أتقن الفنان "وائل غازي" لغة الحجر والخشب، واستطاع أن يشقّ طريقه في الفنّ التشكيلي بالفطرة بعد انقطاع دام أربعة أعوام وحالة نفسية ممزوجة بالكآبة بسبب الحرب التي أبعدته عن منزله وقريته، ليعود بمنحوتات تعبّر عن لواعجه الإنسانية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 8 حزيران 2020 الفنان "وائل غازي"، فتحدث عن موهبته وبداياته الفنية قائلاً: «ظهرت موهبتي الفنية حين كنت في الصف الخامس الابتدائي متجلية بمنحوتة من الحجر كان قد كلفنا بها معلم الصف وأقراني قدموها مشغولة بالورق إلا أنني قدمتها منحوتة بالحجر، ما جعلني محطّ اهتمام المعلم حينئذٍ، كانت الموهبة مزروعة بداخلي وأتناول الأشياء بإحساس».

هو فنان موهوب ومجتهد، تعلم النحت بمفرده يرافقه إزميل ومطرقة فقط، ودون أي مدرسة فنية، وأعماله تدل عليه أعماله مدروسة وجميلة يعمل بهدوء ووعي لما ينحت

ويتابع قائلاً: «لم أستطع صقل موهبتي وتوقفت عن الدراسة في المرحلة الثانوية نتيجة ظروف معيشية، حيث كانت قريتي "بسبت" الواقعة بين ريفي "اللاذقية" و"إدلب" شبه نائية وخالية من الخدمات، تابعت النحت معتمداً على الفطرة في استكشاف هذا العالم، فقد كنت أضع تصوراً مسبقاً للمنحوتة وحين أبدأ كانت تأخذني إلى عمل آخر مختلف، كما كنت أنحت على الأشجار والصخور الثابتة في القرية، حين كان عمري ثلاثة عشر عاماً قمت بنحت "منقلة" (لعبة شعبية)، أصبح يلعب بها أهل القرية كافة».

منحوتة الأمل في زمن اليأس

انتقل الفنان "وائل غازي" إلى "اللاذقية" عام 2011 بعد سيطرة الإرهاب على قريته "بسبت"، وهنا تحدث بالقول: «اعتمدت قبل قدومي إلى "اللاذقية" على أشجار المنطقة التي ولدت وعشت بها ومعظمها أشجار جبلية، حيث قمت بتصميم منحوتات من خشب الغار معتمداً الأفكار التراثية التي عاشت في الذاكرة وخشب الزيتون والسنديان إضافة للحجر.

حين غادرت قريتي عام 2011 كان وضعي النفسي غير مستقر ما منعني من متابعة رحلتي الفنية، وبقيت أربعة أعوام بلا فنّ وكنت قد فقدت أدواتي هناك، ثم استعنت بعد ذلك بالفن لأخرج من كآبتي وأتأقلم مع الحياة الجديدة متخذاً المطرقة والإزميل كأدوات في النحت، وتطورت تجربتي الفنية بالممارسة».

عمل تراثي

وعن علاقته بخشب الزيتون قال: «تعاملت مع خشب الزيتون منذ البدايات، فهو يعطيني قراءة ووضوحاً للمنحوتة، وعندما أدخل بأعماقه وأخلصه من صمته تظهر حكايا وألوانٌ تعطيني أفقاً أكبر للمنحوتة وتتولد حالة حوار صامتة، أعيش في الذاكرة مع منحوتاتي حيث الحياة القديمة العالقة بذاكرة الإنسان وحياتي في قريتي، أنسى من خلالها التعب وأشعر بمتعة الوصول إلى الصورة النهائية للمنحوتة وأتقن الدقة وأحققها بالتجربة المتكررة».

وعن المعارض التي شارك بها قال: «كان المعرض الأول مع مجموعة من النحاتين بالمركز الثقافي في "جبلة"، وشاركت بمهرجان "أيام جبلة الثقافية" بلوحات تراثية عام 2018، ومعرض "سورية تنبض بالحياة" عام 2019، كما شاركت هذا العام بالمعرض الإلكتروني الدولي الأول حيث دعاني للمشاركة به الفنان "سليمان أحمد"؛ وهو من المعارض الجديدة كفكرة في بلدنا، أعمالي تعبيرية وتجسيد ومحاكاة استطعت من خلال مشاركاتي بالمعارض تسليط الضوء عليها وتطويرها».

فائز الحافي

الفنان التشكيلي "زهير خليفة" تحدث عنه قائلاً: «هو فنان موهوب ومجتهد، تعلم النحت بمفرده يرافقه إزميل ومطرقة فقط، ودون أي مدرسة فنية، وأعماله تدل عليه أعماله مدروسة وجميلة يعمل بهدوء ووعي لما ينحت».

وتحدث الفنان التشكيلي "فائز الحافي" عنه قائلاً: «فنان يملك الموهبة، شاركنا في معارض أكثر من مرة وأعماله نسبة للزمن الذي مارس فيه النحت فيها تقدم ملحوظ، يعتمد بشكل رئيسي على فردية الحالة ويقبل النقد والملاحظة تلك السمة تجعل منه شخصاً يفهم الفكرة التي تغني أي عمل يريد أن ينحته في المستقبل ويستحق أن ندعمه».

يذكر أنّ الفنان "وائل غازي" من مواليد قرية "بسبت" الواقعة بين ريفي "اللاذقية" و"إدلب" عام 1978، ويقيم في قرية "قبو العوامية" التابعة لمدينة "القرداحة".