للولادة في "القنيطرة" عادات وتقاليد ما يزال بعض الأهالي يمارسونها كنوع من أنواع المحبة والألفة، فيطرزن "ديارة" المولود الجديد يدوياً تعبيراً عن الفرح بقدومه، وتجتمع القريبات على "سفرة خلاص" الولّادة بالسلامة لتهنئتها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 تموز 2015، "منال شرقي"؛ التي تحدثت عن طقوس الولادة، وتقول: «عندما نتكلم عن طقوس الولادة في "القنيطرة" لا بد أن نذكر العديد من العادات التي منها ما يزال قائماً إلى وقتنا الراهن، ومنها ما اندثر مع مرور الوقت وتطور الحياة، ومن هذه العادات "الديارة" وهي مجموعة كاملة مؤلفة من كل ما يحتاج إليه المولود الصغير من ملابس وأغطية، كانت قديماً تحاك وتطرز من قبل نساء العائلة خصيصاً، واللون الأزرق يكون دوماً من نصيب المولود الذكر، بينما تنفرد الفتاة باللون الزهري اللطيف، في الوقت الراهن أصبحت متوافرة جاهزة في الأسواق وبألوان عديدة».

تعدّ "سفرة الخلاص" من العادات التقليدية الجميلة التي اندثرت في أيامنا هذه، نتيجة التطور ولكون أكثر الولادات تتم الآن في المستشفيات والعيادات النسائية، كما لم يعد لكأس "المغلي" أو صحن "الكراوية" المذاق المرغوب فيه، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"الديارة" اليدوية الصنع، فقد استبدلت جميع هذه الطقوس التقليدية بحفلات ذات طراز غربي تجتمع فيها صديقات الأم على غداء أو عشاء ليحتفلن بها ويقدمن الهدايا الخاصة بالطفل أو الطفلة

وتضيف: «في الأيام الأخيرة من الحمل تجتمع الجدتان والأم، كما يمكن حضور بعض العمات والخالات يوم الجمعة عندما يكون الرجال يؤدون صلاة الجمعة، وتبدأ الأم ومن معها توضيب "بقجة الولادة"، وعندما تحين آلام المخاض وبحسب العادة كانت أم الزوج وأم الزوجة تدعوان إضافة إلى "الداية" بعض المقربات من أخوات الزوجة المتزوجات (بنات الإحما والسلايف) لحضور عملية الولادة، وتشجيعها على تحمل آلام المخاض أو ليكنّ شهود عيان على جنس المولود وأوصافه، وما هي إلا لحظات حتى ينطلق صراخ المولود لتنطلق الأنظار مباشرةً باحثةً عن جنسه، لتهرع إحداهن وتزف البشرى إلى الزوج بأن الله رزقه طفلاً أو طفلة لتأخذ منه "الحلوان" أو البشارة، وتكون أغلب الأحيان نقوداً.

فضة عرسان

في حين تنهمك "الداية" بتجهيز الطفل، فتقطع حبله السري وتربطه بخيط من القطن الثخين، وتنفخ في وجهه وتخضه عدة مرات كي يستنشق الهواء، ثم تغسله بالماء المالح وتمسح عينيه وحنكه ولوزتيه بذات المحلول، وترش الملح الناعم تحت إبطيه وبين مفاصله وطيات اليدين والرجلين، ثم تلبسه "الديارة" وتلفه لفاً محكماً بواسطة ما يسمى "القنداقة" وتضعه إلى جانب أمه، وتبدأ جني "النقوط" من جداته وعماته وخالاته وكل من حضر الولادة من القريبات».

ومن الطقوس الجميلة التي كانت سائدة واندثرت نوعاً ما نتيجة التطور والتقدم الحاصل في المجتمع "سفرة الخلاص"، تحدثنا "فضة عرسان" من قرية "جرابا" عنها بالقول: «عند الانتهاء والخلاص من عملية الولادة توضع المائدة أمام الحاضرات والمدعوات اللواتي حضرن ليهنئن الزوجة بسلامتها بقولهن: "الحمد لله على قومتك بالسلامة"، وكذلك يهنئن الزوج بقولهن: "يعيش ويربى بدلالك"، ثم يتقدمن لتناول الطعام، وهذه "السفرة" كانت تعرف بـ"سفرة بنت عمران" تيمناً بسيدتنا "مريم العذراء"، وهي تقليد تحرص عليه نساء "القنيطرة" من كافة الأديان في المدينة والريف.

منال شرقي

وتضم "سفرة الخلاص" كل أنواع حواضر البيت، من: "الجبنة واللبنة والمربيات والزيتون العطون والمكدوس والبيض"، وغيرها العديد من الأصناف، ليتم بعدها بأسبوع الاحتفال بالأم والمولود الجديد بطرائق عدة، كإقامة حفلة نسائية صغيرة تضم القريبات والصديقات اللواتي يقمن بالرقص حول الولّادة، ويقدم خلالها "المغلي" أو "الكراوية"، وإذا كان المولود ذكراً يتم في اليوم السابع حلاقة رأسه وختانه ويسمى هذا اليوم بـ"السبوع"».

الباحثة الاجتماعية "منتهى العيد" أبدت رأيها بهذه الطقوس، وتقول: «تعدّ "سفرة الخلاص" من العادات التقليدية الجميلة التي اندثرت في أيامنا هذه، نتيجة التطور ولكون أكثر الولادات تتم الآن في المستشفيات والعيادات النسائية، كما لم يعد لكأس "المغلي" أو صحن "الكراوية" المذاق المرغوب فيه، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"الديارة" اليدوية الصنع، فقد استبدلت جميع هذه الطقوس التقليدية بحفلات ذات طراز غربي تجتمع فيها صديقات الأم على غداء أو عشاء ليحتفلن بها ويقدمن الهدايا الخاصة بالطفل أو الطفلة».

الكراوية