كثيراً ما برز اسم "الجولان" في مجالات عدة، لكن اللفتة الأهم لمعانه في الأدب العربي من شعر ورواية وقصص، لما له من تفرد خاص ميّزه عن باقي المجالات الأخرى.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعر "حسين الغزي" ابن "القنيطرة" بتاريخ 19 تشرين الثاني 2017، إذ قال: « كثيراً ما ورد اسم جولاننا في بعض المصادر التاريخية والجغرافية، لكن وروده في الشعر الجاهلي والإسلامي يدل على عراقته منذ زمن طويل، فتارةً كان يرد باسم "الجولان"، وأخرى باسم "حارث الجولان"، وطوراً باسم "جابية الجولان"، وأيضاً كان له جدير الذكر في القاموس المحيط بـ"تجاولوا"؛ أي جال بعضهم على بعض في الحرب، ويومٌ أجول أو جولان أو جولانيّ، كثير الغبار والتراب، أما "الحارث"، فهو الأسد، وأيضاً "الجابية" وهي الجماعة وحوض الماء الضخم».

كثيراً ما ورد اسم جولاننا في بعض المصادر التاريخية والجغرافية، لكن وروده في الشعر الجاهلي والإسلامي يدل على عراقته منذ زمن طويل، فتارةً كان يرد باسم "الجولان"، وأخرى باسم "حارث الجولان"، وطوراً باسم "جابية الجولان"، وأيضاً كان له جدير الذكر في القاموس المحيط بـ"تجاولوا"؛ أي جال بعضهم على بعض في الحرب، ويومٌ أجول أو جولان أو جولانيّ، كثير الغبار والتراب، أما "الحارث"، فهو الأسد، وأيضاً "الجابية" وهي الجماعة وحوض الماء الضخم

وأضاف "الغزي": «احتل "الجولان" مساحة واسعة عند الشاعرين "النابغة الذبياني" و"حسان بن ثابت الأنصاري"؛ وذلك لأنهما لازما ومدحا ملوك الغساسنة الذين أسسوا دولتهم في "حوران" و"الجولان"؛ إذ يقول "النابغة" راثياً "النعمان بن حارث الغسانيّ":

الشاعر "حسين الغزي"

"دعــاك الهوى واستجهلتك المنازل... بكى حارث الجولان من فقْد ربه

وكيف تصابي المرء والشيب شامل... وحوران منه موحــش متضائل"

الشاعرة "إيناس الطويل"

وفي ذات القصيدة، قال:

قرية "فيق" في "الجولان" المحتل

"فآلبَ مُصَلّوه بعين جليّة... وغودر في الجولان حزمٌ ونائلُ"

أما "حسان بن ثابت"، فقد ذكر "الجولان" في مواضع متعددة، ومنها قصيدة مدح بها الغساسنة، قائلاً:

"أباحَ لها بطريق غسان غائطاً... له من ذرا الجولان بقل وزاهر

تربّع في غسان أكفاف محبل... إلى حارث الجولان فالنّي ظاهر"

أي إن القائد "غسان" ترك لهم أرضاً واسعة سهلة، فيها بقل ونبات مزهر على حواف جبل "محبل" إلى أطراف جبل "الجولان"، وذلك بعد أن أمضى هذا القائد فصل الربيع على ماء غسان.

كما نرى أيضاً "الجولان" في قصائد "الأخطل":

"فأين بنا غداة دنون منهم... وهن إليك بالجولان صور"

أما "الراعي النميري"، فقد مدح بني أميّة، قائلاً:

"روين ببحــر من أمـيّة دونــه... دمـشق وأنها لهن عــجيـج

كذا حارث الجولان ببرق دونه... دساكر في أطرافهن بروج"

وآخرون من الشعراء ذكروا قرى "الجولان" الخلابة، كـ"القعقاع بن عمرو التميمي"، الذي فر بانتصار معركة اليرموك، وذكر قرية "الياقوصة" قائلاً:

"ألم ترنا على اليرموك فُزْنا... كـما فُـزْنا بأيــام العـراق

قتلنـا الروم حتـى تســاوي... على اليرموك مفروق الوراق

فضضنا جمعهم لما استحالوا... على الواقوصة البتر الرقاق"

و"أبو النواس" الذي ذكر قرية "فيق" في الطرف الجنوبي الغربي من "الجولان"؛ إذ قال:

"بحجك قاصداً ماسرجسان... بدير النوبهار فدير فيق"

وفي معجم البلدان لـ"ياقوت الحموي" أيضاً ذكر مركز "فيق"، عندما قال:

"و قطعت من حافي الصوى متحرفاً... ما بين هيت إلى مخارم فيق"».

يتابع "الغزي": «وبعد عدوان 1967م، بدأ اسم "الجولان" يبرز في أدب الأدباء السوريين والعرب، وبدأ الشعراء يتناولون فخر تشرين وتحرير "القنيطرة" بفرح، ممجدين بطولات المقاتلين وشهداء التحرير، ولعل أروع ما كُتب عن انتصار تشرين قصيدة "ترصيع بالذهب على سيف دمشقيّ" للشاعر "نزار قباني":

"جاء تشرين.. إن وجهك أحلى بكثير.. ما سره تشرين الثاني

كيف صارت سنابل القمح أعلى؟

كيف صارت عيناك بيت السنونو؟

إن أرض الجولان تشبه عينيك

فماءٌ يري ولوزٌ وتين

كل جرح فيها حديقة ورد

وربيع ولؤلؤ مكنون

اسحبي الذيل يا قنيطرة المجد

وكحّل جفنيك يا حرمون"

أما الشاعر "سليمان العيسى" الذي أبدع في وصف حرب تشرين وبطولات المقاتلين في قصيدته "الخالدون"، فقال:

"ناداهم البرق فاجتازوه وانهمروا... عند الشهيد تلاقى الله والبشـر

ناداهــم الموت فـاختاروه أغنيــة... خضراء ما مسّها عود ولا وتر

تعـانق النسـر والتـاريخ ملحمــة... وكـبّر الشعب والينبوع والحجر

وأينعت بالدم الجولان وانضفرت... سيناء يا روعة الإكليل ينضفر"

وهناك أيضاً أبناء "الجولان" من الشعراء، ذكروا جولانهم ليس في قلوبهم فقط، وإنما في دواوينهم، كالشاعر "فيصل المفلح" الذي ذكر قريته الوادعة "سكوفيا" التي تعرضت لمجزرة صهيونية بشعة، في مجموعاته "شرفات الشوق" ضمن قصيدة بعنوان: "لم أنم منذ فارقت الجولان":

"ظن البغاة ذرا الجولان مأمنهم... تاهت من العصبة الأشرار أفهام"

ومن الجيل الصاعد من أبناء "الجولان" الشاعرة "إيناس الطويل" في قصيدتها:

"جولان مهد للعروبة إذ غدا... صرحاً يعاند مطمع العدوان

قلب الجنوب ونبضه لمّا يزل... قد فارق الأجساد لا وجداني

ولســوف يشغفك الرقّاد فإنه... رمز تجدّد دافـئ الأحضـــان

جولان سوري الهوى وربيعه... نبت جميل ناضر البستان"».

الشاعرة "إيناس الطويل" قالت: «لم يقتصر ذكر "الجولان" في الشعر، إنما هناك العديد من الروايات التي تناولت قضيته منذ مأساة النزوح، كرواية "قناديل الليالي المعتمة" التي يعيدنا فيها كاتبها إلى المدة التي سبقت نكسة حزيران، وهو كاتب من أصول جولانية استمد شخصيات روايته من شخصيات واقعية مشحونة بالروح الوطنية، وأيضاً رواية "ألف ليلة وليلتان" للكاتب "هاني الراهب"، وهي رواية تدور أحداثها قبيل وبعيد نكسة حزيران، وروايات أخرى معروفة، مثل: "الخندق" للكاتب "محمد وليد حافظ" من مواليد "الجولان"، وشارك في حرب 1973م، ورواية "صخرة الجولان" للدكتور "علي عقلة عرسان"، و"دعوة إلى القنيطرة" للأديبة "كوليت خوري"، و"أزهار تشرين المدماة" للأديب الدكتور "عبد السلام العجيلي"، ورواية "الأبتر" التي تناولت قضية "الجولان" وفضحت الإرهاب الصهيوني لـ"ممدوح عدوان". ولعل أهم الروايات التي تحدثت عن وحدة الدم والمصير العربيين وبطولات التجريدة "الكتيبة" المغربية إبان حرب تشرين، رواية الكاتب المغربي الدكتور "مبارك ربيع" بعنوان: "رفقة السلاح والقمر". أما في مجال المجموعات القصصية والقصص المنفردة، فهي كثيرة تستعصي الحصر، لكن سأذكر مجموعات أبنائه: "المدفع الخامس" لـ"محمد حافظ"، و"قصر الكلبة" و"الورد لا يبتسم لموته" لـ"نادر الفاعوري". ومن الكتّاب السوريين "فارس زرزور" كاتب "شجرة البطم"، و"ناديا خوست" "قصة تل الفرس"، و"وجع من ذاكرة بانياس" لـ"قمر كيلاني"، و"ذكريات الفرح وطفولة بانياس" لـ"زهير جبور"، هذه الروايات والقصص جميعها تناولت الإنسان العربي وخاصة الجولانيون منهم الذين صمموا على أن يعيدوا إلى وطنهم كرامته ويضمدوا جراحه».