قد تكون القصص المتوارثة عن "قوس أبو حيار" الواقع في قلب "اللجاة" خرافية للذين لم يروه عن قرب، وهو الذي تكسرت على جوانبه جيوش الغزاة، ووسط جرفه العميق وصخوره العملاقة تتدلى أشجار ونباتات تدهشك في كيفية نموها وقدرتها على الصمود.

فريق مدونة وطن "eSyria" الاستكشافي زار "قوس أبو حيار" الواقع في قلب "اللجاة" يوم الثلاثاء الواقع في 11 آب 2015، وجالت في أرجائه برفقة عدد من أهالي قرية "صميد"؛ حيث تحدث أستاذ الجغرافية والموثق الميداني المعروف "فايز شلغين" عن سبب التسمية والموقع بالقول: «هي تسمية قديمة جداً ترجع إلى بدايات سكن الأهالي في "اللجاة"، حيث يقع شمال قرية "صميد" بما يزيد على نصف كيلو متر، وهو سلسلة صخرية شرق غرب مرتفعة عما حولها بطول يصل إلى نصف كيلو متر، وتشبه السد المنيع الذي يقفل الطرق على "اللجاة"، ويعد من أشد الأماكن وعورة، وفيه أكبر صدع في "اللجاة" التي تشكلت في الزمن الجيولوجي الرابع على شكل صبّات بركانية وتبرّدت بسرعة فأصبحت وعرة المسالك كثيرة الصدوع والمغارات والمنخفضات والتلال الصخرية».

يتألف عرض الصدع من سبعة إلى خمسة عشر متراً، وبعمق من خمسة إلى عشرة أمتار، ولذلك يحتار من يقصده كيف ومن أين يمر، وهو بنفس الوقت يربط "صميد" بطريقين من جانبيه، ويربط "اللجاة" بعشرة طرق، ولم يستطع أحد على مر التاريخ أن يقتحم المنطقة عن طريق القرية، وبعد هذا القوس -الذي اكتسب اسمه من الحيرة التي يقع فيها الشخص عندما يصطدم به- تصبح الطرق أسهل استخداماً وواضحة المعالم

وتابع: «يتألف عرض الصدع من سبعة إلى خمسة عشر متراً، وبعمق من خمسة إلى عشرة أمتار، ولذلك يحتار من يقصده كيف ومن أين يمر، وهو بنفس الوقت يربط "صميد" بطريقين من جانبيه، ويربط "اللجاة" بعشرة طرق، ولم يستطع أحد على مر التاريخ أن يقتحم المنطقة عن طريق القرية، وبعد هذا القوس -الذي اكتسب اسمه من الحيرة التي يقع فيها الشخص عندما يصطدم به- تصبح الطرق أسهل استخداماً وواضحة المعالم».

الجرماني داخل الجرف مع تينة صغيرة

كانت مهمة "جمال مهنا" عضو فريق الاستكشاف البحث عن المغارات التي اكتشفها الثوار من قبل، وكانت مهمة شاقة لصعوبة التنقل، ولأن المغارات قد تكون مخفية بحجر كبير ومموهة بالصخور، يقول: «كانت مهمتي مع بعض شباب القرية صعبة في ظل الظروف الحالية، حيث اعتمدنا على تمشيط المنطقة بحذر، وكانت المغارات المعروفة للناس شمال القوس وليس حوله؛ مثل المغارة المشهورة التي سكنها المناضل "رشيد طليع" قبل مغادرته "اللجاة" وفي أيام مرضه الأخيرة، وأسفل القوس كان هناك ما يشبه القوس الأرضي الصغير التابع له، وفيه جروف كثيرة، ولكنني اكتشفت مغارة بابها صغير ومردوم بالحجارة وغير معروف للناس، ووجدت أن موضع الحجارة على الباب كأن الذي وضعها لا يريد لأحد أن يدخل إليها من بعده، وبعد عناء دخلت إليها من بابها الضيق لنجد الاتساع الكبير والمكان الذي يشعرك بالبرودة من الحر الشديد الذي رافقنا، وهي مناسبة للسكن والاختباء عن العين، ومن الصعوبة معرفتها لأنها عميقة في الأرض كقبو مظلم، ولا يوجد فيها أي معالم للحفر أو التخريب، وأرضها مستوية ونظيفة».

كانت الأشجار والنباتات المتنوعة تحيط بالقوس، وتخرج من بين الصخور العملاقة، والشيء الذي يدعو إلى الدهشة تلك الأشجار الخارجة من قلب الجرف الصخري العميق في ظاهرة فريدة من نوعها، وهي أصول برية ما زالت تقاوم الطبيعة الصعبة لتعيش، وأوضح المهندس "عادل الجرماني" عضو الفريق الاستكشافي عن تلك الحالة بالقول: «هو عبارة عن جرف صخري طبيعي طوله مئات الأمتار بعرض وارتفاع العشرات يتوسطه جرف بعمق عدة أمتار ناتج عن التبريد البركاني، وعندما تدقق في صخوره الخضراء تكتشف أكاسيد الحديد التي لونت الصخور كأنها فنان، وعندما تتقدم بداخله تجد أشجار "اللجاة" البرية الطبيعية كالزيتون والتين واللوز والبطم وغيرها، وكلها تآخت مع الصخور غير آبهة بقسوة الطبيعة والزمن المديد، نبتت من بين الشقوق والصخر، تبحث عن جذورها لا تجدها وتحتار بأي اتجاه هي وكيف تغلغلت بين الطبقات الصخرية، هذه هي كنوز "اللجاة" الباقية على مر الزمن من دون أن يهتم بها أحد، لكن هي مهتمة بنفسها وتدعونا لزيارتها والتمتع بسحر جمالها وإنتاجها المجاني، وقد بات لفريق الاستكشاف في مدونة وطن "eSyria" شجرة زيتون برية عملاقة، إنتاجها غير محدود، وتقع في الجرف محافظة على نظارتها وعظمتها؛ حيث وعد الأهالي بالاهتمام بها ورعايتها لتكون شاهداً على أن أناساً مرّوا من هنا لا هدف لهم سوى الفائدة والمتعة والاستكشاف، وهي دعوة لكل الناس لزيارة هذه المنطقة النادرة ليتعرفوا إلى الجمال الرباني، والقدرة العظيمة التي نتجاهلها».

جمال مهنا أمام المغارة المكتشفة
زيتونة مدونة وطن في قوس أبو حيار