شهدت منطقة "الحمّة" السورية قبل الاحتلال الصهيوني "للجولان" عام 1967 ازدهار السياحة العلاجية من داخل "سورية" وخارجها لتلقي العلاج في مياهها وينابيعها الكبريتية "المقلى" و"البلسم" و"الريح".

ويقول الأستاذ "عبد الكريم العمر" باحث في شؤون "الجولان" لموقع eQunaytra بتاريخ 28/3/2012م: «يوجد في منطقة "الحمّة" في الجولان ينابيع ثلاثة حارة هي "المقلى" وحرارته /49/ درجة مئوية، و"البلسم" وحرارته /40/ درجة مئوية، و"الريح" /36/ درجة مئوية، وتعطي ما يقرب من /15/ مليون ليتر من الماء في النهار وكلها تحوي جوهرة الراديوم المشع الذي يشكل سر الفائدة والفعالية في مداواة الكثير من الأمراض والعلل ويوجد إلى جانب هذه الينابيع الحارة ينبوع ماء زلال غزير، حيث يشفى من يتعرض لهذه الينابيع من أعراض عديدة ومنها الأمراض الناتجة عن بطاءة التغذية كالسكري والنقرس والروماتيزم المزمن وحصى الكلية وحصى الكبد والسمنة، هذه أمراض تنسب كلها إلى تقصير في عمل الغدد الداخلية أو إلى بطاءة في التمثيل الغذائي وهي منتشرة جداً وتستعصي على العلاج عادة، فالحمّة تبرز للقضاء على هذه العلل وتسجل انتصارات هامة على هذه الأمراض إذا عرف المريض كيف ينظم مأكله ومشربه، بالإضافة إلى الاستحمام بشكل دوري بحمام "المقلى".

أنا من أبناء قرية "العال" المحتلة في "الجولان" وهي قريبة من منطقة "الحمة" التي تتميز بحماماتها العلاجية الجيدة، فعندما كنت أعاني من التهابات في الحنجرة ومجاري التنفس ذهبت إلى حمامات الحمة لتلقي العلاج وكان عبارة عن مغاطس متكررة ضمن جلسات محددة في حمام "البلسم" الذي تبلغ درجة حرارته /40/ درجة مئوية واستمر العلاج لمدة أسبوع كامل وبعدها شعرت بتحسن في الجهاز التنفسي بالكامل، حيث كانت حمامات "الحمة" مزدحمة بشكل كبير بالمواطنين منهم من يأتي لتلقي العلاج ومنهم للسياحة بسبب تميز منطقة "الحمة" بالمناخ المعتدل والمريح نفسياً

كما لوحظ الشفاء في حمام "البلسم" من التهابات الأغشية المخاطية بالحنجرة والبلعوم والحلق ومجاري التنفس عموماً شريطة عدم التعرض للهواء الطلق قبل جفاف العرق وكثيراً ما نصح الأطباء المصابين بالأزمة الصدرية بالذهاب إلى الحمّة والراحة فيها لأيام للاستفادة من المناخ الفريد والمتميز بالانخفاض عن سطح البحر والإحاطة بالهضاب المرتفعة من الجهات الأربع حيث تحميها من الرياح العنيفة ما جعل منها مشفى ناجحاً ضد الأزمات الصدرية وخصوصاً في شهري شباط وآذار، ومن الثابت المؤكد أن مياه حمام "الريح" في الحمة يحوي من المواد الكيماوية ما يجعله في مصاف أحسن مياه الدنيا للهضم فقد شاهدنا عدة حالات سوء هضم مع زيادة حموضة المعدة أو مع نقصها قد شفيت تماماً بمياه الحمّة، كما شوهدت عدة حالات لالتهابات المعدة الحادة أو المزمنة قد شفيت أيضاً.

الأستاذ "عبد الكريم العمر"

ونظراً لما تحويه هذه المياه من مركبات الكلس فقد شفيت حالات الإسهالات المزمنة الناشئة عن التهابات خفية في الأمعاء والأمر الذي لا جدال فيه أن هذه المياه بما تحويه من جوهرة الراديوم وأملاح البيكربونات توقظ الغدد الصماء وغيرها المنتشرة على طول جهاز الهضم فتعمل على طرد السموم المخزونة وتبعث في مجموع الجهاز الهضمي نشاطاً ملحوظاً فتزداد قابلية الأكل وتنشط عملية الهضم وتتيقظ حركة الأمعاء الكسول».

وأضاف "العمر": «أما الكبد فهو العضو الرئيسي الذي يستفيد من مياه الحمة أعظم فائدة لما تحويه من إشعاعات الراديوم المترافقة بأملاح البيكربونات الأمر الذي يؤثر إيجاباً في علل الكبد الراكدة تشمعات الكبد المتضمر أو المتضخم، بالإضافة إلى أنواع من احتقانات الكبد واليرقانات، وأما تأثير مياه الحمّة على حصى الكبد فهو معروف منذ القديم والاستحمام وشرب الماء البارد يمنع تكوُّن مثل هذه الحصى في الكبد أو في طرق الصفراء أو في كيس المرارة وإذا تمركزت مثل هذه الحصى في أحد نواحي الجهاز الكبدي فمياه الحمة بحرارتها وتركيبها الكيماوي كفيلة بزحزحة هذه الحصى وجرفها منها في معظم الحالات.

حمام "البلسم"

وإن كل غطسة في مياه الحمة الحارة تسبب تعرقاً شديداً فيتخلص الجسم من قسم كبير من السموم التي تتراكم فيه وعليه فإن شدة التعرُق في الجلد تضيف عمل كلية جديدة إلى عمل الكليتين الأصليتين ويخفف عنهما جانباً من عبء طرد السموم من الجسم، ولذلك تستريح الكلية في الحمة وتنصرف للاستفادة من الأملاح المنحلة في مياهها لتتخلص من الحصى التي قد تقف في مضيق أنابيبها الدقيقة، وبالنسبة لأمراض الجهاز العصبي (النوراستينا) بأكثر أشكالها المعروفة تهدأ حدتها في وسط حمام الريح، وأما الآلام العصبية (النورالجيا) فإذا لم يكن لها منشأ تسممي أو قيحي فهي تزول بالاستحمام في مياه الحمة المعدنية وخير ما يوصف ضد الآلام القطنية الروماتزمية العصبية وضد آلام العصب السياتيكي المسمى (عرق النساء غلطاً) استحمامات منظمة في مياه حمام "المقلى" الحارة، بعد التدرج إليها من حمام "الريح" "فالبلسم"».

السيدة "هاجر العطا" من أبناء "الجولان" قالت: «أنا من أبناء قرية "العال" المحتلة في "الجولان" وهي قريبة من منطقة "الحمة" التي تتميز بحماماتها العلاجية الجيدة، فعندما كنت أعاني من التهابات في الحنجرة ومجاري التنفس ذهبت إلى حمامات الحمة لتلقي العلاج وكان عبارة عن مغاطس متكررة ضمن جلسات محددة في حمام "البلسم" الذي تبلغ درجة حرارته /40/ درجة مئوية واستمر العلاج لمدة أسبوع كامل وبعدها شعرت بتحسن في الجهاز التنفسي بالكامل، حيث كانت حمامات "الحمة" مزدحمة بشكل كبير بالمواطنين منهم من يأتي لتلقي العلاج ومنهم للسياحة بسبب تميز منطقة "الحمة" بالمناخ المعتدل والمريح نفسياً».

وذكر الطبيب "رشدي التميمي" عندما كان في "الحمة" عام 1947م أنه لاحظ في الحمة بعد قضاء عدة أيام تحسن حالات من الفالج الرعاش، وأطفالاً استطاعوا المشي بعد أن أقعدهم مرض الرخيطس (تلين العظام)، رغم عدم وجود مغاطس وفنيين مدربين آنذاك في أصول التمسيد والعلاج الفيزيائي المعروف حالياً.

والجدير ذكره أن "الحمة" حمام أثري في جنوبي "الجولان" ضمن منطقة تقع بين "سورية" و"الأردن" و"فلسطين" تتبع "لسورية" مساحتها /4/كم2، يحدها من الجنوب المملكة الأردنية، وكان المشرف الأول عليها وصاحب الامتياز "سليمان ناصيف"، وكان يوجد فيها حوالي /30/ فيلا مفروشة للاستثمار السياحي وحولها حدائق فائقة الجمال، وتصل المياه المعدنية إلى الفيلات ما عدا مياه البلسم.