أعوامٌ طويلةٌ من الخبرة والشغف في المسرح استطاعت من خلالهما الفنانة "عفاف عبد الله" أن تعلن ولادة فرقتها الفنية "غابالا" الوطنية في مدينة "جبلة"، وهي أول فرقة من نوعها في الساحل السوري، وكانت باباً مفتوحاً لكثيرين من الشباب لكشف مواهبهم وتوظيفها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 كانون الأول 2018، مديرة فرقة "غابالا" الوطنية "عفاف عبد الله"، فتحدثت عن بداياتها الفنية التي تجلت كهواية منذ الطفولة قائلة: «ظهرت موهبتي الفنيّة في المراحل الدراسية، فقد درست المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية بمدارس أبناء الشهداء في "دمشق"، حيث الاهتمام بمواهب التلاميذ وميولهم الفنية في الرقص والتمثيل والمسرح والموسيقا وغيرها من الفنون يكون كبيراً، فموهبتي ظهرت في المدرسة في النشاط المسرحي وبدأت بفرقة الرقص للفنون الشعبية التي أسستها المدرسة، وحبي للرقص طوّر لديّ مهارة تصميم الرقصات بعمر ثلاثة عشر عاماً».

اعتمدت في العروض واقع الحياة السورية والتراث السوري، وركزت كثيراً في العروض على تراثنا وإعادة إحيائه، فتراث "سورية" غنيّ أختار منه وأوظفه في العروض بطريقة مختلفة بواسطة التصميم الذي أقوم به، كما شاركت بعروض الفرقة في "دار الأوبرا" مرتين، وفي معرض "دمشق" الدولي، ومهرجانات مختلفة في "حمص"، ومهرجان "أرواد" السياحي، إضافة إلى يوم الثقافة

دراستها في الجامعة أعطتها فرصة لتلقي تقنيات الرقص بطريقة أكاديمية ثم العمل مع فرق عدة، وهنا تقول: «أثناء دراستي الجامعية بقسم التاريخ في جامعة "دمشق" قرأت بالمصادفة إعلاناً لفرقة "زنوبيا" التابعة لوزارة الثقافة ورغبتها باستقبال عناصر، فتقدمت حينئذٍ مع عدد كبير من المتقدمين للاختبار وتمّ قبولي بعد اختبار إيقاعي، وبدأت مع الفرقة عام 1988، وفي عام 1990، قام المشرفون على الفرقة بتطوير الفرقة وإدخال تصنيفات جديدة إليها، فتعرّفت الرقص الحديث والمعاصر وتقنياتهما والمسرح الراقص، حيث كانت المكان الأول الذي بدأت وتعلمت فيه الرقص أكاديمياً، وبقيت مع فرقة "زنوبيا" حتى عام 2002، وبعد ذلك تمّ ترشيحي كأفضل مدرّبة رقص وتكنيك لإعادة تأهيل فرقة "أمية" وإعدادها، لكن بعد عام ونصف العام توقفت فرقة "أمية" لأسباب مختلفة، كما عملت منذ عام 1990 لغاية عام 1998 مع فرق عدة كفرقتي "بيسان" و"القدس" من أجل دعم القضية الفلسطينية».

غابالا في يوم الثقافة

تأسيس فرقة "غابالا" كان ترجمة لرحلة بدأت منذ ثلاثين عاماً، فتتحدث عن التأسيس والعروض التي قدمتها قائلة: «بعد الحرب انتقلت من "دمشق" إلى "جبلة"، ولكوني أملك مخزوناً وخبرة في مجال المسرح فكرت بتأسيس فرقة "غابالا" الوطنية عام 2014، حيث أطلقت عليها اسم "غابالا" الذي يدل على الاسم الفينيقي لمدينة "جبلة"، ثم التقيت مواهب فنية كثيرة في "جبلة"، لكن تطويرها اقتصر على مساعٍ فردية، فأسّست الفرقة لدعم المسرح الراقص، وبعد الموافقة على تأسيسها تمّ احتضان تدريباتنا في المركز الثقافي في "جبلة"، وبدأت مع مجموعة من الشباب الذين يحبون التمثيل، فعملنا على تدريبات لإنجاز عمل تمثيلي راقص لإنجاز العرض الأول، ولم يكن هناك أي دعم مادي، حيث اعتمدت التمويل الذاتي وبمساعدة الصديق "ناصر إبراهيم" الذي عملت معه في فرقة "بيسان" سابقاً، حيث أرسل إليّ ملابس العرض من "دبي" حينئذٍ، استغرق العرض الأول ثمانية أشهر لإنجازه، وكان بعنوان: "سورية يا حبيبتي" كإهداء لشهداء مستشفى "الكندي"، وتمّ تقديمه في "دار الأوبرا"، والعرض الثاني بعنوان: "العرس.. أبناء الحياة"، والعمل الثالث: "أرض السلام.. وإخوة يوسف"».

كما أن التراث حاضر في أعمال فرقة "غابالا" الوطنية ومشاركاتها، عنه تتحدث قائلة: «اعتمدت في العروض واقع الحياة السورية والتراث السوري، وركزت كثيراً في العروض على تراثنا وإعادة إحيائه، فتراث "سورية" غنيّ أختار منه وأوظفه في العروض بطريقة مختلفة بواسطة التصميم الذي أقوم به، كما شاركت بعروض الفرقة في "دار الأوبرا" مرتين، وفي معرض "دمشق" الدولي، ومهرجانات مختلفة في "حمص"، ومهرجان "أرواد" السياحي، إضافة إلى يوم الثقافة».

مشاركة في مهرجان أرواد السياحي

وعن الصعوبات التي تواجهها تقول "عفاف عبد الله": «على الرغم من الصعوبات والتحديات التي تواجه استمرار الفرقة، إلا أننا ما زلنا نقدم الدورات المجانية بالمركز الثقافي بـ"جبلة"، وقدمنا عروضاً مجانية في "جبلة" و"حمص" وغيرهما من دون دعم مادي من أي جهة عامة أو خاصة باستثناء بعض الدعم الفردي من الأصدقاء، وعلى الرغم من أننا لا نتلقى أي دعم مادي، إلا أن "غابالا" مستمرة بشغفنا وحبنا للمسرح لنشر ثقافة المسرح الراقص».

أما مدرّس الموسيقا "أدهم إسماعيل"، فيتحدث عن معرفته بمديرة فرقة "غابالا" الوطنية قائلاً: «تعرّفت إلى "عفاف عبد الله" حين كنت في كورال فرقة "زنوبيا"، لم تكن عادية في أدائها، وتركت بصمة مميزة في مجال المسرح الراقص، وهي من الخبرات التي أثبتت نفسها، حيث تجلى هذا التميز والعطاء بتأسيسها فرقة "غابالا" الوطنية وتقديمها الأعمال النوعية، فهي تعمل بروح مختلفة لا تشبه أحداً من خلال فكرة الرقص التعبيري القائم على الحركات والمعنى بعيداً عن الحركات المجانية التقليدية، كما أنها تهتم بالملابس وانسجامها مع المقطوعات الموسيقية، فقد تعاملت معها موسيقياً في عمل "إخوة يوسف"، وكان عملاً جريئاً تناولته "عفاف" بطريقة معبرة وعميقة، فهي تحبّ التجديد وتحاول الاستمرار على الرغم من كل الصعوبات التي تواجهها من ناحية الدعم المادي للفرقة».

أدهم إسماعيل

يُذكر، أن "عفاف عبد الله" من مواليد "السويداء"، عام 1966، وتعمل حالياً في "اللاذقية".