات والعادات والتقاليد البالية، فهو يستخدم لغة بسيطة ومفهومة مجتمعياً في شرح المعلومات والنظريات، وتمكّن عبرها من إزالة حواجز الفصل المصطنعة، وإزالة حواجز الفصل الذهني بين أصحاب المعرفة العلمية وغير المختصين، ومن المهم تشجيع هذه الجهود الفردية بغية النهوض بالمستويات المعرفية العلمية للمجتمع».

الجدير بالذكر، أن "باسل محمد سلطان" من مواليد قرية "الرويمية" في "اللاذقية" عام 1988، وهو حاصل على ليسانس في العلوم الفيزيائية وماجستير في هندسة المواد، وحالياً طالب دراسات عليا ماجستير الفيزياء الإشعاعية، وهو أحد المشاركين مع كادر من المختصين في ورشات عمل تهدف إلى صناعة طيارة من دون طيار.