ينتمي إلى عائلة فنية معروفة بإتقان مختلف الفنون، أتقن صناعة آلة العود المعروف بعود "ربيعة"، إضافة إلى العديد من الفنون؛ كالرسم والموسيقا والأدب، لكن النحت رافقه بمسيرته الفنية مؤخراً، فتعامل مع أدواته كأنها مواد مقدسة لا تنفع إلا للفن.

لمعرفة المزيد عن مسيرته الفنية، مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 6 كانون الثاني 2019، مع الفنان والنحات "مصطفى محمد شخيص"، حيث قال: «بداياتي الفنية كانت من خلال تفوقي المدرسي بمراحله المختلفة على رفاقي الطلبة الرسامين، فقد كنت متفوقاً بامتياز بشهادة كل معلمي مادة الرسم، وأخص منهم معلمي وملهمي "سمير دعبول" الذي آمن بموهبتي وتوقع لي مستقبلاً فنياً باهراً. ومع مرور الوقت بدأت الرسم على جدران السطوح والحارات والأزقة خطًاً ورسماً؛ بعد أن أجدت كتابة الخطين العربي والأجنبي، وبعدها مارست مهنة الإعلان من خلال تصنيع "الآرمات" اللافتات للمحال التجارية بكل فنونها وأسرارها، كما أن أبي كان رساماً بارعاً بالفطرة؛ وأتقنت الكثير من المهارات منه، فالفنان وليد بيئته؛ حيث أنتمي إلى عائلة فنية معروفة بموهبة أبنائها الفنية المتوارثة بالجينات جيلاً بعد جيل بالرسم والنحت والشعر والموسيقا، وتتلمذت على يد خالي الأديب القاص والمدرس الموسيقي "عبد القادر ربيعة"، إضافة إلى الاحترافية بتصنيع آلة العود المعروف بعود "ربيعة" المميز بجمال الشكل ورخامة الصوت، وتعلمت منه أسرار الخشب بأنواعه ومميزاته المختلفة؛ كـ(القساوة، واللين، والحنية، واللون، والألياف، والعروق، والعقد)؛ وهو ما أكسبني ولعاً بمادة الخشب، فتعاملت بداية معها بالنحت بالسكين، ثم تجرأت واستخدمت الإزميل والمطرقة».

الفن بوجه عام يعني لي الحياة والذوق والثقافة والجمال والكمال المطلق، وهو جزء لا يتجزأ من تفاصيل حياتي وسعادتي اليومية، أمارسه يومياً بشغف، وأجد نجاحاتي به طالما أنني أستطيع أن أوصل إلى المتلقي بعض أفكاري، فالفن والذوق والإنسانية ضرورة قصوى للجميع

وعن بداياته مع النحت، قال: «تراكمت عدة أسباب جعلتني أتوجه من الرسم إلى النحت؛ كإتقاني لمهنة صناعة آلة العود الشرقي، إضافة إلى الاحتكاك الدائم بالنحاتين وحضور المعارض الفنية، واطلاعي المستمر على الجديد في عالم النحت من خلال الكتب والمجلات، ففي الثمانينات بدأت النحت، فكان أول عمل نحتي لي بعمر الثلاثين، لكنها كانت بداية متعثرة متخبطة فنياً بلا بصمة أو تميز، ومع مرور الوقت وتراكم الخبرة، بدأت تتضح الفكرة الفنية في أعمالي وبشكل بدائي بسيط، من خلال أعمال انحصرت بالأمومة وجمال جسد المرأة، وأشكال متنوعة للحيوانات والطيور، إضافة إلى استخدام متواضع للخط والحرف العربي.

من أعماله النحتية

بدأت النحت وتجريب جميع المدارس الفنية والنحتية بدءاً من "الكلاسيكية" و"السوريالية" و"التكعيبية" و"التجريدية"، وجمعت في بعض أعمالي عدة مداس نحتية بعمل واحد، وهي خطوة جريئة وخطرة، حين مزجت بين الحرف العربي والتشكيل، وبين الكلاسيك والتكوين، وإظهار جمالية جسد المرأة من خلال نحته بعدة مدارس فنية متنوعة، حيث قمت بإظهار الانسجام بالكتلة ما بين الخطوط الانسيابية وجمال (المدور) من كرة أو دوائر. ومع تقادم السنوات وتراكم الخبرة تجرأت وقمت بالنحت على الحجر الرملي، ثم الكلسي والحجر الصلب الأصم، بعد أن بات من المتعذر الحصول على جذوع الأشجار لظروف البلد الأخيرة، ونجحت بتجربتي وقدمت عشرات الأعمال النحتية الحجرية الناجحة، لكنني أجد نفسي بمادة الخشب لكونها أكثر مرونة وجمالاً. استخدمت بمنحوتاتي أنواعاً مختلفة من الأخشاب، كـ(الزيتون، والجوز، والدلب، والسنديان، والزان، والتوت)، لكن أخشاب الزيتون المعمر الذي له فروع متعددة وتضاريس وعرة استهوتني لكونها تمتاز برسومات عروقها التي تبهر الأبصار، وتحرك الذهن وتقرب الفكرة، فالنحات المحترف يستغل هذه الفوضى بالتشكيل الفوضوي العفوي ليحولها إلى تكوين جمالي منضبط تدب به الحياة من خلال لمسة فن وذوق وخبرة».

وعن أسلوبه الذي اتبعه بمنحوتاته، قال: «يعتمد أسلوبي بوجه عام على التفرد والتميز عن نتاج الآخرين، سواء بالفكرة أو طريقة التصميم والتنفيذ، فأحاول جاهداً الحفاظ على بصمتي وهويتي الفنية بمركز لائق، وأبتعد عن تقليد الآخرين والتكرار الذي يقتل الفنان، فمع قبول انتسابي إلى نقابة الفنانين التشكيليين وحصولي على عضوية الأصالة، فكرت بالتخصص الفني بإنجاز أعمال نحتية تميزني عن غيري من النحاتين، فوجدت نفسي وبصمتي بالتكوين الذي أعدّه شخصياً مجالاً يمكنني من خلاله تفجير طاقاتي النحتية الإبداعية، ولا سيما أنه مجال نحتي جديد وغريب ويعتمد تنفيذه على (البعد الثالث) من سعة الخيال والأفق بالتصميم والحرفية والدقة بالتنفيذ، إضافة إلى الفكرة الهادفة والتوفيق بجمع هذه المكونات لإنتاج عمل فني ناجح ومبتكر، إضافة إلى أن العمل التكويني جديد وغريب بعض الشيء، يميل إليه المتلقي الغربي أكثر من المتلقي العربي، لأنه يعتمد على ذهاب عقل النحات لإنجاز عمله إلى أبعد نقطة للتخيل والتصور».

من أعماله بالحجر

وأضاف: «الفن بوجه عام يعني لي الحياة والذوق والثقافة والجمال والكمال المطلق، وهو جزء لا يتجزأ من تفاصيل حياتي وسعادتي اليومية، أمارسه يومياً بشغف، وأجد نجاحاتي به طالما أنني أستطيع أن أوصل إلى المتلقي بعض أفكاري، فالفن والذوق والإنسانية ضرورة قصوى للجميع».

النحات "غيث ضاهر" حدثنا عنه بالقول: «يعدّ الفنان "مصطفى شخيص" من الفنانين المتميزين في مجال النحت، لديه مقدسات في العمل الفني؛ أهمها تأنيه الشديد في أعماله؛ وهو ما جعل عمله يثمر عن نواتج جمالية فيها لمسات إبداعية عبرت عن إخلاصه لفنه وذاته، فالثقافة الفنية والبصرية والخيال الخصب الذي يتمتع به مكنه من أن يكون دائم البحث عن الجديد والمميز، وقد وفق بذلك، حيث حدد أسلوبه ونمطه الخاص به، فكانت هويته الفنية تعبيراً عن مدى الارتباط الشديد بين أعماله النحتية والمواضيع والأفكار التي يطرحها. ومن هنا كانت أعماله تحاكي الجوانب الإنسانية وما تحمله من هواجس وخواطر جسدها إزميله بكل جمالية واحترافية، فجاءت متناسقة الشكل والمضمون؛ تتلقفها عين المتلقي بكل احترام».

لوحة نحتية بالخشب

يذكر، أن الفنان والنحات "مصطفى محمد جميل شخيص" من مواليد "اللاذقية" عام 1965، متفرع لفن النحت، وعضو أصيل باتحاد الفنانين التشكيليين. شارك بالعديد من المعارض والنشاطات الفنية.