تفاصيل فنية تقنية وتعبيرية يعبر عنها الفنان "وليد سلوم" في محاورته اليومية للعجمي كفن ارتبط به وجاد عليه بالصبر والهدوء، لينتج أعمالاً نالت صفة التفرد بالجمال والدقة.

هذا الفن الدمشقي يستمد قيمته من حالة جمالية تزيينية لها مضامين تواصلية مع عين الناظر ومحاكاة لقدرة ومهارة الفنان في استثمار فنيات الخط واللون وأساليب الزركشة والتزيين الإسلامية القديمة والحديثة، وغيرها من أنماط لا يمكن تجسيدها من دون دراسة وعين صائبة، كما جاء في حديث الفنان "وليد سلوم" المتخصص في مجال العجمي من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 تشرين الأول 2017، حيث ظهرت أعماله كذخيرة لعمل سنوات طويلة ارتبطت باسمه وحضوره الفني الجميل محاولاً إحياء فن عريق، وقال: «عشقت الفن كوسيلة للتعبير، لكنني لم أتوقع أن يتطور ارتباطي بالفن ليكون أساسياً ومحوراً لاهتمامي كمشروع أضيف إليه بالتفصيل والشمول ما يثري شعوري بالإنجاز، فتعلم مختلف أنواع الفنون تجربة خضتها خلال مرحلة الدراسة، لكن فرصة التعرف بفن عريق مثل العجمي كانت بالنسبة لي ثمينة أسقطت طموحي على عجينة لينة ومجموعة ألوان ونقوش وتزيينات تعاملت معها بشفافية الفنان، وما يمكن لهذه الشفافية أن تستخلص إضافات جمالية لعمل يحتل مكانة في قاعات كبرى، ويفترض أن يكون معداً لتجاوز مراحل زمنية طويلة بجمالية وفتنة اللون الساحر، التي تتلاقى مع سلاسة العرض واقتناص اهتمام الناظر بوسيلة راقية يتلاقى فيها الخط مع كافة التفاصيل.

بعد مرحلة التدريب لإتقان العمل وانتشار التصاميم المختلفة باشرت إدخال العجمي إلى أعمال الديكور التي أنفذها من "الجبسن بورد"، أسست مشغلاً مع صديقي "مجد فلحوط" الذي أتقن هذا العمل وتلاقينا على رغبة إحياء العجمي ونشره على مستوى الدائرة الجغرافية التي نعيش فيها، ولاقى عملنا الاستحسان، ليفرض العجمي حضوره بدرجة كبيرة على الرغم من انتشار تصاميم الديكورات العصرية، لكنه في هذه المحافظة أخذ حصة جيدة نظراً إلى توسع دائرة المهتمين، ونجحت جهودنا بالعمل على التعريف والغايات الفنية والتزيينية التي يقدمها، وكان لي مجموعات كبيرة لأعمال تزين اليوم قاعات مختلفة الاختصاصات ومنازل وقصوراً

ومن خلال دورة اتبعتها في مدينة "طرطوس" عام 1991، رعتها منظمة طلائع البعث، تدربت على يدي عدد من المتخصصين لنتعرف إلى فن دمشقي استمتعت كثيراً بمتابعته، وجاءت مرحلة التدريب لتحقق حلم إتقانه واكتشاف أسراره، هذا الفن العريق ولد منذ أكثر من 1300 عام، وهو اليوم أحد الفنون المهددة بالانقراض تبعاً لصعوبته وما يحتاج إليه من دقة وصبر وهدوء لإنتاجه كعمل ملموس، وهنا لا مكان للأساليب الفنية العصرية، فهي أصول زادها الدقة والموهبة.

من أعمال الفنان وليد سلوم

هذا الفن الذي حافظ على هويته الدمشقية سمي العجمي بسبب تمازج الزخارف التي بداخله من عدة فنون، منها الفارسي والتركي والمغربي والعربي، فمهما تنوعت الصبغات فللصبغة العربية وجودها وثباتها، فهنا تقسم الزخارف إلى زخارف نباتية مستوحاة من الطبيعة لكن بشكل تجريدي، والزخارف الهندسية عبارة عن هندسة مربع أو مثلث أو دائرة وغيرها، فالمهارة المطلوبة برسم التصميم الذي يتناسب مع الشكل وكيفية رمي العجينة، تكوّن اللوحة والتفاصيل البارزة».

وأضاف: «لهذا الفن تقنيته الخاصة التي تطورت مع الزمن بحدود ضيقة، لكن الطريقة القديمة بقيت على حالها، انتشر هذا الفن لكن بحدود ضيقة تبعاً لما يتطلبه من شروط أساسية لمد العجينة وتكوينها وفق التصميم المطلوب، فالعجينة تنفذ على سطوح صلبة حصراً، فبعد رمي العجينة على الشكل الذي تم رسمه بعد مرور أربع وعشرين ساعة، نقوم بتلوينه بالألوان الترابية أو الزيتية، ثم تلوين الزخارف باللون الذهبي والفضي والبرونزي إلى جانب أشكال زخرفية وكتابة حسب المطلوب تنفيذه لإنهاء العمل، هذه التقنية حرصت على التقيد بها، لكن مهارة الإنجاز اختلفت بين زمن بدأت به قبل خمسة عشر عاماً بهذا العمل ولغاية هذا التاريخ ونفذت أعمالاً للعجمي حصراً».

النحات أسامة عماشة

وعن مشغله الخاص الذي أصبح حقيقة بعد الحلم، قال: «بعد مرحلة التدريب لإتقان العمل وانتشار التصاميم المختلفة باشرت إدخال العجمي إلى أعمال الديكور التي أنفذها من "الجبسن بورد"، أسست مشغلاً مع صديقي "مجد فلحوط" الذي أتقن هذا العمل وتلاقينا على رغبة إحياء العجمي ونشره على مستوى الدائرة الجغرافية التي نعيش فيها، ولاقى عملنا الاستحسان، ليفرض العجمي حضوره بدرجة كبيرة على الرغم من انتشار تصاميم الديكورات العصرية، لكنه في هذه المحافظة أخذ حصة جيدة نظراً إلى توسع دائرة المهتمين، ونجحت جهودنا بالعمل على التعريف والغايات الفنية والتزيينية التي يقدمها، وكان لي مجموعات كبيرة لأعمال تزين اليوم قاعات مختلفة الاختصاصات ومنازل وقصوراً».

الأصالة عنوان عريض لعمله وفق حديث الفنان النحات "أسامة عماشة"، الذي قال: «تنتمي أعمال "وليد سلوم" الرائعة إلى الفنون العريقة وتراثنا الأصيل، وتجسد فن العجمي بتفاصيله الجميلة والراقية، حيث استخدم أدواته وألوانه وأسلوبه الخاص المتفرد ليقدم أعمالاً فنية تعكس روحه كفنان له بصمة خاصة، حيث اعتمد في أعماله الزخارف النباتية والخطوط العربية بمختلف أنواعها النافرة عن سطح اللوحة، وبذلك تعطي اللوحة وزناً حقيقياً وترتقي بالعمل الفني، كما تميزت أعماله بالإخراج الرائع والتكوين المتميز الذي أسس حالة فنية أخذت تتسع بفعل جهوده لتدريب شبان جدد لإتقان هذا الفن والتعريف به وفق أصوله القديمة للمحافظة على هذا الفن، فله علاقة وطيدة بالأصالة والعمق الذي يتحدث عن مراحل تألق هذا الفن، الذي جعله متجذراً في قلوب من عملوا به برغبة المتعة وتقديم الأجمل للمتابع».

من أعماله أيضا

ما يجدر ذكره، أن الفنان "وليد سلوم" من محافظة "السويداء"، وهو من مواليد "دمشق" عام 1966، ومدرّس فنون، تخرّج في معهد الفنون الجميلة عام 1986،ويتابع عمله التدريسي والفني برغبة حقيقية بنشر العجمي كفن أصيل.