صنفه العلماء من المواقع الأثرية الهامة، واعتبروه جزءً لا يتجزأ من التراث العربي السوري، وتدل الدلائل الأثرية على أنه كان مدينة عامرة منذ عصر البرونز المبكر، والتي ورد ذكرها في نصوص "ماري" المؤرخة للنصف الثاني من القرن الثامن عشر قبل الميلاد.‏

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 تموز 2017، الكاتب "محمد بدران"، الذي قال: «تل "القاضي" يقع غربي ينبوع "بانياس" بمسيرة ثلاثة أميال، وشمالي بحيرة "الحولة" بنحو 18كم، ويرتفع هذا التل 204 أمتار عن سطح البحر، وتبلغ مساحته نحو 200 دونم صالحة للزراعة، كما يعدُّ أقصر ينابيع نهر "الأردن"، لكنه أكثرها كميّةً، وتقع جميع ينابيعه في الجانب الغربي من التل، وبجانب التل هناك مقام "الشيخ علي" الذي تحيط به أشجار البلوط، كانت تتم زيارته باستمرار من قبل سكان القرى المحيطة في "فلسطين" و"لبنان" و"سورية"، لما كان له من مكانة دينية رفيعة».

الرحالة "إدوارد روبنسون" وصف "تل القاضي" بأنه جدول كبير، ماؤه صافٍ ورائق، يتدفق من الناحية الغربية للتل، وشكل التل مستطيل يمتد من الشرق إلى الغرب، طرفه الغربي يظهر كأنه بلاطة سوداء بركانية، يتدفق الماء من خلاله على علو أقدام فوق سطح التل، فيكوّن بحيرة صغيرة في أسفله، ثم يندفع الماء في أخدود منحدر إلى "نجد". ويؤكد "روبنسون" أن هذا الينبوع من أغزر الينابيع في العالم، ينفجر منه نهر تفوق غزارته أربع مرات عن غزارة "الحاصباني"

وأضاف "بدران": «الرحالة "إدوارد روبنسون" وصف "تل القاضي" بأنه جدول كبير، ماؤه صافٍ ورائق، يتدفق من الناحية الغربية للتل، وشكل التل مستطيل يمتد من الشرق إلى الغرب، طرفه الغربي يظهر كأنه بلاطة سوداء بركانية، يتدفق الماء من خلاله على علو أقدام فوق سطح التل، فيكوّن بحيرة صغيرة في أسفله، ثم يندفع الماء في أخدود منحدر إلى "نجد". ويؤكد "روبنسون" أن هذا الينبوع من أغزر الينابيع في العالم، ينفجر منه نهر تفوق غزارته أربع مرات عن غزارة "الحاصباني"».

موقع تل القاضي

يتابع "بدران": «يعدّ تل "القاضي" موقعاً أثرياً، وقد أقيم على أنقاض مدينة "لاش" الكنعانية التي كانت جزءاً من مملكة "صيدا" ثم فرضت الجيوش الرومانية سيطرتها على "سورية" وقسمتها إلى ثلاث ولايات، وكان "الجولان" من ولاية "حوران"، وأصبح اسم التل "دانوس"، وقد كان في العصر البرونزي القديم مأهولاً بالسكان، ويعدّ القسم الأكبر من أراضي تل "القاضي" عائداً لعائلات "سورية" معروفة من بلدة "بانياس"، وبعضه لعائلات من "عين قنية" و"شبعا" اللبنانية، حيث كانوا يزرعونها ويحصدونها بواسطة فلاحي سهل "الحولة" و"الغجر" و"شوقا التحتا" و"شوقا الفوقا" و"النخيلة" و"العباسية"، واشتهرت فيه كروم العنب والزيتون وأشجار البلوط و"المل"، وقد بنيت منذ القدم إلى جانب النبع مطحنة عمل فيها عمال من القرى المحيطة».

كما يضيف "بدران": «يُذكر أن أصل نهر "الأردن" من مرج "عيون" و"الهرماس"، وكلاهما تحت "الشقيف" و"تل القاضي" و"الملاّحة"، ونهر "بانياس"؛ وهذا يعني أن نبع "تل القاضي" كان يسمى في العصر المملوكي نبع "الهرماس"، وقد خضعت منطقة تل "القاضي" إلى حكم الانتداب البريطاني على "فلسطين"، وضمن اتفاقية "سايكس بيكو" تم اقتطاع الجزء الجنوبي من التل ليبقى تحت سيطرة قوات الانتداب البريطاني، فيما صمّمت "فرنسا" على التمسك ببقية الأجزاء من التل وضمنها النبع نفسه، لكن الصهاينة أقاموا مستوطنة سموها "دان" جنوب التل، وآخرى سموها "دفنهتقعان" جنوبي التل، وحصل اشتباك بين المجاهدين العرب والمستوطنين اليهود قرب مستوطنة "دان"، وقام المستوطنون الصهاينة بالانتقام من أبقار المواطنين السوريين وقتل عدد منها ،كما نشبت أزمة حدودية بين الحكومة السورية وحكومة "فلسطين" الانتدابية إثر وضع مخفر سوري على تل "القاضي" لمراقبة التهريب، وبعد عام 1948 تحولت المنطقة إلى منطقة عسكرية، حيث جرت مناوشات عسكرية بين الجيوش العربية من جهة، وبين جيش الحرب الإسرائيلي حتى سريان اتفاق الهدنة وتم رسم المنطقة المجردة من السلاح، وخرج الجيش السوري منها، وبقيت عدة مخافر سورية في تل القاضي ومزرعة "زبدين" و"النخيلة" حتى وقت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967».

أحد ينابيع التل

"غازي الجلالي" الباحث في أنساب القبائل، وابن قرية "جباتا الزيت" في "الجولان" المحتل، يقول: «لقد أطلق العلماء على هذا التل أرض العسل لكثرة الوديان والينابيع الغزيرة فيه، التي تعدّ المغذي الرئيس لنهر "الأردن"، و"إسرائيل" منذ بداية احتلالها "للجولان" تعمل بإصرار كعادتها إلى نسب هذا المكان وغيره أيضاً إلى الجذور اليهودية في العهد البرونزي بتسميتها التوراتية للتل بتل "دان"، مع أنّ كل الدلائل تثبت أنّ العهود الكنعانية تشهد بلا منازع بعمق جذورها العربية، لكن "إسرائيل" كانت تعمد إلى استخدام علم الآثار لتسيس الاكتشافات الأثرية وتاريخها وفق التوراة، وبالتحديد تل "القاضي"، حيث قامت بتغيير اسم الموقع من تل "القاضي" بالعربية إلى تل "دان" بالعبرية، كما قامت بتأهيل الموقع وترميمه لتثبت نظرية علماء التوراة، التي تقول إنّ سيدنا "لوط" عليه السلام قد اختطف من قبل أفراد قبيلة "الدان"، فتوجه سيدنا "إبراهيم" عليه السلام لإنقاذه، وبهذا كانت تحاول إدخال منطقة "الجولان" العربي ضمن جدول الزيارات الدينية اليهودية، لكن مهما حاول الاحتلال الصهيوني أن يطرح هذه المسألة أمام بعض المحافل الدولية، لا يمكن لأي قوة تبديل حقيقة أن هذا التل جزء لا يتجزأ من تراثنا العربي السوري، وقسم من "جولاننا" الحبيب».

محمد علي بدران