صورته مطبوعة في أذهان متابعي المسرح والدراما السورية، يملك حضوراً مميزاً من خلال شخصيته التي اجتهد في بنائها بمقومات بيئته التي ترعرع فيها، فكان الفنان المخلص لعمله.

الفنان "سهيل الجباعي" الذي التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 كانون الثاني 2018، ليتحدث عن رحلة فنية تجاوزت الثلاثين عاماً، والبداية كانت مع النجاح الذي رافق مرحلة التخرج، حيث قال: «بعد تخرجي في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1987، عملت في المسرح القومي مباشرة، قدمت عشرين عملاً مسرحياً. سافرت بعدها إلى "الأردن"، والتقيت مجموعة من الفنانين، منهم: "فتحي عبد الرحمن" من "فلسطين"، والفنان الأردني "زياد جلال" خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في "دمشق"، قسم النقد، و"صلاح الحوراني"، و"غنام غنام" مدير الهيئة العليا للمسرح في "الشارقة"، وأسسنا مسرحاً اسمه "مسرح الشعب"، عملنا فيه بأنفسنا، واستضفنا عروضاً عربية، وعملنا في مسرح الطفل، وكانت هناك جولات على كافة محافظات المملكة».

لم أتلقَّ عروضاً لأعمال كوميدية، باستثناء بقعة ضوء الجزء الثالث عشر عام 2017، حيث شاركت في 6 لوحات؛ اثنتان منها أساسيتان، هناك شيء يتعلق بالتصنيف ورؤية المخرجين والشركات؛ حيث يتم التركيز على مجموعة من الفنانين للأدوار الكوميدية

وعن محطة "الأردن" في حياته الفنية، وما قدمت له من رصيد، تابع: «قدمنا عملاً ضمن فرقة المسرح الشعبي في "عمان"، بعنوان: "الرمال الناعمة"، تأليف "فتحي عبد الرحمن"، واخراج "زياد جلال"، مثلت فيه مع "جمال مرعي"، وحصل العمل على أربع جوائز ضمن المهرجان المسرحي الأول "مسرح الشباب"، وحصلت على جائزة أفضل ممثل مناصفة مع الفنان "حكيم حرب"، كما شاركت بأعمال درامية تلفزيونية، وعدت بعدها إلى "سورية" عام 1992».

الفنان "سهيل الجباعي" والفنانة "وفاء موصللي" في بقعة ضوء

قدم العديد من الأعمال المسرحية والدرامية التلفزيونية، يستذكر منها الأبرز، وأهم الجوائز التي نالها، بالقول: «شاركت بأعمال مسرحية كثيرة، منها: "الزير سالم"، و"الأمير هاملت" للمخرج "رمزي شقير"، حيث عرضا في "قصر العظم" و"دار الأوبرا"، وفي احتفالية "حلب عاصمة الثقافة الإسلامية"، وأيام "الشارقة" المسرحية، ومهرجان "عمان" المسرحي، ومهرجان "غرين" الثقافي في "الكويت"، وعلى مسرح "جان فيلار" في "فرنسا"، وحصلت على جائزة تقديرية من لجنة التحكيم في "عمان" عن دور "الزير سالم".

الأعمال الدرامية التلفزيونية كثيرة، وأدواري متعددة، منها في "الأردن" مع المخرج "نجدت أنزور" في "الكف والمخرز"، و"حكاية امرأة"، و"صقر الجبل" للمخرج "أحمد دعيبس". وفي سورية "إخوة التراب" بجزأيه مع "نجدت أنزور" و"شوقي الماجري"، و"رحلة العطش"، و"تل الرماد"، و"العائد"، و"تاج من شوك"، و"بقايا صور"، و"الأيام المتمردة" مع المخرج "هيثم حقي". و"بلقيس" من إخراج "باسل الخطيب"، و"ياسمين عتيق"، مع "المثنى صبح". إضافة إلى كم الأعمال التاريخية، أذكر منها: "القعقاع"، و"طارق بن زياد"، و"سيف بن ذي يزن"، و"عمر بن الخطاب"، و"المرابطون والأندلس"، و"فرح العمدة".

مع الفنان "غسان مسعود" أثناء التصوير

ومن الأعمال الحديثة "توق" و"الاجتياح" لـ"شوقي الماجري"، و"عنترة" إخراج "رامي حنا"، حيث جسدت فيه شخصية "الشنفرى"، و"وطن حاف" إخراج "مهند قطيش". وبوجه عام تعاملت مع جميع المخرجين على الساحة الفنية في أعمالي الدرامية».

وعلى صعيد السينما، قال: «لدي تجربة سينمائية مع "سمير ذكرى"، وكذلك في فيلم "الطحين الأسود" إخراج "غسان شميط"، وفيلم "المهد" إخراج "محمد ملص"، و"الأمانة" من إخراج "زياد الريس"، وفيلم قصير مع "عبير إسبر" بعنوان: "تك تك"، ومع المخرجة "واحة الراهب" في فيلم "ظواهر مدهشة"».

أحد مواقع التصوير

وعن سبب عدم وجود عمل كوميدي ضمن قائمة طويلة من الأعمال على مدى سنوات، أجاب: «لم أتلقَّ عروضاً لأعمال كوميدية، باستثناء بقعة ضوء الجزء الثالث عشر عام 2017، حيث شاركت في 6 لوحات؛ اثنتان منها أساسيتان، هناك شيء يتعلق بالتصنيف ورؤية المخرجين والشركات؛ حيث يتم التركيز على مجموعة من الفنانين للأدوار الكوميدية».

ما يقدمه الفنان خلال حياته يحمل بين طياته رسالة إلى جمهوره ومتابعيه، وعنها قال: «رسالتي تحمل الوعي والدقة والتثقيف، وخاصة في المسرح، حيث تحمل التحريض للسعي إلى تحسين الواقع، الرسالة التي أرغب بإيصالها تعتمد على المتلقي ودرجة الوعي والثقافة، وتدعو إلى تجميل الحياة والكون.

وبرأيي تأثير الممثل بالمتلقي يتجسد في المسرح أكثر منه في التلفاز؛ ففي التلفاز هناك جانب أساسي للمتعة، فالثقافة والفكر في المسرح أعمق وأدق وأكثر شمولية.

أشعر بالمسؤولية تجاه هذه المهنة، ولم أستطع أخذ موضوع التمثيل بأسوب هزلي أو سعي إلى الشهرة فقط، فحياتي الفنية مرتبطة بحياتي اليومية، هناك من يظن أن المسؤولية في الفن أهم من المسؤولية الحياتية؛ وهذا سبّب له الكثير من المشكلات، لكنني حاولت التنسيق، وجاء هذا الشي متناسقاً مع تكويني، فالمسؤولية في الفن هي ذات المسؤولية في البيت والعائلة».

تراجع كبير في مستوى الدراما السورية؛ وهو انعكاس للحرب التي شهدناها، وهذا له تأثير كبير بالعاملين في هذا المجال، حيث جاء التراجع من وجهة نظر "الجباعي" لأسباب كثيرة، ذكر منها: «الإنتاجات الضخمة كانت تأتي من محطات عربية ومنتجين عرب، وهناك هجرة الكتاب والمخرجين والكثيرين من الممثلين، فانحصرت الدراما بأعمال (الموديرن) التي تصور في المنازل. وكانت الأعمال تجانب الحقيقة، أعمال كثيرة تحدثت عن العديد من القضايا والمشكلات من دون الإشارة إلى حجم المأساة التي يعيشها الوطن».

المخرج "عبد الباري أبو الخير" تحدث عن "سهيل الجباعي" قائلاً: «صديق وفنان موهوب جداً، ومن الفنانين الذين ظلموا ولم يمنح الفرصة لإظهار كافة إمكاناته ومواهبه، ومن خلال تجربتي معه استطعنا أن نجد لغة تواصل، قدمنا من خلالها الشخصية التي يجسدها بطريقة مميزة، وذلك يعود إلى قدرته على الغوص في عالم الشخصية، وإبراز أهم مكوناتها، وذلك لتمكنه من أدوات تعبيره وسيطرته التامة على كل جزء فيها، فهو في قراءته الشخصية يذهب إلى الحلول الأصعب التي تغنيها وتقدمها بأفضل صورة.

العمل التاريخي أو "الفانتازي" يحتاج إلى ممثل متمكن من كل أدواته، وقادر على تحويل اللغة العربية إلى لغة قادرة على حمل مشاعر وأحاسيس الشخصية. "سهيل" تعرض للظلم لأنه صنّف من قبل بعضهم أنه ممثل تاريخي، متناسين أن العمل على الشخصية التاريخية أصعب بكثير من الشخصية المعاصرة».

بقي أن نذكر، أن الفنان "سهيل الجباعي" من مواليد محافظة "السويداء" عام 1963، متزوج من "إزدهار الملحم" بطلة الجمباز، ولديه ثلاثة أولاد، ويقوم بدورات تأهيل للطلاب الراغبين بالتقدم للمعهد العالي للفنون المسرحية.