يعدّ الشعر نقطة الوصل بين الشاعر والقارئ، فكتب الشعر المغنّى والموزون والمسرحية الشعرية، ونشر نتاج الأدباء والشعراء من خلال ملتقى "شاعر العرب للشعر العمودي"، الذي يديره، بهدف نشر وتعليم كتابة الشعر الموزون.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الشاعر "محمد بيازيد" بتاريخ 6 آذار 2019، ليحدثنا عن مسيرته الأدبية، ويقول: «منذ الصغر أطرب لسماع الشعر، وكنت أكتبه بأسلوب عفوي من دون التعمق بعلومه، وكانت أولى محاولاتي بالشعر الشعبي المغنّى، فلمست موهبتي الشعرية، وتعمقت أكثر بعلم العروض والقافية، فكتبت العديد من القصائد، لكنني لم أحتفظ بها، إذ كان الأمر مجرد هواية فقط، وبدأت توثيق كتاباتي عام 2014، فكتبت الشعر العمودي والمسرحي، وحالياً أعمل على تأليف كتاب تعليمي حول الشعر الغنائي وكيفية نظم كل نوع منه، وسيكون أول مرجع عربي جامع لفنون عدة (طقطوقة، وموشح، وقدود، ومونولوج). وبالنسبة لي لا أؤمن بما يسمى القصيدة النثرية؛ وهو مصطلح دخيل علينا من الغرب على الرغم من ادعاء أنصاره بوجود موسيقا داخلية فيه ومقاطع صوتية، فبرأيي الكتابات النثرية لم تلقَ انتشاراً، فأركان الشعر بإجماع النقّاد عدا الحداثيين المروجين للنثر هي: الوزن، والقافية، والمعنى، والقصد، ولا يمكن أن يكون الشعر شعراً بوجود أي خلل بهذه الأركان؛ وخصوصاً أن الشعر الموزون إيقاعه واضح أثناء الإلقاء ويقبل التلحين الموسيقي والغناء».

قـد يحرق البحرَ طـاغوتٌ بنيران أو يركب الــمـوج ســباحٌ بسندان قـد يطرح الغَـرس أحــجارا ونأكلها أو يحـرث الـبِـيــد فــلّاح بـعـيـدان قـد يقطب الــجـرح جــراح بمنسأةٍ أو يـخـلع الضـرس حلّاق بأغصان قـد يـنـحت الصخر نحـات بإصبعه أو يـقـلع الـــطّـود تـرتـيـل لكـهان قـد يملأ الـــقـدر طـباخ ببرغشةٍ أو يقـطع الــفيـل أمــيـالا بـفـنجان قـد ينبض القَلب بعد الموت في سنةٍ أو يبـرأُ الــبـرص عـطّـار برمـان

وعن رأيه بالشعر قال: «هو أهم أصناف الأدب العربي؛ نظراً إلى كثافته البلاغية لإيصال المعنى بأقوى الألفاظ، وباختصار وضمن التقيد بالوزن، ووجود صدر وعجز وقافية وروي، فهو يداعب الوجدان ويحرك العاطفة أكثر من المنثور، وجميعنا نطرب بالشعر المغنّى، والشعر خط الوصل بين نقطتين: الشاعر، والقارئ. فالشاعر بمقدرته على التعبير شعراً يوصل مشاعره إلى المتلقي ضمن أي مجال منه (غزل، أو فخر وحماسة، أو رثاء، أو نشيد ديني، أو وطني)، فهو يوثّق مراحل وأحقاباً تاريخيّة بأحداثها وأماكنها ومعالمها وشخصياتها ومعظم كتب التاريخ تستشهد بأبيات شعرية، والقصيدة بالنسبة لي جزء منّي، وهي نتيجة انفعال وغضب وألم أشعر به لأمرٍ ما أو نتيجة فرح وسرور أو حالة عشق، والعشق بأنواعه ليس للنساء فقط، فالقصيدة منّي وأنا منها، إضافة إلى أن كتابة الشعر عفوية، ولا تأتي تكلفاً، ولا وقت لها أو مكان، فقد يخطر في بال الشاعر شيئاً في الشارع أو في العمل، فيحفظه ثم يدوّنه، والمتمكن من الشعر يمكن أن يكتبه في أي وقت، لكن من دون الحالة الشاعرية العفوية يكون الشعر أقرب إلى النظم، ولا شعر فيه مجرد كلام عادي ضمن الوزن، فأنا لم أتعمد في حياتي أن أكون شاعراً، فأنا أعشق الشعر؛ وهو بالنسبة لي غذاء الروح، ولا أبحث أبداً عن الشهرة من هذا اللقب على الرغم من مشاركاتي الكثيرة بالمهرجانات الشعرية والندوات الأدبية، أنا أستمتع بما أكتب وأقرأ من الشعر، كما أنني من هواة القراءة وشراء الكتب، ولا أتأخر عن حضور أي معرض للكتاب، ولديّ مكتبة تجمع عدة أنواع من الثقافة والأدب».

ديوانه الشعري "رسائل حب من المنفى"

وتابع: «أدير أنا ومجموعة من الأدباء والشعراء "ملتقى شاعر العرب للشعر العمودي"، وهو يضم مختلف الجنسيات العربية، ولديّ مجلة على "الفيسبوك" باسم "شاعر العرب"، وصحيفة إلكترونية بذات الاسم، أنشر بهما النصوص المميزة من الشعر التي تنشر في الملتقى، الذي له دور مهم للسوريين وسواهم، فهو من جهة تعليمي لمن يود تعلم الشعر وطريقة نظمه، من خلال فقرات تعليمية وتطبيقية، كالسجالات الارتجالية، مع التقيد ببحر معين وروي، وصياغة الأمثال العربية ضمن قالب الشعر، والكثير من الفقرات التي ينتج عنها عشرات القصائد تضاف إلى رصيد شعراء المنتدى، ومن جهة أخرى يمنح الشاعر انتشاراً واسعاً من خلال نشر نتاجه الأدبي في مجلتنا وموقعنا، وخصوصاً أن لمجلتنا عدداً كبيراً من المتابعين العرب في كافة أنحاء العالم، إضافة إلى نشر المقالات النقدية والتعليمية. ويعدّ النشر وسيلة لتوثيق ملكية الشاعر للنص، وأنا حالياً بصدد تصميم مدونة إلكترونية شاملة للشعر والأدب بأنواعه والثقافة والفن تكون ملحقاً للملتقى، كما نقيم مهرجانات شعرية في عدة بلدان، كان آخرها في "دمشق" عام 2019 تحت عنوان: "شعراء الأصالة"، تم افتتاحه بأداء جماعي لستة عشر شاعراً وشاعرة من كبار شعراء الملتقى لأوبريت "البردة الفلسطينية"، وهو عمل غير مسبوق بالمراكز الثقافية في "سورية"، ولاقى نجاحاً كبيراً، وأيضا كان للملتقى مهرجان شعري بالتعاون مع مجموعة "المتنبي" في عاصمة الشعر "بغداد"».

وأضاف: «أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي بانتشار الثقافة من خلال توفّر الكتب والمراجع الأدبية فيها مجاناً للجميع، وأتاحت الفرصة للكثيرين لإثبات الذات ككتاب وشعراء، من خلال المنتديات الأدبية، وفي الوقت نفسه أدت إلى انحطاط مستوانا الأدبي في ظل غياب الرقابة عليها وإدارة الكثيرين من الجهلة للمنتديات بقصد الشهرة ومآرب أخرى، وتمنح هذه المنتديات الألقاب جزافاً لمن لا علاقة له بالأدب والشعر؛ وهو ما يؤدي إلى خلق الفوضى واختلاط الحابل بالنابل، وخاصة بعد ظهور ما يسمى قصيدة النثر».

الشاعر "محمد بيازيد" أثناء تكريمه

ومن قصائده اختار لنا:

مسرحيته الغنائية مع الشاعرة "خلود قدورة" (القيامة)

«قـد يحرق البحرَ طـاغوتٌ بنيران

أو يركب الــمـوج ســباحٌ بسندان

قـد يطرح الغَـرس أحــجارا ونأكلها

أو يحـرث الـبِـيــد فــلّاح بـعـيـدان

قـد يقطب الــجـرح جــراح بمنسأةٍ

أو يـخـلع الضـرس حلّاق بأغصان

قـد يـنـحت الصخر نحـات بإصبعه

أو يـقـلع الـــطّـود تـرتـيـل لكـهان

قـد يملأ الـــقـدر طـباخ ببرغشةٍ

أو يقـطع الــفيـل أمــيـالا بـفـنجان

قـد ينبض القَلب بعد الموت في سنةٍ

أو يبـرأُ الــبـرص عـطّـار برمـان».

عنه قال الشاعر "عوض علوش": «يمتلك الشاعر "محمد بيازيد" تجربة شعرية أصيلة، فهو من أنصار الشعر العربي الأصيل (الشعر العمودي) بالدرجة الأولى، ثم شعر التفعيلة الموزون، ولا يؤمن بالشعر الحر أو ما يسمى القصيدة النثرية، وقد أثبت نفسه كشاعر، حيث أعطى للشعر خلاصة تجربته وعلمه ومعرفته الأدبية، وهو مؤسس ومدير ملتقى "شاعر العرب للشعر العمودي"، وتتبع له مجلة "شاعر العرب" التي تعنى بنشر وتوثيق القصائد التي تستحق التوثيق والحفظ، وقد تميز أسلوبه الشاعري بقوة العبارة وسلاسة المعنى ووحدة القصيدة الشعرية، ولغته الشاعرية جزلة واضحة الأبعاد، وشعره ملتزم بالبحور الخليلية تماماً، وله تجربته في الشعر الغنائي، وفي معظم أشعاره اعتمد نمطاً كلاسيكياً، ونجد معظم قصائده التزمت بالبحور الشعرية المعروفة، لذلك نجد شعره لم يشذّ قيد أنملة عن أوزان تلك البحور».

يذكر، أن الشاعر "محمد بيازيد" من مواليد "اللاذقية" عام 1968، مقيم في "الجزائر"، صدر له ديوان "رسائل حب من المنفى"، ومسرحية شعرية بعنوان: "القيامة"، وهي عمل مشترك مع الشاعرة "خلود قدورة"، وكتاب تعليمي بعنوان: "دليل الشعراء في تأليف أشعار الغناء"، وحصل على دروع وشهادات تقدير من مهرجانات شعرية عدة.