عمل الباحث "عدنان محمد مصطفى قبرطاي" منذ سنوات خلت على مشروع جمع وتوثيق كل ما يتعلق بتاريخ الشراكس كشريحة فاعلة من شرائح المجتمع السوري وتاريخ أحداث "الجولان" و"القنيطرة"، بالإضافة إلى إصدار العديد من الكتب التي توثق تاريخ "القنيطرة" بشكل خاص و"الجولان" بشكل عام مبرزاً فيها دور الشراكس المتميز في البناء والعمران والتطوير والدفاع والفداء من أجل هذه الأرض المقدسة.

موقع eQunaytra التقى الأستاذ الباحث "عدنان قبرطاي" الذي حدثنا عن بداياته بالقول: «درست المرحلة الابتدائية في المدرسة النموذج ومدرسة "خالد بن الوليد" في "القنيطرة" من عام 1953م لغاية 1959م ثم انتقلت لدراسة المرحلة الإعدادية والثانوية في مدرسة "أحمد مريود" ومدرسة "الحسن بن الهيثم" من عام 1960م لغاية 1967م، وبعدها دخلت كلية العلوم الطبيعية في جامعة "دمشق" عام 1967-1968م وتركت كلية العلوم وتطوعت في نهاية عام 1968م بالكلية الجوية وتخرجت فيها برتبة ملازم جوي عام 1970م، حيث تخرجت في عدة دورات تأهيلية منها دورة مهندس سرب جوي وكان آخرها الدورة العسكرية في كلية الأركان 1985-1986م والتي تعادل شهادة دكتوراه في العلوم العسكرية».

إن الذاكرة الجماعية هي بمثابة بناء يساهم في تكوينه عناصر ومكونات كثيرة منها اللغة والتراث الشعبي والعادات والتقاليد الراسخة في وجدان الشعب في "الجولان" فقد أوليت هذا الأمر الأهمية البالغة حيث وثقت بالصور معظم ما أنتجه الجولانيون من أغاني وأمثال شعبية، بالإضافة إلى ما أسسوه من جمعيات ومنتديات ثقافية وأندية رياضية وكذلك الفرق الرياضية المختلفة على مستوى القرى مع ذكر أسماء اللاعبين

وعن بداياته في مشروعه التوثيقي قال "قبرطاي": «منذ الصغر كنت أهتم بجمع وتدوين تاريخ "الجولان" العربي السوري وخاصة "القنيطرة" والقرى الشركسية، بالإضافة إلى اهتمامي بكل ما يتعلق بتاريخ "الجولان" و"القنيطرة"، حيث كتبت تاريخ "القنيطرة" منذ /700/ عام خلت وحتى الحرب العالمية الأولى وكانت مصادري في البحث والتوثيق متعددة منها ما جاء في كثير من أمهات الكتب القديمة عن "الجولان" و"القنيطرة" وكل ما استطعت جمعه من كتابات الرحالة في مختلف الأزمنة وكل ما وجدته من وثائق في مركز الوثائق التاريخية "بدمشق" التي تضم أكثر من /2300/ مجلد عن المحاكم الشرعية في الدولة العثمانية، وما وجدته في مكتبة الأسد والمكتبة الظاهرية وكل ما حصلت عليه من الأصدقاء والأقارب من صور ووثائق وكل ما جاء في السجلات العثمانية القديمة والسلنامات العثمانية التي تعني الجريدة الرسمية العثمانية وتحول اسمها بعد خروج العثمانيين من "سورية" إلى مجلة العاصمة وفيما بعد تحول اسمها إلى الجريدة الرسمية السورية.

الأستاذ "عدنان محمد مصطفى قبرطاي"

وكان من مصادر البحث لدي ما كتب في العصر الحديث عن "الجولان" والقرارات والمراسيم التي صدرت بخصوص "الجولان"، بالإضافة إلى المخطوطات ومعلومات من شهود عيان وكنت أعتمد على معظم ما عرض وجمع في الجمعية الخيرية الشركسية "بدمشق"، وكذلك وثقت منجزات شراكسة "الجولان" في مجال إحداث المدرسة الأديغية الشركسية في القنيطرة خلال عشرة أعوام 1933- 1942م وتبين أن هذه المدرسة هي امتداد للمدرسة الشركسية التي كانت منذ عام 1883م في العهد العثماني في "القنيطرة"».

وحول الصعوبات التي كانت تواجهه أثناء الجمع والتوثيق يضيف "قبرطاي": «كنت أواجه صعوبة في الحصول على الوثيقة من الجهات الرسمية وكذلك عدم أرشفتها الكترونياً وعدم إتاحة قسم منها للجمهور وصعوبة التصوير الواضح، بالإضافة إلى صعوبة استعارة بعض الكتب أو حتى إتاحتها ضمن المكتبات العامة وعدم عرضها في الصالات الخاصة بعرض الكتب والوثائق أو في مكتبة الأسد "بدمشق"، وكذلك الجهد والوقت الذي يحتاجه الباحث والمؤرخ للحصول على الوثائق وخاصة عندما تكون ضمن الأفلام الميكروية أو الدوريات القديمة والكتب النادرة».

كتابه "صفحات مطوية من تاريخ القنيطرة والجولان"

وذكر "قبرطاي": «أول كتاب صدر لي عن "الجولان" هو كتاب "صفحات مطوية من تاريخ القنيطرة والجولان " حيث كتبت فيه عن التاريخ "الجولان" القديم وفق مصادر متعددة وانتقلت فيما بعد إلى تاريخ "القنيطرة" عندما ظهرت في الكتب القديمة قبل /700/ عام كقرية في "الجولان" وتتبعت تاريخ وأحداث هذه القرية إلى أن وصلت إلى الزلازل المدمرة التي أصابت منطقة "الجولان" وكانت "القنيطرة" الأقرب إلى مركز الزلازل في عام 1758-1759م حيث لم تدمر معظم أبنية قرى "الجولان" و"القنيطرة" وبقيت "القنيطرة" دون سكان ودون إعادة بناء حتى قدوم الشراكسة في 21/5/1864م وما بعدها، حيث ركزت على الوثائق العثمانية وأسماء العائلات الشركسية ومواليدهم ومن أين حضروا لبناء نواة "القنيطرة" الحديثة وقد أورت معلومات قيمة عنهم في تلك المرحلة.

بالإضافة إلى بعض الرحالة الأجانب والعرب أثناء بناء "القنيطرة" والقرى الشركسية العشر الأولى في "الجولان" بدءاً من عام 1872 وحتى عام 1878م، حيث يقع الكتاب في /357/ صفحة من القطع الكبير وتوقفت بنهاية الحرب العالمية الثانية، وأقوم الآن بإكمال الجزء الثاني وهو قيد الإنجاز».

من مؤلفاته

وعن دور الإعلام في مجال البحث عن تاريخ "الجولان" وتوثيقه يقول "قبرطاي": «إن الإعلام السوري يعمل جاهداً بكل جد ونشاط في إظهار الحقيقة وتوضيحها للآخرين، وإن كان مقصراً فيما مضى في توثيق الأحداث والحقائق التاريخية والجغرافية قبل النزوح مثل التصوير وتوثيق القرى والمدن في "الجولان" قبل احتلالها وتدميرها، وتكمن أهمية توثيق كل ما يتعلق "بالجولان" بخصوصيتها من حيث موقعها ورغبة العدو الصهيوني في إظهار "الجولان" وكأنها منطقة خالية من السكان وذلك بعد تهجيرهم وهدم وإزالة قراهم ومزارعهم وسرقة آثارهم وأوابدهم التاريخية الظاهرة منها والباطنة وتحويل كل ذلك لمصلحتهم في وسائل الإعلام بعد تزييف الحقائق الظاهرة للعيان التي تثبت عروبة "الجولان" من آلاف السنين، كما أن تدريس الطلاب الجولانيين خاصة آثار وأوابد ووثائق "الجولان"، يرسخ في أذهانهم ووجدانهم ضرورة الارتباط العضوي مع أراضيهم المسلوبة منها والمحررة، ولوسائل الإعلام الدور الريادي الكبير في هذا المجال الهام».

وحول مكانة الذاكرة الجماعية في مشروع "عدنان قبرطاي" التوثيقي قال: «إن الذاكرة الجماعية هي بمثابة بناء يساهم في تكوينه عناصر ومكونات كثيرة منها اللغة والتراث الشعبي والعادات والتقاليد الراسخة في وجدان الشعب في "الجولان" فقد أوليت هذا الأمر الأهمية البالغة حيث وثقت بالصور معظم ما أنتجه الجولانيون من أغاني وأمثال شعبية، بالإضافة إلى ما أسسوه من جمعيات ومنتديات ثقافية وأندية رياضية وكذلك الفرق الرياضية المختلفة على مستوى القرى مع ذكر أسماء اللاعبين».

ومن الجدير بالذكر أن الباحث "عدنان محمد مصطفى قبرطاي" من مواليد حي "القبرطاي" في "القنيطرة" بتاريخ 29/7/1947م، وهو عقيد ركن جوي متقاعد منذ عام 2000م، صدر له العديد من المؤلفات.