ذاع صيته في محافظته "الرقة"، وتحلّى بالقيم العربية الأصلية من كرم وشهامة، واجه المستعمر الفرنسي بقصة باقية في الأذهان.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 26 أيلول 2017، تعرفت إلى سيرة المرحوم الشيخ "علي بشير الهويدي" أحد وجهاء محافظة "الرقة" من خلال ولده الشيخ "بوزان الهويدي"، الذي تحدث بالتفصيل عن مسيرته، وبدأ عنها بالتالي: «كانت ولادته ضمن أسرة كان الجدّ والأب من وجهاء المنطقة، وقد تولّى بعد والده أمور العشيرة، وسار على نهجهما ينشد المحبة والسلام، وبتر الخلافات بين الأهالي وأبناء المنطقة، تصدى لحلّ الكثير من الإشكالات، ودفع في سبيل ذلك المال والوقت وجهداً كبيراً، قطع آلاف الكيلو مترات لإنجاز صلح بين متخاصمين، أمّا "الربعة" التي ورثها من الأجداد إلى الأبناء، فحافظ على قيمتها ودورها في المجتمع، ويومياً كان يستقبل العشرات في مضافته من المحافظة وغيرها من المناطق والمحافظات الأخرى؛ حيث يعرضون مشكلاتهم وأوجاعهم، لا يغادر صاحب الحاجة المكان، إلا بتنفيذ وتحقيق غايته والحاجة التي قدم من أجلها. قبل أن يتولى زمام أمور العشيرة، اعتقل والده من قبل المحتل الفرنسي، فانتفض في وجهم بشدة أكبر، لأنّ الأسرة كانت معروفة بوطنيتها ومحاربتها للمستعمر. أمّا عند اعتقال أحد رموز العائلة، فقام بجمع العشرات من الشباب وتسبب للفرنسيين بمتاعب وخسائر في شتى المجالات».

عند الحديث عن رموز محافظة "الرقة" بوجه خاص، فإن اسم المرحوم وأسرته في الواجهة، تحلى بالقيم الأصلية، وطبّق كل العادات الراقية والحضارية التي تتباهى بها العشائر في المنطقة الشرقية، استقبلت مضافته الزعماء والوجهاء والرؤساء والرعيان، لم يفرق بين أي شخص عندما يزوره، سمعنا عنه قصصاً عن نشر السلام والمحبة بين الناس في قمّة الروعة، إضافة إلى الأهم؛ حكمته في حل الخصام بين المتخاصمين. كثيرون من أبناء محافظتنا يتحدثون عن مسيرته النبيلة، فقد سطّر فيها كل الخير والإنسانية

ويضيف الشيخ "بوزان": «أثناء إدارته زمام أمور العشيرة، استقبل الرئيس "شكري القوتلي" عام 1946، واستقبل الرئيس "أديب شيشكلي" أربعة أشهر في منزله الخاص عام 1940، لأنه كان مطلوباً للقوات الفرنسية المحتلة، ورفض الوالد تسلميه، وتمّ قصف المنزل بالطائرات، والتهديد والوعيد والتعذيب، ولم يقدم "الشيشكلي" لهم، استمر في تصديه للمحتل بشتى السبل، صادق معظم زعماء ووجهاء البلد، فكانت له مكانة اجتماعية بارزة. ومن أجل أبناء محافظته تحديداً كان يسافر إلى "دمشق" يتواصل مع المسؤولين ويبحث معهم لحل مشكلاتهم. أمّا أثناء رحلة علاجه في "بريطانيا"، فبعد أن علم بوجود وزير دفاع الكيان الصهيوني في ذات الفندق الذي سيقيم فيه، غادر الفندق فوراً؛ لأنه لا يقبل أن يكون في أي مكان مع أحد أركان الكيان الصهيوني، على الرغم من حالته الصحية الحرجة، لكنه قال: (أتحمل وجع الجسد، لكنني لا أتحمل وجع البال والضمير). عند وفاته بتاريخ 20 آب 1984، خرج الآلاف بجنازته، قدموا من كافة المناطق السورية، إضافة إلى المسؤولين والوجهاء والشيوخ، وكان بينهم آلاف المحبين من أبناء الوطن، هذا الوداع يكفينا، ويكفينا أيضاً حديث الناس عنه حتّى اليوم، فأنا اليوم في مدينة "القامشلي"، وهناك الكثيرون يتحدثون عن مواقف جميلة كان الوالد أحد أطرافها».

جانب من مضافته في الرقة

الحاج "صالح محمود" من وجهاء العشائر في محافظة "الحسكة"، تحدّث عمّا سمعه عن المرحوم "علي الهويدي": «عند الحديث عن رموز محافظة "الرقة" بوجه خاص، فإن اسم المرحوم وأسرته في الواجهة، تحلى بالقيم الأصلية، وطبّق كل العادات الراقية والحضارية التي تتباهى بها العشائر في المنطقة الشرقية، استقبلت مضافته الزعماء والوجهاء والرؤساء والرعيان، لم يفرق بين أي شخص عندما يزوره، سمعنا عنه قصصاً عن نشر السلام والمحبة بين الناس في قمّة الروعة، إضافة إلى الأهم؛ حكمته في حل الخصام بين المتخاصمين. كثيرون من أبناء محافظتنا يتحدثون عن مسيرته النبيلة، فقد سطّر فيها كل الخير والإنسانية».

يذكر أن المرحوم "علي الهويدي" من مواليد محافظة "الرقة"، عام 1918.

مشاركون في جنازته