تميّز في كتابته المسرحية بأسلوب مميز وغني، وتدرَّج في سلَّم النجاح كأيّ كاتبٍ موهوبٍ بالفطرة لم يعرف متى تفتتح له أبواب الإبداع، ألف أكثر من مسرحية قيّمة رفعت اسم بلاده في دول الغرب.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الإعلامي والمسرحي "كرم صايغ" بتاريخ 22 حزيران 2020، فحدّثنا عن بدايته وكيف نمت بداخله بذرة الكتابة فأجاب قائلاً: «مسألة اكتشاف امتلاكك لغة جميلة عكس واقعك أو آلام محيطك أو حتى لغة الغزل لا يشبه اكتشافك لموهبة أُخرى كالغناء، التمثيل، والرسم، بل تعتمد على محاولتك تفريغ مشاعرك ضمن مجموعة من الكلمات وهذا ما حصل معي فمنذ أن كنت في المرحلة الابتدائية وأنا أرى نفسي باحثاً عن الكلمة و الورق ليخبروا ما بداخلي، ولم تتكرس هذه الحالة بشكلها السليم إلا عندما تعرفت على المسرح فكان ملاذي لأعكس صوتاً بحاجة لأن يُسمع، ولم تكن الكتابة حالة مُكتبسة بل نشأت من الذات ووجدان حاضر لأن يفرد أوراق الحقائق على الطاولة لأنها مبنية على الضمير، وأعتقد أنني لم أعبر هذا الطريق لنهايته فما زلت في مرحلة البناء؛ لأنه طريق مُرهق وبحاجة لإرادة ورغبة بأن تصنع حالة تميزك عن غيرك، وتحديداً في وقت أصبح المجال مُتاحاً للجميع للتعبير عن حالة أو موقف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي».

يبني "كرم" خطواته بثقة، وأحبُّ أن أتابعه على الشاشة و(السوشال ميديا) لقدرته على الاستقطاب بحضوره وشكله المُحَبَّب وصوته الذي يتحسن يوماً بعد يوم، هو ما زال في طور التعلُّم لكنه يتشرّب المهنة بسرعة وشغف، وأظن أنه سيحجز لنفسه مكاناً مهماً أكثر في مجال الإذاعة أو التلفزيون

وعن محطاته وكتاباته المسرحية والجوائز التي حصدها قال: «لم تكن الفرصة الأكاديمية حاضرة في "سورية"، إلى أن أقمت في "بيروت" فدرست في معهد "القادة" البريطاني، و تخصصت في الكتابة المسرحية، على الرغم من أن كتابة النصوص بدأت منذ أن كُنت في "سورية" وحينها كتبت مسرحية "العبور" التي تفرض عودة مجموعة من الشباب إلى "سورية" بعد الحرب، وكان الإسقاط يروي فكرة العبور من الاغتراب إلى الوطن، وأنا أعدُّ هذا النص الأهم من بين النصوص التي كتبتها عندما كنت في "سورية"، وعندما غادرت الوطن كتبت مسرحية "نرجع نلتقي" التي أبصرت النور مباشرةً بعد كتابتها في مسرح كواليس في "كندا" العام الفائت لأروي من خلالها علاقة حب أرهقتها المسافة ونشرت مؤخراً أغنيتها "نرجع نلتقي"، ومن فترة وجيزة أنهيت كتابة نص "ع التخت" الذي يطرح تناقضات المجتمع، والفكر، وتعايش الأطراف في البلاد معها.

كرم صايغ مع المخرج والممثل جورج خباز

وبالنسبة للجوائز حصدت جائزة يتيمة وتعني لي الكثير عن فيلم "لم أكن أنا" في مهرجان "الجزائر الدولي للأفلام القصيرة" حيث كان نص الفيلم من تأليفي».

وأضاف عن شغفه بالمسرح وماذا يعني له: «المسرح هو اللغة التي لا أستطيع أن أنطقها وهو ملجأ أمين أحتمي به من ضوضاء الذائقة المتدنية اليوم؛ لأن أغلب ما أكتبه مستمد من الواقع حتماً وليس فقط من الحدث الذي نراه بأعيننا، إنما في واقع حالتنا النفسية غير الظاهرة للناس والتي تؤلمنا و تغرز إبراً لا يراها الآخر ضمن حدود بلدنا، إنما يشعر بها كون الألم أصبح موحداً في الشارع اليوم».

الصحفي جوان ملا

وعن تراجع المسرح والحلول المقترحة لعودته قال: «معاناة المسرح ليست وليدة الأزمة مثل حال الدراما و التي لعبت الحرب دوراً كبيراً في تردي النصوص المطروحة، فالمسرح أزمته أكثر تعقيداً، وتندرج تحت عدة بنود منها: هجرة الممثلين منه إلى التلفزيون، ضعف الأجور، فضلاً عن آلية صناعة العمل المسرحي في "سورية" والتي تغيرت من بعد مسرح "الماغوط" ومسرح "الشوك" وغيرهم، لينحدر باتجاه تكرار الصياغة وبناء الحدث، كما أنه لم يعد قريباً من الشارع باللغة والقصص المحكية فيه، وموضوع عودة مكانة المسرح يعتمد على دعم المحتوى المسرحي والصناع المسرحيين، وتشجيعهم على الاستمرار في التقديم للخشبة، وهذا ما لن يتوفر في هذه الفترة ولا في الفترة القادمة إن لم يكن هناك رغبة من الجهات الداعمة في تقديم العون للفكر المسرحي ليعيد النهضة الفكرية من جديد في الشارع السوري، فالأهم تخصيص ميزانية جيدة لتحريض الرغبة لدى الصناع المسرحيين في بناء مادة دسمة تستحق المشاهدة، وبناء مسارح جديدة لأنه كما نعلم حينما تغلق المسارح أبوابها في أي بلد في العالم، فهذا يعني انهياراً فكرياً وشرخاً بين الثقافة والشارع وهذا ما يخيفني».

وحدثنا أيضاً عن دخوله مجال الإعلام قائلاً: «مسيرتي الإعلامية ليست بطويلة وكانت متقطعة فتجربتي الأولى كانت عام 2013 مع فريق "المالتيميديا" السوري ليتوازى عملي فيها مع عملي كمراسل في مدينة "اللاذقية" لتلفزيون "تيلي لوميار" اللبناني حتى تخصصت في الإعلام الفني ودخلت منصة "etsyria" كصحفي ومقدم برامج فيها فضلاً عن عملي كمذيع رئيسي مع تلفزيون "suboro اليوم".

أنس فرج مدير تحرير منصة Etsyria

لم يكن هدفي عندما كنت في "سورية" أن أكون يوماً مقدم برامج، وكانت حياتي المسرحية طاغية على حياتي الاجتماعية، لكن الشغف طالما وجد فمهما حصدت لن أصل إلى الاكتفاء طالما شغفي يقترن مع اللا حدود، ودخولي فرع إدارة الأعمال في الجامعة كان فرضاً كون وضع العاصمة كان صعباً لدراسة الإعلام فيها نتيجة الحرب، والتوفيق بين المجالين ليس بمرهق، فالكتابة المسرحية تعتمد على الحالة النفسية، والرغبة في كتابة نص، وهذا ما يحصل في وقت الفراغ، بينما العمل الإعلامي هو مصدر رزقي وهويتي التي أبني عليها رسالة تصل بشكل أسرع للناس كون الإعلام انخرط وبشكل كبير مع منصات التواصل الاجتماعي».

الصحفي "جوان الملا" قال عنه: «يمتلك "كرم" كاريزما جميلة وحاضرة تجعل وجهه مريحاً ومُتَقَبَّلاً عند المتلقين، فضلاً عن أنه شخص طَموح ولديه قابلية دائمة للتعلم فلا يتوقف عند حد معين، بل يسعى دوماً لتطوير نفسه، لقد اطلعت على كتاباته و حضرتُ له بعض الأعمال المسرحية وأعجبت بأسلوبه وقدرته السلسة على إيصال الفكرة للجمهور برمزيات جميلة جداً، وأظن أنه سيكون كاتباً مسرحياً مهماً جداً في الأيام القادمة».

أما مدير تحرير منصة "Etsyria" "أنس فرج" قال: «يبني "كرم" خطواته بثقة، وأحبُّ أن أتابعه على الشاشة و(السوشال ميديا) لقدرته على الاستقطاب بحضوره وشكله المُحَبَّب وصوته الذي يتحسن يوماً بعد يوم، هو ما زال في طور التعلُّم لكنه يتشرّب المهنة بسرعة وشغف، وأظن أنه سيحجز لنفسه مكاناً مهماً أكثر في مجال الإذاعة أو التلفزيون».

جدير بالذكر أنّ "كرم صايغ" من مواليد مدينة "اللاذقية" عام 1997، ويقيم حالياً في "لبنان".