على الرغم من اعتزاله اللعب منذ مدة طويلة، إلا أن اسمه ظل محفوراً في أذهان عشاق كرة اليد، لما يمتلكه من إمكانيات فنية واضحة؛ رجولة في الأداء، وهداف بارع في الملعب، ووفاء كبير لناديه جعله متميزاً في عصره، إضافة إلى تمتعه بحيز كبير من الأخلاق والسيرة الحسنة.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 آذار 2018، تواصلت مع الكابتن "محمود عبد الكريم" ليحدثنا عن مسيرته الرياضية، حيث يقول: «البداية كانت في مدرسة "عدنان المالكي" ضمن فريق كرة السلة الذي شارك في بطولة مدارس المحافظة، التي كان يشرف عليها المربي "خلف الحسن"، الذي دعاني بدوره للانتساب إلى نادي "الشباب" بعدما أعجب بي، وكان ذلك في عام 1966، حيث تدرجت بكافة فئات النادي، وشاركت مع منتخب المدارس ومنتخب المحافظة في كافة المباريات».

عملت حكماً بالدوري السوري لكرة اليد، وقدت الكثير من المباريات فيه، وتم تكريمي كأفضل رياضي في محافظة "الرقة" في إحدى السنوات، وكرئيس لنادي "الشباب" عندما تم إحراز بطولة العرب في "المغرب"

وعن تحوله لممارسة كرة اليد، يقول: «في تلك المرحلة، بدأ انتشار كرة اليد يتسع، فدعاني المدربان "محمد المصطفى" و"عبد الصالح" للانضمام إلى فريق كرة اليد، وهكذا كنت أشارك في نشاط اللعبتين إلى جانب عدد كبير من أبرز لاعبي "الرقة"، وفي عام 1970، انتقلت إلى محافظة "حمص" لمتابعة دراستي في دار المعلمين، حيث انتسبت إلى نادي "حمص الأهلي" سابقاً، "الوثبة" حالياً، ولعبت معهم عدة سنوات، كما مثلت منتخب "حمص" في العديد من اللقاءات».

أثناء تدريبه لنادي الشباب

وعن أول ظهور له على مستوى المنتخب الوطني، قال: «كان ذلك في عام 1973، بعد مشاركتي في بطولة المحافظات التي جرت في "حلب"، حيث برزت خلال المباريات، وتمت دعوتي لتمثيل المنتخب الوطني في اللقاءات الخارجية، كذلك تكرر هذا الأمر في عام 1976 أثناء استعداد منتخبنا الوطني للدورة العربية الخامسة في "دمشق"، وفي عام 1978، شاركت مع المنتخب الوطني في الدورة الدولية للصداقة في "بلغاريا"، وكأس "فلسطين" في العام نفسه».

أما عن مشواره في الجانب التدريبي، فأوضح: «بعد اعتزالي اللعب في عام 1983 توجهت إلى ميدان التدريب، وشاركت بالدورة التدريبية التي أقامها اتحاد كرة اليد بإشراف الاتحاد العربي، ودورة أخرى بإشراف الاتحاد الألماني، وتم تكليفي بتدريب منتخبات مدارس المحافظة على مختلف مراحلها، إضافة إلى فرق نادي "الشباب"، ومنتخب المحافظة، وقد حققت الفرق التي دربتها مراكز متقدمة في الدوري، وخاصة بفئات الناشئين والشباب، حيث نافسنا على مراكز الصدارة أكثر من مرة، وساهمنا في صعود النادي إلى الدرجة الأولى وبقائه فيها عدة مرات».

من احتفالات الرقة بأبطال الدراجات

وعن أهم المهام الإدارية التي كلّف بها، يقول: «في عام 1985، تمت تسميتي رئيساً لنادي "الشباب" لعدة سنوات، وفي تلك المرحلة حققنا العديد من الإنجازات المهمة التي وصلت إلى المستوى العربي عندما حصل أبطال النادي بالدراجات الذين تم اختيارهم لتمثيل المنتخب الوطني على بطولة العرب التي أقيمت في "المغرب"، كما حصل أبطال النادي في ألعاب القوى على العديد من المراكز المتقدمة في بطولات الجمهورية، كما تم تكليفي أيضاً عضواً باللجنة الفنية لكرة اليد، ثم عضواً في قيادة الرياضة بالمحافظة لعدة سنوات، وبعد انتهاء مهمتي عدت إلى العمل في الرياضة المدرسية كمشرف رياضي في دائرة التربية الرياضية، وبعدها تمت تسميتي أميناً لسر المعهد الرياضي لحين تقاعدي من العمل».

وعن الذكريات الطريفة العالقة بذهنه، يقول: «في الثمانينات كانت المنافسة على أشدها بين الناديين الجارين "الشباب" و"الفرات"، حيث كانت تحفل لقاءاتهما بالندية والحماسة، وفي إحدى المباريات سجلت عدداً كبيراً من الأهداف، وبعد انتهاء المباراة عرض عليّ أحد داعمي نادي "الفرات" في تلك المدة المرحوم "شعبان الخضر" عرضاً مغرياً يتمثل بتقديم قطعة أرض ومبلغ من المال لي مقابل انتقالي إلى ناديهم، لكنني اعتذرت نتيجة محبتي ووفائي للنادي الذي عشت فيه أجمل أيام عمري. ومن الذكريات المرة التي مازالت في البال؛ عندما عملت في اللجنة التنفيذية تمت محاربتي من بعض الأشخاص؛ لأنني وقفت في وجه تصرفاتهم، وحاولوا الإساءة إليّ بتوجيه بعض الاتهامات؛ وهو ما دفعني إلى تقديم استقالتي والابتعاد عن تلك الأجواء غير الصحية في العمل».

ويضيف: «عملت حكماً بالدوري السوري لكرة اليد، وقدت الكثير من المباريات فيه، وتم تكريمي كأفضل رياضي في محافظة "الرقة" في إحدى السنوات، وكرئيس لنادي "الشباب" عندما تم إحراز بطولة العرب في "المغرب"».

"حسين النهار" صديقه في الدراسة والرياضة، عنه يقول: «لقد عشت مع "محمود" مدة طويلة، وهو من الأصدقاء الأوفياء الذين أعتز بمعرفتهم، حيث قضينا أياماً جميلة أثناء دراستنا في "حمص"، وكان نعم الأخ والصديق، وفي المجال الرياضي امتلك البنية القوية والعقل المتقد؛ يحسن المناورة والتهديف من كافة الاتجاهات، وبرز بروزاً لافتاً في لعبتي السلة واليد، وكان فريقه يعتمد عليه كثيراً، حيث كان المنقذ بالنسبة له في اقتحام حصون الفرق المنافسة، وسداً منيعاً في ذات الوقت بالمواقع الدفاعية، وكانت محبته ووفاؤه لناديه مضرباً للمثل، واكتسب سمعة طيبة من خلال حسن تعامله مع جميع الكوادر الرياصية، حيث ترك أثراً رائعاً في نفوس كل من عرفه وتعامل معه».

بدوره "عبد الفتاح الزين" الذي تدرّب على يده، يقول: «الكابتن "محمود" لم يكن مدرباً لنا فقط، بل كان أخاً ومربياً استفدنا كثيراً من خبرته كلاعب دولي له تجارب كثيرة، وخلال تلك المرحلة حققنا نتائج رائعة بإشرافه، حيث أحرز فريقنا المركز الثاني بعد نادي "النواعير"، والمركز الأول ضمن منتخب المحافظة، وكان له فضل كبير على عدد من اللاعبين المتميزين في نادي "الشباب"، وستبقى له ذكرى جميلة في نفوس معظم اللاعبين؛ لأن له أيادي بيضاء على مسيرة كرة اليد في نادي "الشباب"».

مما تجدر الإشارة إليه، أن الكابتن "محمود عبد الكريم" من مواليد "الرقة"، عام 1952.