ثابر على عمله بروحٍ لا تشيب، وإيمانٍ بالعمل لا يفتر، فأتقن صناعةَ الحلويات وخاصة مربى القرع والجزرية، هذان النوعان ارتبطا بالتراث الساحلي، وكانت جودة منتجه والحفاظ عليه الأمنية التي يرجوها "جميل شملص" لديمومة مهنته ومصدر رزقه.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7 تشرين الثاني 2019 مع الثمانيني "جميل شملص" الذي خبر مهنته في صناعة الحلويات منذ الطفولة، ثم احترفها فيما بعد، فتحدث قائلاً: «بدأت العمل عند معلم بمهنة القرع، حين كنت ولداً بعمر عشرة أعوام، تحمّلت أعباء المحل وصناعة مربى القرع والجزرية، وكنت مختلفاً عن أقراني فقد أتقنت المهنة بوقت قصير، وأصبح صاحب العمل يعتمد عليّ في أعمال كثيرة.

كان المردود الاقتصادي لهذه المهنة وافراً ومصدر رزق للعائلة، اعتدت منذ سبعين عاماً على فتح المحل من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة العاشرة مساءً، ولا أذكر أنني تأخرت عن عملي، وزوجتي رفيقة الحياة والعمل لغاية اليوم، أعطيتها مفاتيح العمل لكي تضمن الاستمرار

وبعد خدمتي الإلزامية عدت وأنشأت العمل الخاص بي في الصناعة نفسها وغيرها من أنواع الحلويات المختلفة، فقد ترك اسمي وعملي بالقرع والجزرية بصمة خاصة، وهي الحلويات التراثية التي ارتبطت بالمنطقة الساحلية».

جميل شملص أثناء تحضير مربى القرع

وتحدث عن بداياته وظروف عمله قائلاً: «كانت الحياة صعبة، وظروف تأسيس العمل صعبة أيضاً، ولا بدّ لي من الانطلاق والعمل فاستأجرت غرفة في حي "السجن" وكنت رفقة عائلتي نعمل وننام في المكان نفسه، صرت أعرف كل أنواع الحلويات وصناعتها، ولكن اقتصر عملي على القرع والجزريّة وتميزت بهما، وأخذ عملي يشتهر وينال استحسان ومذاق الزبائن، واستطعت أن أصل لهذه النتيجة من خلال المصداقية والجودة في العمل والثقة بالمنتج».

ويضيف: «كان المردود الاقتصادي لهذه المهنة وافراً ومصدر رزق للعائلة، اعتدت منذ سبعين عاماً على فتح المحل من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة العاشرة مساءً، ولا أذكر أنني تأخرت عن عملي، وزوجتي رفيقة الحياة والعمل لغاية اليوم، أعطيتها مفاتيح العمل لكي تضمن الاستمرار».

من منتجاته

عمل على توريث المهنة لأبنائه متحدياً الصعوبات في الماضي والحاضر، فقال: «لا بدّ أن يرث أبنائي التراث الذي ورثته، فهم يشاركون في أعمال المحل منذ زمن بعيد ويتعلمون المهنة إضافة لدراستهم، لقد ارتبطت حلوياتنا بالتراث الساحلي، وبقيت محتفظاً بالطريقة التي أقدم بها هذه الأصناف بطريقة تراثية متقنة، وقمت بتعليمها لأبنائي بالروح والمحبة والطريقة نفسها، حيث يتم توزيعها على المحافظات السورية كافة، إضافة لأسواق "اللاذقية"، لم يكن هدفي الربح وكنت أفضل الخسارة في سبيل الحفاظ على النوعية والجودة وأصبح لنا اسم عريق في هذا المجال منذ بدايتي الناجحة».

يتابع القول: «أشعر أن الزمن الماضي أفضل من أيامنا الحالية من ناحية العمل، فالصعوبات تركزت آنذاك في العمل اليدوي، فلم يكن هناك أي آلات حديثة توفر الجهد والوقت، ففي الماضي كنت وزوجتي "نبيهه شملص" نتناوب بالتحريك والعمل في صناعة القرع بالطريقة اليدوية في المراحل كافة، أما اليوم فكل شيء اختلف والصعوبات ازدادت».

يوسف شملص

"يوسف شملص" الذي حفظ المهنة منذ طفولته، تحدث عن والده والمهنة قائلاً: «أنهيت دراسة الثانوية العامة وتوجهت للعمل مع والدي، حيث كنت أدرس وأعمل، فقد رافقته بعمر ثلاثة عشر عاماً، نحن ستة إخوة كنا نرافقه إلى العمل، وقد أورثنا المهنة وحبّها لأنه كان يعمل بسخاء ومحبة؛ خاصة أنها حلويات تراثية، كان والدي من أقدم الصنّاع الذين عملوا بهذه المهنة، ونلنا ثقة الكثيرين بحفاظنا على جودة الصناعة، لم أطوّر وإخوتي في المهنة وحافظنا على ملامحها التراثية، ولكن طوّرت من حيث التقنية والشكل وحافظت على جودتها ومزجت بين التراث والحداثة، كما أن أسعارنا معروفة ومناسبة للجميع، نسوّق في مدن عدة مثل "طرطوس"، "دمشق"، "حلب"، "مشتى الحلو" وغيرها من المدن، ونشكّل كعائلة ورشة عمل متكاملة».

"محمد الشيخ علي" من مدينة "مصياف" أحد زبائن "شملص"، تحدث عنه قائلاً: «الجودة والنوعية في صناعة القرع المجفف دفعتني للتعامل معهم، عملهم يدل على خبرة وتقنية في الصناعة؛ خاصة أن "اللاذقية" تتميز بهذا النوع من الحلويات التراثية، كما أن تعاملهم جيد ويتميزون بالمصداقية والجودة، وكانت بدايات عملي بالقرع معهم وما أزال مستمراً منذ عامين، والزبائن الذين جربوا حلوياتهم العام الماضي أتوا هذا العام وأخذوا المنتج نفسه، يتميز منتجهم بالمواصفات الجيدة والالتزام بالتعامل من حيث الأسعار والجودة وما تزال أسعارهم ثابتة على الرغم من غلاء المواد التي تدخل في صناعتها».

يُذكر أنّ "جميل شملص" من مواليد بلدة "صلنفة" عام 1938، ويقوم بعمله بشكل يومي ويتمتع بصحة جيدة.