لوحاته عبارة عن لغة تختزل حالة طبيعية ونفسية، وتمتاز بالشفافية والتكنيك الدقيق للون، وقراءة ذاتية للحالة الشعورية ضمن إطار من التشويق، عبر اعتماد حالات لونية متنوعة ودرجات مختلفة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان "يعرب أحمد" بتاريخ 10 تشرين الثاني 2018، ليحدثنا عن بداياته، حيث قال: «كان الميل إلى الفن طفولياً وسط وعي الأهل لتوفير الأدوات البسيطة والتشجيع المناسب لطفل يضع أولى خطواته في طريق مستقبله، وضمن جو من النشاط الثقافي والفني في مدينتي الصغيرة "جبلة"، مرت معارض الفنانين في مركزها الثقافي لتترك أثراً في نفسي ورغبةً بتقليدها. وتركت الطبيعة الغنية لمدينتي أثرها الجميل في نفسي، حيث قضيت بين بحرها وجبالها معظم طفولتي، فكانت اللوحات الأولى بالأبيض والأسود من الخيال ترسم البحر والجبل، حتى انتقلت للدراسة في الجامعة اللبنانية في "بيروت"، واستمرت إقامتي فيها نحو عشر سنوات، عملت فيها على تعزيز إنتاجي الفني ومشاركاتي في معارضها وملتقياتها لأصقل طموحاتي وأسلوبي وأعزّز ملكاتي الفنية».

في لوحاته حب للطبيعة، بأسلوبه الانطباعي الممزوج بفهم للحداثة، تأخذنا لوحاته المضيئة بألوانها إلى عوالم نحبها ونريد مشاهدتها؛ فهي من طبيعتنا وتراثنا، وتشدنا إلى عالمه الفني، وكل ذلك برؤية مميزة ودرجات لونية غنية تظهر حرفيته ودقته

وتابع: «في مرحلة النضج بعد الدراسة الأكاديمية تغيرت نظرتي إلى الطبيعة واللون، من الواقعية ومحاكاة الطبيعة إلى دراسة التآلف والتحليل اللوني للوحة ورؤية الجمال كجزء من كل في الطبيعة، واختبار أساليب وتقنيات مختلفة في تنفيذ اللوحة، وكان المميز في دراستي في مدينة كـ"بيروت" حضور الطبيعة من خلال الرسم المباشر في شوارعها أو الجبال المحيطة بها وإطلالتها على صخرة "الروشة" والبحر، فكانت بداية اللوحة دائماً من الطبيعة، وإن انتهت في المرسم كعمل مكتمل. وقد تأثر أسلوبي بالانطباعية في الألوان، ثم جاءت التعبيرية التجريدية كتفضيل شخصي تتوسط الاختصار في التجريد والإلهام التعبيري من الطبيعة».

تمازج لوني في الطبيعة

أما حول مفهوم الفن بالنسبة له، فقال: «الفن مرتبط بحاجة الإنسان إلى الجمال ليعيد التوازن والهدوء إلى النفس؛ سواءً بالرسم أو الموسيقا أو الشعر، ويحتاج المبدع إلى التحرر من النمطية الملتصقة به سواء من محيطه أو دراسته الأكاديمية، لكن لخلق آفاق جديدة في الفن تحتاج إلى أساس أكاديمي متين وبنية ثقافية فنية تحفظ الفنان من العبثية والبحث عن الصدمة البصرية التي نراها في كثير من الأعمال حالياً، فالفنان يرسم أحلامه وذكرياته، وارتباط طفولته بالطبيعة يمتد إلى حاضره؛ لذلك تصبح الطبيعة الملهم الأول في لوحاته، وهي المعلم الأول الذي لا تنتهي أبجديته ولا تفرغ جعبته، واللوحة السورية عموماً انعكاس للواقع الثقافي بوجه عام، ويا للأسف هناك فجوة بين عالم الفنان أو المثقف، وبين المجتمع ككل لغياب الثقافة البصرية أو تلوثها لدى المتلقي، وهنا يبرز دور مراكزنا الثقافية في غرس الذائقة الفنية والمفردات اللونية لدى الجيل القادم؛ من خلال نشاطات فنية للأطفال واهتمام فني أفضل في المدارس».

أما حول المواد التي يفضّلها في عمله، فأضاف: «استخدمت موادَّ مختلفة في أعمالي، لكنني وجدت في الرسم الزيتي التعبير الأمثل لانفعالات الطبيعة والضوء، فهي تحمل شفافية الألوان المائية ونضارة الإكريليك ومساحة من الزمن لتراكم الانفعالات على اللوحة. وللوحة التخرج قصة لطيفة؛ فقد كانت على مساحة مترين بثلاثة أمتار، ولتعلقي بها جزأتها إلى ثلاثة أقسام لنقلها إلى "سورية"، لكنها -يا للأسف- طارت عن سقف الباص أثناء التنقل بين الحدود اللبنانية والسورية لمحافظة "طرطوس"، واحتفظت بقطعة منها؛ لذلك أبتسم عندما يسألني أحد الأصدقاء أين أصبحت تلك اللوحة؟ فأحدد له المكان المحتمل لوجودها».

مركب بحري

أما حول مشاركاته وأعماله، فقال: «بحكم غربة امتدت نحو عشرين عاماً، فأغلب مشاركاتي ومعارضي كانت في "بيروت" من خلال معارض جماعية وملتقيات فنية أبرزها معرض خريجي الجامعة اللبنانية عام 2001، وملتقى الرسم والنحت في "رأس المتن" في "بيروت" عامي 1998-2000، وأنا الآن بصدد التحضير لمعرض فردي في "سورية"، ووزارة الثقافة مشكورة ترعى عدداً كبيراً من المعارض، فالفنان يتوقع في هذه الظروف خلق سوق تصريف لأعماله المتراكمة ليكون قادراً على العطاء والاستمرار».

الفنان الدكتور "عبد الحكيم الحسيني" تحدث عن عمل "يعرب" بالقول: «يزداد إعجابي بالأعمال الإبداعية للفنان "يعرب"، وكلما شاهدت عملاً جديداً له من أعمال الرسم والتصوير المنفذة بالألوان الزيتية أو الإكريليك أو مواد الرسم المختلفة، وأنا أتابع هذا التطور الجميل للوحاته ذات التقنية العالية والخبرة العميقة، أشاهد بوضوح الخبرة الأكاديمية الموجودة في أعماله المعاصرة ذات المواضيع الإنسانية.

مغارة الجرن

إن مواضيع الطبيعة أو الشخوص أو التجريد لديه ذات صياغات معاصرة وحديثة وجديدة تحمل أسلوبه الخاص وبصمته المتفردة».

أما الفنان "رامي صابور"، فقال: «في لوحاته حب للطبيعة، بأسلوبه الانطباعي الممزوج بفهم للحداثة، تأخذنا لوحاته المضيئة بألوانها إلى عوالم نحبها ونريد مشاهدتها؛ فهي من طبيعتنا وتراثنا، وتشدنا إلى عالمه الفني، وكل ذلك برؤية مميزة ودرجات لونية غنية تظهر حرفيته ودقته».

بقي أن نذكر، أن الفنان "يعرب أحمد" من مواليد "جبلة" عام 1968، وقد درس الفنون الجميلة في "بيروت".