طموحه بدراسة هندسة العمارة حققه بتميز، وكانت هوايته في الرسم وتجسيد الأشياء حوله في مجسّمات وأشكال فنّية؛ وهو ما جعل "محمود عبد الحميد" في بحث وابتكار دائمين عن مواد صالحة لفنّ وعمل أفضل، ترجمه في مشروع (القلادة) للإكسسوار.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 11 أيار 2018، مع طالب هندسة العمارة "محمود عبد الحميد" مصمم الإكسسوار، فتحدث عن حياته وبدايته في تصميم الإكسسوار، قائلاً: «لأسرتي دور كبير في تكوين شخصيتي وتحقيق طموحي في دراسة هندسة العمارة، وفي صغري كنت أحبّ فكّ وتركيب الأشياء، وأجمع القطع التالفة وغير المستخدمة في خزانتي لأفكر بتصميم وأستخدمها من خلاله، فقد كانت البداية مع الفنّ حين رسمت أول لوحة في الصف الأول الثانوي، ثم صمّمت طاحونة قمح وبيوتاً وأكواخاً بأعواد الكبريت، فوجدت تشجيعاً كبيراً على تلك الأعمال».

وجدت القطع والإكسسوارات التي يصممها "محمود" مختلفة، واللمسة الفنية بارزة في كل عمل، وتصاميمه مبتكرة من أفكاره المبدعة، ومشغولة بطريقة يدوية جميلة، ولا تشبه التصاميم الموجودة في الأسواق، لاعتماده على النحاس ومزجه بأسلوب فنيّ مع الزجاج الدمشقي المصهور

حبّه لاستكشاف المواد وطبيعتها جعله يوظفها في تصاميمه ويطور عمله، ويقول: «في السنة الثانية أحضر والدي الأسلاك الكهربائية ليزود منزلنا بالإضاءة عندما تنقطع الكهرباء أو ما نسميه (الليدات)، فقمت بتقشير الأسلاك وإزالة الغلاف البلاستيكي عنها، فأعجبني لون السلك، وأخذت لفه تلقائياً لأصمّم منه طوقاً، ثم قمت بتنويع التصاميم من ذات السلك، كالخواتم، والأساور، وغيرها من الإكسسوارات، وبعد التجربة وجدت أن لونه يتغير بعد مدة، مع أنه لا يصدأ، لكنه يتأثر بعوامل الرطوبة والهواء، وصرت أستخدم في تصاميمي النحاس المعالج بطبقة من "الورنيش"، وكل ذلك كان هواية؛ تطور ليصير عملاً يدوياً، فكل أعمالي يدوية أصنعها بدقة وطريقة متقنة، واعتمدت النحاس لأن سعره مقبول بالنسبة للذهب والفضة، ولونه لا يزول مع الزمن».

من أعماله

انتقل "محمود عبد الحميد" في السنة الثالثة من الهواية إلى العمل والعرض والتسويق، حيث يقول: «لي صديقة في كلية هندسة العمارة تهتم بالإكسسوار والتصميم، حين علمت بعملي بالإكسسوار واستخدام النحاس، عرضت فكرة العمل المشترك، وشاركنا بمعرض تحت مسمى واحد يشمل أعمالي وأعمالها، وكانت تجربة جميلة حينئذٍ، ثم أطلقت اسماً خاصاً على أعمالي، وهو: "Orbis"، ويعني القلادة باللاتينية، وبدأت بيع الإكسسوارات. بعد ذلك صمّمت مجموعة من الإكسسوارات من أفكاري، وشاركت بعدة معارض».

ويضيف: «طوّرت نفسي في هذا المجال، وخاصة بعد مشاركاتي في المعارض وتطوير حس الخلق والإبداع لديّ، كما بتّ أتابع صفحات الإنترنت والتجربة لكل قطعة أراها، فالتجربة كانت بمنزلة التحدي بالنسبة لي أصمم من أفكاري وأفكار غيري لأثبت أنني قادر على الإبداع والعمل، ثم حصرت التصميم بأفكاري وتصاميم رسمتها بنفسي وشاركت بمعارض؛ وهو ما أكسبني الخبرة والتقدم نحو الأفضل، وترتبط دراستي للهندسة بتصاميمي باللا وعي، والهندسة لها علاقة مباشرة بالفن ونوع العمل الذي أقدمه».

محمود في أحد المعارض

طالبة الفنون الجميلة "أناغيم الحافي" تقول عن عمله: «وجدت القطع والإكسسوارات التي يصممها "محمود" مختلفة، واللمسة الفنية بارزة في كل عمل، وتصاميمه مبتكرة من أفكاره المبدعة، ومشغولة بطريقة يدوية جميلة، ولا تشبه التصاميم الموجودة في الأسواق، لاعتماده على النحاس ومزجه بأسلوب فنيّ مع الزجاج الدمشقي المصهور».

وتقول "نينار الخطيب" مؤسسة ومديرة معرض "نينورتا" للأعمال اليدوية والفنية السورية: «يمتاز عمل "محمود" بأنه يدوي الصنع من البداية حتى النهاية، وهو ما يتوافق مع توجهات معرضنا "نينورتا" للأعمال اليدوية والفنية السورية بمختلف أشكالها، كما أن عمله يحوي لمسات من الجمال، وأعماله أكثر من مجرد إكسسوار؛ إذ يعمل على المزج بين الدلالات التاريخية والحداثة، إضافة إلى أنه يقوم بتصميم وتنفيذ أعماله بالكامل؛ الأمر الذي يضفي الفرادة عليها. ومن خلال عملنا معه لاحظنا أنه يتطور بوجه دائم، ويبحث باستمرار عن تقديم أعمال جديدة كلياً. نعاني في "سورية" عدم انتشار ثقافة الأعمال اليدوية التي يعدّها كثيرون مجرد إكسسوار، مع أنها أعمال فنية تحتوي روح وإحساس من يقوم بصنعها، وربما يؤثر في الأعمال اليدوية ومردودية "محمود"، ومع ذلك، فإن إصراره على المتابعة يوحي بمستقبل كبير لفنه؛ وهو ما نتمناه له».

أناغيم الحافي

يُذكر أن "محمود عبد الحميد" من مواليد مدينة "جبلة" عام 1995، طالب هندسة عمارة في السنة الرابعة، ويسوّق أعماله في مدينتي "جبلة" و"اللاذقية".