ترسم "سهى العياص" لوحاتها الملأى بمشاهد الطبيعة والأنثى بطريقة يكون فيها التوازن بين الفكرة واللون والخط سيد العمل، وذلك إيماناً منها بأنه كلما كانت اللوحة متكاملة العناصر، تعبّر عن فنّ وذوق رفيع.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "العياص"، في 7 تشرين الأول 2017، فتحدثت عن سبب اعتمادها على التوازن بين الفكرة واللون والخط في أعمالها الفنية بالقول: «لأن اللون والفكرة والخط أساس بناء اللوحة الفنية؛ على الفنان ألا يتحيز إلى أي مكون على حساب الآخر، فالعمل الفني كل متكامل؛ لذلك يجب أن يكون العمل مدروساً من كل الجوانب ليظهر قوياً بكل عناصره، ويتجاوز أي علامة ضعف، وهنا يحصد العمل المصداقية والإجماع، وكلما كان العمل متكاملاً، حقق التأثير المطلوب بالمشاهد؛ لذلك ترى في لوحاتي أن العمل يبدأ بالفكرة التي تعدّ نقطة البدء في بناء اللوحة، ثم يأتي اللون ليؤكد الفكرة، وتخدم الخطوط هذا الاتجاه أيضاً من حيث الاستقامة والميول، وهذا يظهر في كل أعمالي الفنية، سواء التي رسمت فيها الطبيعة، أو المرأة، أو الوجوه».

الفن رسالة، وليس عملاً للزينة، وأنا في أعمالي الفنية أحاول أن أجسّد ذلك، من خلال تجسيدي للحدث الذي يخص مركز انتمائنا، فالمرأة والطبيعة السورية حاضرة في أعمالي، وهذا ليس تحيزاً، ولم يمنعني من رسم ما هو إنساني أصلاً، لكن علينا دائماً أن نوثق من خلال فنّنا الجمال الذي ننتمي إليه كمجتمع له خصوصية ضمن الخصوصيات العالمية

وعن سبب غلبة المدرسة الانطباعية على أعمالها، تتابع: «لأن الانطباعية هي مدرسة التحرر من الواقع، ولأنني أحب أن أرسم الطبيعة، وهدفها الانطلاق إلى الطبيعة، ودراستها دراسة تتعدى المنظور، وتدرس الانعكاسات، ففي تأثير الضوء نرى الفنان لا يرى الضوء أصفر وأبيض فقط، بل يتعدى ذلك إلى اللون الأصفر والبرتقالي والأحمر؛ أي كل الألوان الحارة، كما يتعامل الفنان في هذه المدرسة مع الظل باللون الأزرق والبنفسجي والأخضر عوضاً عن الأسود؛ وهذا يجعل اللوحة أكثر غنى وسحراً وجمالاً وتفاؤلاً؛ وهذا الأسلوب يخدم الفنان ويحقق له فضاء أوسع، وخاصة أن هذا الفضاء هو القيمة الجمالية الحقيقية للفن، وأنا في هذا الأسلوب أشعر بجمالية خاصة في لوحاتي من خلال استخدام الظل بمفهومه الواسع، وكل ذلك بكل التقنيات التي يستخدمها الفنان من الريشة والسكين والإصبع واليد، مع أنني أعتمد على الريشة كثيراً؛ لأن ذلك يعطيني إحساساً قوياً في العمل، كما أنني جربت كل الخامات من المائي والزيتي والرصاص، ورسمت البورتريه».

الفنان نشأت الحلبي

وعن تجربتها الفنية، تقول: «التجربة تطورت مع تقدم الزمن، في البداية تكون الخبرة غير كافية، وخاصة في طريقة استخدام اللون والتقنية، لكن مع الاستمرار تطورت التجربة، فأصبحت الأعمال أكثر إشراقاً من ناحية الفكرة واللون، وهذا ما أعدّه حالة تجدد وانتقال؛ لذلك تشاهد في لوحاتي الأخيرة في معرض "تغريبة"، الذي أقيم في صالة "قصيد فن"، والذي تحدثت فيه أعمالي عن الوضع الراهن، أعمالاً أكثر نضجاً من الأعمال السابقة، فعلى الرغم من حزن الفكرة، كان هناك إشراق للون، فالتجربة كلما تطورت أصبحت تفضي بإحساس أكثر بالحياة، ولدي اليوم 400 عمل فني بكل المقاسات الصغيرة والكبيرة، وقد تناولت فيها المرأة والأسطورة والطبيعة، وفي كل أعمالي كانت الرسالة للحياة».

وعن غلبة تصوير الطبيعة في أعمالها، تقول: «بكل بساطة أحسّ بأنني جزء من الطبيعة، وأؤمن بأن الفنان الذي يتعامل مع الطبيعة يعطي الفرح والأمل من خلال الأحاسيس الواضحة التي تمنحها الطبيعة، كما أن تكوينات اللوحة التي تصور الطبيعة يضاف إليها الرونق والجمالية وتتمة الإحساس، فاللوحة هي أفكار الفنان التي يستحوذها من الأشياء، وأنا متحيزة للطبيعة؛ لأنها تعطيني الراحة وتجعلني في ذات الوقت أستخدم التقنيات الفنية بشكل أكبر، حيث تتداخل الألوان الترابية مع الزيتية، وتتشارك خامة اللوحة مع ريشة الفنان بأفق مفتوح».

لوحة الطبيعة

وعن أسلوبها في العمل، تتابع: «هناك هوية في أعمالي الفنية تتجلى في المواضيع المختارة وعناصر اللوحة؛ فالعمل يعتمد على فكرة، لكن يجب أن تكون غير معلبة لدى الفنان؛ فهي التي تجعل علاقة الفنان باللوحة علاقة حب قبل أن تكون علاقة معرفة، والفكرة بحاجة إلى رؤية ناضجة لكي يصبح الموضوع المرسوم صاحب دلالات لما يريد الفنان التعبير عنه سواء أكان الموضوع من الطبيعة أو البيئة أو الحياة بوجه عام، وأحياناً أرفض الفكرة التي تقيّد عمل الفنان ولا تعطيه الحرية التي يجب أن تكون أساس اللوحة».

وعن جوهر الفن ورسالته، تتابع: «الفن رسالة، وليس عملاً للزينة، وأنا في أعمالي الفنية أحاول أن أجسّد ذلك، من خلال تجسيدي للحدث الذي يخص مركز انتمائنا، فالمرأة والطبيعة السورية حاضرة في أعمالي، وهذا ليس تحيزاً، ولم يمنعني من رسم ما هو إنساني أصلاً، لكن علينا دائماً أن نوثق من خلال فنّنا الجمال الذي ننتمي إليه كمجتمع له خصوصية ضمن الخصوصيات العالمية».

لوحة الأنثى

الفنان "نشأت الحلبي" من مدينة "السويداء"، يقول عن أعمالها: «الفنانة "سهى"، تمتلك القدرة على توصيل أفكارها وتعابيرها بلغة المصور الذي يعلم ماهية اللون والمساحة والخط، وتختار مواضيعها من عناصر مختلفة لا تتكلف في الانسياق وراء المضمون الأدبي، فنرى المساحة التصويرية منسجمة مع اختيارها لدرجات الألوان وتوزيعها على مساحة اللوحة، إضافة إلى حسّها التعبيري في الألوان الحارة والباردة، وهذا بمعنى آخر تكامل اللوحة من الجانب الأكاديمي واللغة التعبيرية المحسوسة؛ وهو ما يجعل أعمالها متكاملة، ومن يشاهد لوحات "سهى"، يعرف أنه ينظر إليها بقصد الاستمتاع بمشهد جمالي مميز».

يذكر أن الفنانة "سهى العياص" من مواليد مدينة "السويداء" عام 1972، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة، قسم التصوير عام 1995، ولديها عشرات المعارض الجماعية والمشتركة، ومقتنيات من أعمالها في "لبنان" و"هولندا".