شغفٌ طفوليٌّ فنّيّ بدأ بالظهور باكراً سار إليه بخطواتٍ مبكرةٍ، وتنوّع بين الغناء والتمثيل والإخراج والتأليف، لم تمنعه الظروف من الوقوف على حافة الحلم ومضى إليه بالدراسة والمتابعة، وكانت أعماله بمنزلة محطاتٍ بارزةٍ في الحركة المسرحية في "اللاذقية" و"سورية".

مدوّنةٌ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 11 شباط 2020 المخرج المسرحي "سلمان شريبة"، فتحدث عن نشأته وبداياته الفنية قائلاً: «تربيت في أسرة فقيرة تنتمي لجذور الفلاحين، والدي غادر القرية عام 1950 وعمل أعمالاً حرة ووالدتي كانت تعمل بمؤسسة التبغ "الريجي" على الرغم من مرضها، وبقيت تعمل لحين تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية، كانت تدعمني مادياً والوالد كان يرفض أن أدرس التمثيل لكنه عند أول عمل لي أشاد واعترف بي فنياً وقال: (هذا ابني)، كانت طفولتي شقيةً غنيةً بالشغف الفنّيّ، وحين كان عمري أربعة عشر عاماً كنت أغني وأشارك في الحفلات الخاصة، وأول مرة صعدت على المسرح كانت عام 1976، وقدمت مسرحية اسمها "أحداث" من تأليفي وإخراجي وبطولتي حينئذٍ، برز العمل القيادي بالفنّ منذ بدايتي وكنت أقود التجربة الفنية كاملة إخراجاً وتأليفاً».

مسرح الطفل من أخطر أنواع المسارح لتربية جيل علينا أن نبدأ من الطفولة، أبتعد في أعمال الطفل عن الهدف التجاري لأن الطفولة صفحة بيضاء، أتوخى الحذر أثناء الرسم على هذه الصفحة ولأني عضو في مراقبة العروض لا أجامل في مسرح الطفل من باب الحرص، فهذا المسرح يشعرني بالخوف، تجرأت بعد ثمانية عروض للكبار بعمل عرض للأطفال قدمته في مهرجان "المحبة" بمسرح الطفل في الهواء الطلق

وعن مسيرته المسرحية قال: «تدرجت بمسرح منظمة "شبيبة الثورة" ومسرح العمال ومسرح الجامعة، وبعد نجاحي في الثانوية العامة منعتني الظروف الاقتصادية من الدراسة في المعهد العالي، فاختصرت المسافة وانتسبت للمسرح العسكري في "دمشق" لستة أشهر، شاركت بمهرجانات وأعمال المسرح العمالي على مسرح اتحاد نقابات العمال في "دمشق" لمدة ثلاثة أعوام، وشاركت بأوبريت "ديك الجن" الذي زار "أوروبا"، ثم تركت المسرح العسكري وعدت إلى "اللاذقية" ودرست في المعهد التجاري ثم انتسبت للمعهد العالي للفنون المسرحية وكنت من الأوائل الذين تم قبولهم بين عامي 1981 و1985، نجحت كل سنواتي دون حمل أي مادة ثم أوفدني المعهد بدورة اطلاعيه إلى "ألمانيا الشرقية" في ذلك الوقت، خدمت الخدمة العسكرية بالمسرح العسكري ثم تعينت ممثلاً في مديرية المسارح والمسرح القومي».

سلمان شريبة في مسرحية العائلة الحزينة

تأسيس فرقة المسرح القومي في "اللاذقية" كانت من المحطات الهامة في حياته المسرحية وغيرها من الأعمال، وهنا تحدث قائلاً: «جئت إلى "اللاذقية" عام 1990 كنت رئيساً لفرع نقابة الفنانين فكرت في تلك المرحلة بالقيام بعمل في المحافظة وحينها تم تكليفي بتأسيس ما يسمى فرقة "المسرح القومي" في "اللاذقية" التي تحولت لاحقاً إلى المسرح القومي عام 1997، كان المؤسسون لهذه الفرقة هم المشاركون في مسرحية "وحش طوروس" و"المطلوب حياً" و"الجاكيت"، عملت كمعد ومخرج لـ25 عملاً مسرحياً للمسرح القومي السوري وللأطفال والكبار ومع الشبيبة والعمال وكممثل شاركت بعشرة عروض، ويسمونني فناناً شاملاً، أغني وأخرج وأكتب وأمثل، كما ساهمت بتأسيس مهرجان "اللاذقية المسرحي" عام 1997، وتأسيس مهرجان "إحياء التراث الغنائي والموسيقي" لمدينة "اللاذقية"، أما مشاركاتي التلفزيونية فمتواضعة وقليلة منها مسلسل "آخر أيام الحب"، "ضيعة ضايعة"، "قسمة وحب"، "الخطوات الصعبة"، "حارة البحر"، وغيرها».

نظر لمسرح الطفل نظرة مختلفة وعن تجربته تحدث قائلاً: «مسرح الطفل من أخطر أنواع المسارح لتربية جيل علينا أن نبدأ من الطفولة، أبتعد في أعمال الطفل عن الهدف التجاري لأن الطفولة صفحة بيضاء، أتوخى الحذر أثناء الرسم على هذه الصفحة ولأني عضو في مراقبة العروض لا أجامل في مسرح الطفل من باب الحرص، فهذا المسرح يشعرني بالخوف، تجرأت بعد ثمانية عروض للكبار بعمل عرض للأطفال قدمته في مهرجان "المحبة" بمسرح الطفل في الهواء الطلق».

غربا مريشة والمخرج شريبة

المخرج "نضال عديرة" مدير فرقة "أليسار" المسرحية، رئيس مجلس إدارة جمعية "شباب" للفنون تحدث عنه قائلاً: «يعد من أكثر المخرجين حرصاً وقلقاً على أعماله، ويشكّل كل عمل له هاجساً أينما ذهب وينتقي أعماله بعناية شديدة ويختار شخصياته بالعناية نفسها، يتميز بالحرفية في إعداد نصوصه، وعملي معه كممثل بأعمال عدة ومخرج مساعد جعلاني أدرك حرصه واعتناءه بكل التفاصيل، يشعر الممثل أثناء العمل معه بأنه يعمل مع أسرته، ومن ناحيتي أكون بقمة المتعة عندما يجمعني عمل مشترك معه لأنني أتعلم منه الكثير».

الممثلة "غربا مريشة" تحدثت عنه قائلة: «كانت بدايتي الفنية مع المخرج "سلمان شريبة"، وكان أول من أبدى إعجابه بأدائي، وقد لامس موهبتي من مشهد واحد صغير على المسرح، وحينها قدم لي مجموعة من النصائح لكي أصقل موهبتي وأنميها.

نضال عديرة

يعتمد المخرج "شريبة" في أعماله على جودة اختياراته للنصوص فهناك بصمة مختلفة في مجملها، فهو يعتمد النصوص القوية العميقة التي تلامس المجتمع وتطرح قضاياه، فيعمل على إعداد النص ليربط الأحداث كما يراها بعين المخرج ويضيف نوعاً من اللعب في الحبكة التي تجذب الجمهور، ويختار ممثلي أعماله على أن يكونوا جوقة متناغمة ومتناسقة وهذا ما ينعكس على العرض المسرحي ونجاحه كمسرحية "الجاكيت"، "أوبرا الشحادين"، "التباس" وغيرهم، هو من تبنى موهبتي وقدم لي فرصاً مهمة على خشبة المسرح بتوقيعه، فقد كانت مشاركاتي معه هامة كمسرحية "تحت فوق تحت"، "التباس" وغيرهما».

يذكر أنّ المخرج المسرحي "سلمان شريبة" من مواليد محافظة "اللاذقية" حي "الأزهري" عام 1961، متزوج ولديه ثلاثة أولاد لديهم ميول فنية، حصل على عدة تكريمات أهمها مهرجان نقابة الفنانين عامي 2016، 2017، ةتكريم من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2018.