عمل الكاتب والرحالة "عدنان عزام" على المزج بين أدب الرحلات والترجمة، حيث ترجم للثقافة أكثر من خمس مؤلفات، إضافة إلى مشروعه الثقافي الكبير "الاستغراب".

حول التحول بين الثابت الأدبي والمتحول إلى الترجمة، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 تشرين الأول 2017، التقت الكاتب والرحالة "عدنان عزام" عضو اتحاد الكتّاب العرب، الذي بيّن قائلاً: «حين بدأت مشروعي الثقافي لخصته بما خاطبت به الرحالة: "ارتحلوا، انطلقوا أيها الرحالة العظماء، فأنتم لستم نفس الأشخاص عند بدء الرحلة". كلمات الرحالة العتيق ليست من جنس النبوءة، لكنها من وحي السحر الذي يمارسه فعل الترحال على الإنسان، والآثار التي يحدثها في حياته، الترحال قديم قدم البشر، خبره الإنسان فرداً وجماعة وقبيلة وقوماً. ولا أظن أن مبدعاً في أي جنس من الفنون والآداب والعلوم غير مدان للطرق والمسالك والدروب بإبداعه، هذه الطرق التي قادت الرحالة ليتعرّف إلى الجغرافية والبشر، خاصة في العصور التي لم تكن تشبه عصرنا الرقمي اليوم؛ أي في عصور كانت كتابات الرحالة تعدّ مصدراً مهماً للمعارف والعلوم والتراجم، وخاصة في علم الأثنوغرافيا؛ (أي وصف أساليب حياة وتقاليد وقيم وأدوات وفنون المجتمع)، وعلم الأثنولوجيا؛ أي تحليل وتفسير الحالة الثقافية للمجتمع. ولا نستغرب عندما نقرأ أن القادة في السابق كانوا يحثون من يتوسمون فيهم اليقظة وحب المعرفة على الترحال، ووصف "المأمون" ذلك بقوله: (لا شيء ألذ من السفر في كفاية وعافية، لأنك تحل كل يوم في محلة لم تحل فيها، وتعاشر قوماً لم تعرفهم)».

تميّز عمل الكاتب والرحالة "عدنان عزام" بخاصية مهمة؛ لأنه جمع بين أدب الرحلات والترجمة في أعماله، حيث وثّق رحلته بطريقة أدبية، وعمل على ترجمة أمّات الكتب المعاصرة نافت عن خمسة مؤلفات في الترجمة، وأغنى المكتبة العربية برؤية جديدة في ربط وشائج العلاقة بين الأدب والترجمة، وساهم في بناء رؤية بمشروع ثقافي مهم هو "الاستغراب"، ويعمل جاهداً على تفعيل ذلك بجهد لا ينضب، حيث امتازت لغته السردية في الترجمة كما في الأدب على إيقاعات متسلسلة تراوح بين الصعود والانخفاض أحياناً، لكن أغلبها واقعية الهوى ومنسجمة الطبع مع الذات والصوت والفكر والتطلع

وتابع عن علاقة الترحال بالترجمة بقوله: «من أجلّ العلم والمعرفة والرحالة، يجب أن يكون شاهداً على عصره، كاتب وفيلسوف ومؤرخ، ما هذا الحمل الثقيل الذي بدأت أشعر بوطأته، لم تشفع لي دراسة الحقوق ولا قراءة "ماركس، ولينين، ونيتشة، وجبران، والمتنبي"، ولا ثقافة مضافات جبل العرب، ويبدو أن معرفة الفلاسفة وتاريخهم والغوص في غمار الثقافة والبحث في الترجمة وعلمها الأرحب لا يشفع بالتماهي مع متطلبات الحياة المعاصرة، وفوق كل هذا يبقى الترحال -على الرغم مما تقوم به وسائل الاتصالات الحديثة والعصرية- وسيلة لا غنى عنها لدراسة عادات وأخلاق الشعوب بدقة، وإعادة قراءة التاريخ، ولو لم أقاسِ وأتحمّل أياماً وليالي على الطريق، لما كنا نستمتع بالحوار الذي يوشك أن يوقظ "سقراط" من قبره. كل هذه المعايشات تفرض ذاتها على معارفنا وسلوكنا المعرفي لتصبح طبيعة ثانية للرحالة وثقافته والتزامه تجاه قضية الثقافة، ليجد نفسه مسكوناً بفضول علمي وأدبي بلا حدود؛ لا يرويه إلا مزيد من القراءة وترجمة أمّات الكتب في البلدان التي وصل إليها الرحالة، وبقي بعض من روحه فيها. كل ذلك دفعني إلى الترجمة لأقوم بترجمة أمّات الكتب خلال العقد الماضي بمؤلفات نافت عن خمسة كتب للترجمة مع توثيق لرحلتي التي دامت 1300 يوم بمجلدين. وأشعر بأن الترجمة وأدب الرحلات صنوان في حياة من أراد أن يكون أديباً وكاتباً ومترجماً».

فادي حديفة

الباحث في علم الاجتماع "فادي حديفة"، بيّن بالقول: «تميّز عمل الكاتب والرحالة "عدنان عزام" بخاصية مهمة؛ لأنه جمع بين أدب الرحلات والترجمة في أعماله، حيث وثّق رحلته بطريقة أدبية، وعمل على ترجمة أمّات الكتب المعاصرة نافت عن خمسة مؤلفات في الترجمة، وأغنى المكتبة العربية برؤية جديدة في ربط وشائج العلاقة بين الأدب والترجمة، وساهم في بناء رؤية بمشروع ثقافي مهم هو "الاستغراب"، ويعمل جاهداً على تفعيل ذلك بجهد لا ينضب، حيث امتازت لغته السردية في الترجمة كما في الأدب على إيقاعات متسلسلة تراوح بين الصعود والانخفاض أحياناً، لكن أغلبها واقعية الهوى ومنسجمة الطبع مع الذات والصوت والفكر والتطلع».

يذكر أن "عدنان عزام" من مواليد "عريقة" عام 1957، خريج كلية الحقوق، أصدر كتاب "فارس الأمل" عام 1989، كما أخرج وأنتج أربعة أفلام وثائقية، ثم أصدر كتاب بعنوان "الاستغراب" بجزأين، وترجم كتاب "المحنة السورية" و"الحرب الكونية على سورية".

الرحالة والكاتب عدنان عزام
من أدب الرحلات