من كتلةٍ صامتةٍ إلى تحفةٍ ناطقةٍ بالجمال والفنّ؛ استطاع النحات "مهند علاء الدين" أن يطوّعَ خشب الزيتون ليجسد الواقعَ والمحيطَ بمنحوتاتٍ تنبضُ بترفٍ فنّيّ، مستفيداً من نشأةٍ فنّيّةٍ عريقةٍ أكسبته الخبرةَ والدخولَ في عوالم نحتيةٍ كثيرة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 11 أيلول 2019 مع الفنان التشكيلي "مهند علاء الدين"، فتحدث عن بداياته قائلاً: «بدأت النحت على خشب الزيتون صغيراً بإشراف والدي الفنان الراحل "مصباح علاء الدين"، فالبيئة التي أنتمي إليها فتّقت موهبتي، وزادت الاهتمام بها، ما جعلني أطوّرها وأصقلها من خلال الدراسة في مركز الفنون التشكيلية والتطبيقية، ثم دراسة كلية الفنون الجميلة في "دمشق".

أعمال الفنان "مهند علاء الدين" جاءت بصيغة مختلفة من حيث الخطوط والمواضيع، وهناك مفردات وعناصر أدخلها على أعماله الفنية النحتية والتصويرية، حيث أظهر الفكرة لكي تصل إلى المتلقي بسهولة، وهذه هي رسالته التي يحملها، أعماله تحكي عن صراع زمني قديم وحديث، الحرب السلام والظلم، وقد أجاد بطريقة إيصال الفكرة، كما قدم مجموعة من أعماله عن المرأة والأمّ والحبّ، وأراد أن يقول ابحث عن الحبّ والسلام بعيداً عن بشاعة الحرب والقتل والتدمير

أخذت مع خشب الزيتون التحوّل من اكتشاف العمل عليه إلى الحماس، وأثناء ذلك بدأت أحبّ ما كنت أقوم به من أعمال نحتية فطرية في البداية، وبدا لي دون أيّ قلق أنّ التشوهات التي كانت تعيقني في التعامل مع الكتلة كلها أخطاء نتيجة عدم مهارة، فكان يبرز العمل دميماً ومتقهقراً بنظري لعدم فهمي لتلك الكتلة».

عمل فني من خشب الزيتون

كانت نظرة النحّات "علاء الدين" إلى خشب الزيتون نظرة جمال وإبداع، فأجاد التعامل معها، وهنا تحدث قائلاً: «أوصلني التدريب والوقت إلى سلطة كاملة لتلك المادة الطبيعية عليَّ، فسحرني الزيتون بشغف وعمق، وغدت كتلة الخشب مطواعة بين يدي؛ أنحتها كما أحبّ، وحمّلني خشب الزيتون القدرة على التحكم بالحقيقة، وأعطاني المتانة التي ساعدتني على تقديم تكوينات قوية من الواقعية، ولكنها بقيت أسيرة انفعالات الحياة المحيطة، هذا الانقياد خلف كتلة خشب الزيتون جعلني أصلُ إلى الارتباط المادي بها، لهذا غدوت أصرخ بأنني لا أستطيع الخروج من أسلوب العمل على هذه الكتلة، واستطعت تطويعها على الرغم من صلابتها وخصوصيتها المتفردة، ورغبة مني في كشف الأسباب التي وقفت وراء تهميش هذه الكتلة أمام المواد الأوروبية الحديثة المسبقة الصنع والغالية الثمن، والتي يتعاطى بها الكثيرون في إنجاز أعمال فنّيّة».

وعن حضور الواقع في منحوتاته الفنية، قال: «بكل تأكيد لا ينسلخ الفنان عن الواقع، ورغبة الفنان في انطلاق التعبير ومعالجته للمادة التي يتعامل معها، وعندما تكون تلك المادة كتلة من خشب الزيتون أو غيرها يعالجها بشكل أكثر حرية وتلقائية وبلمسات عريضة لتلخيص الفكرة وإعطائها نفحاً ذاتياً، كل ذلك يؤدي إلى وصول العمل للمبتغى المراد، وتقاطعه مع فكرة العمل المستقاة من الواقع، والأعمال التي قمت بها تنتمي إلى الواقعية التعبيرية في معظمها، وهي ترصد الثوابت والمتغيرات التي تحيط بنا».

مهند علاء الدين مع الأطفال

وعن مشاركاته في المعارض قال: «شاركت بمعارض الفنان "مصباح علاء الدين" منذ الطفولة، وكانت أول مشاركاتي معه عام 1979 بكلية العلوم في "اللاذقية"، ثم بالمركز الثقافي العربي في "جبلة" عام 1982، والمعرض الثالث معه عام 1984 في فرع اتحاد الطلبة بجامعة "تشرين"، ومعرض بالمركز الثقافي في "الحفة" عام 1986، ومعرض بالمركز الثقافي العربي عام 1995، وملتقى "نيسان" للثقافة والفنون عام 2000، ومشاركات الثمانينيات ضمن مهرجانات فناني "اللاذقية"، ومشاركات التسعينيات مع فناني "دمشق"، ومعرض في صالة "C.art gallery" عام 2014، ومشاركات في مهرجانات الأمانة العامة للثوابت الوطنية منذ عام 2015، ومشاركات في صالة "هيشون" للفنون، ومعرض "سورية" المحبة في كاليري "سموقان أسعد"، ولي العديد من الأعمال النحتية واللوحات المقتناة داخل "سورية"، وفي "بلجيكا" و"ألمانيا" وإيران" و"بيروت"».

الفنان النحّات "جابر أسعد" تحدث عنه قائلاً: «أعمال الفنان "مهند علاء الدين" جاءت بصيغة مختلفة من حيث الخطوط والمواضيع، وهناك مفردات وعناصر أدخلها على أعماله الفنية النحتية والتصويرية، حيث أظهر الفكرة لكي تصل إلى المتلقي بسهولة، وهذه هي رسالته التي يحملها، أعماله تحكي عن صراع زمني قديم وحديث، الحرب السلام والظلم، وقد أجاد بطريقة إيصال الفكرة، كما قدم مجموعة من أعماله عن المرأة والأمّ والحبّ، وأراد أن يقول ابحث عن الحبّ والسلام بعيداً عن بشاعة الحرب والقتل والتدمير».

الفنان جابر أسعد

يذكر أنّ "الفنان التشكيلي النحّات "مهند علاء الدين" من مواليد "اللاذقية" عام 1964، وهو مدرس في رياض الأطفال في "اللاذقية"، ومعهد "زيوس" للفنون لمادة الرسم والنحت.