دخل عالم الأدب متأخراً؛ فقد عرف مترجماً قبل أن يعرف كاتباً للرواية والقصة القصيرة، فكان لدراسته الأدب الإنكليزي واطلاعه على الأدب العالمي الدور الكبير في تطوير ملكته الأدبية، ترجمت بعض كتاباته إلى اللغة الفرنسية؛ إنه الأديب "حسام الدين خضور".

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الأديب "حسام الدين خضور" بتاريخ 22 أيلول 2018، ليحدثنا عن مسيرته الأدبية بالقول: «لا أذكر تماماً متى بدأت الكتابة، ربما قلدت كتابة أول عمل قصصي قرأته استهوتني شخصيته، وكنت آنذاك مسكوناً بشخصية والدي الاستثنائية لروحه السلام، فقد كان حكواتياً رائعاً، لن أنسى الليالي التي كنا نستقبل فيها الجيران لسماع حكاياته الآسرة، فهو لم يكن كاتباً، بل حكواتياً ماهراً ينسج حكاياته بطريقة شيقة ولافتة، فقد أدركت فيما بعد أنه كان يؤلف بعض حكاياته، أو يحرّرها شفهياً بغرض إمتاع جمهوره، وحاولت أن أكتب رواية يكون هو شخصيتها الرئيسة، فالكاتب ابن بيئته الثقافية والطبيعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية يستقي مفرداته وينمي خيالاته الأدبية، وما أكتبه خلاصات لتفاعلي مع بيئاتي هذه، كما أن لدراستي اللغة الإنكليزية دوراً مهماً في تطوير أدواتي ومفرداتي وأفقي ومكانتي. عُرفت مترجماً قبل أن أُعرَف ككاتب رواية وقصة، فقد أضاف الأدب الغربي إليّ الكثير؛ فمن خلاله عرفت تقنيات الكتابة في بلدان أكثر تطوراً، وعرفت هموم الناس هناك وقيمهم وطموحاتهم، وهذه أشياء مهمة جداً للكاتب، كما أنني أستمدّ لغتي من الواقع؛ فتنوع الناس والمكان، ومستوى التطور والأسفار، والقراءة المتنوعة، واللغة أداة عمله، وعليه أن يكون ماهراً وبارعاً باستخدامها. الحياة والتفاعل مع الناس خير مصدر للغة، كما أنني أمارس الكتابة كل يوم؛ هذه مهنتي لكوني قاصّاً، وروائياً، ومترجماً، وموظفاً في مؤسسة ثقافية؛ إنها حياتي الفاعلة، والكتاب وسيلتي لإيصال أفكاري ومواقفي وما أنتجه إلى الناس، إضافة إلى أن مواضيعي تنبثق من حياتي وحياة الناس وقضاياهم الاجتماعية والوطنية والوجودية».

تعدّ الملتقيات الأدبية تعبيراً واقعياً عن مستوى تطور الحياة الثقافية وفعل الأدب في المجتمع، فهي الآلية الأكثر فاعلية لتنشيط الحركة الثقافية، وإذا لم تكن بمستوى الطموح، فيجب العمل على تفعيلها، فالحرب الإرهابية على بلدنا أصابت هذا الجانب من حياتنا الثقافية بمقتل في أمكنة كثيرة، إضافة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تعدّ آلية جديدة لتنشيط الحركة الثقافية، فهي إضافة يجب دراستها لمعرفة استثمارها في إغناء حياتنا الثقافية، فالتقنيات الحديثة تقدم لنا أشياء لم نكن نحلم بها، يمكن استخدامها فردياً وجماعياً، لن يفوت المرء شيئاً بعد الآن

وتابع: «لكل عمل أدبي أو فني حامل؛ وهذا الحامل، قد يكون فكرة، أو تقنية، أو لغة، وربما يكون صرخة عابرة تلبي حاجة لحظة راهنة في حياته، فالرواية حياة الكاتب، ليست سيرته، وإنما تفاعله العضوي الداخلي والخارجي، أعني حياته النفسية ونشاطه الاجتماعي، (أوهامه، وأحلامه، وآماله، وطموحاته، ومعاناته، وخبرته الحياتية، ومعرفته، ومعتقداته، ورغباته، وعقده)، هي كينونته الفنية. حين يرتقي الكاتب إلى كتابة الرواية يغدو قادراً على الانفصال عن الواقع، لكنه لا يفعل ذلك، تمنعه الكتابة عينها لأنها شديدة الارتباط بالحياة، فالقصة والرواية شديدتا التواشج في ما أكتبه، بعض قصصي جزء من أعمالي الروائية، وأكتب الرواية أحياناً، كما لو أنها مجموعة قصصية، فهما جنسان أدبيان مختلفان؛ لكنني أجمع بينهما بطريقتي، فلا توجد حدود فاصلة، لكن هذا لا يعني الخلط بينهما، فموضوع العمل الأدبي يحدد بطريقة ما التداخل بين الأجناس الأدبية، فالرواية قادرة على المزج بين الأجناس الأدبية، وقد فعلت ذلك فعلاً من خلال منشوراتي، كما أنني أحب كتابة الأغنية، لكنني لا أجيد هذا النوع، فالأغنية تصل إلى قلوب الناس وتفرحهم وتثير فيهم قوة لا تقاوم، هل ثمة شيء أكثر سمواً من فرح الناس؟»

من ترجماته"آلهة تفشل دائماً"

وعن الملتقيات الأدبية قال: «تعدّ الملتقيات الأدبية تعبيراً واقعياً عن مستوى تطور الحياة الثقافية وفعل الأدب في المجتمع، فهي الآلية الأكثر فاعلية لتنشيط الحركة الثقافية، وإذا لم تكن بمستوى الطموح، فيجب العمل على تفعيلها، فالحرب الإرهابية على بلدنا أصابت هذا الجانب من حياتنا الثقافية بمقتل في أمكنة كثيرة، إضافة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تعدّ آلية جديدة لتنشيط الحركة الثقافية، فهي إضافة يجب دراستها لمعرفة استثمارها في إغناء حياتنا الثقافية، فالتقنيات الحديثة تقدم لنا أشياء لم نكن نحلم بها، يمكن استخدامها فردياً وجماعياً، لن يفوت المرء شيئاً بعد الآن».

أما الناقد "نذير جعفر"، فقال عن تجربة "حسام الدين خضور": «الروائي "حسام خضور" يمتلك تجربة حياتية وإنسانية عميقة ومتعددة الاتجاهات، فهو البحّار الذي جاب شواطئ العالم، واختبر دواخل النفس البشرية سواء ممن كانوا معه على ظهر الباخرة، أم ممن عايشهم على تلك الشواطئ خلال رحلاته، وكانت ثمرة تلك الرحلات في البحر وعلى اليابسة حول العالم رواية مهمة بعنوان: "المرفأ امرأة" سيكون لها صدى طيباً وواسعاً لدى القراء والنقاد، لأنها متفردة في فضائها المكاني ونماذج الشخصيات النسوية، خاصة التي ترصدها وتسبر أعماقها، كما أنها تمتلك كل عناصر جذب القارئ وتشويقه، فهي رواية تقدم الفائدة والمتعة الفنية الجمالية بأسلوبها، كما تقدم المعرفة بالنفس البشرية ودوافعها. كما أنه الروائي الذي سبر عالم السجون وكتب عنها عمله الروائي المعروف: "العودة من الأبدية"، ومجموعته القصصية "عربة الذل"، وتعدّ روايته "السلطان" من الروايات اللافتة، ولا بد للنقد أن يضع هذه التجربة تحت الضوء؛ فهي تستحق الاهتمام لما تتمتع به من لغة وأسلوب وتقنية».

رواية "العودة من الأبدية"

الجدير بالذكر، أن الأديب" حسام الدين خضور" من مواليد "أنطاكيا" عام 1952، وانتقلت أسرته للعيش في "القرداحة" عام 1960، وهو خريج أدب إنكليزي، ومدير قسم الترجمة بوزارة الثقافة بـ"دمشق"، صدرت له روايتان: "العودة من الأبدية"، و"السلطان"، وترجم العديد من الروايات والكتب الأجنبية، منها: "آلهة تفشل دائماً"، و"مبادئ العلاقات الدولية"، ومجموعة قصصية "عربة الذل" المترجمة إلى الفرنسية، وصدرت في "سويسرا" ولاقت رواجاً كبيراً، ويحضّر حالياً لإصدار روايتين جديدتين.