لم يتوانَ مغتربو "أم الزيتون" في دولة "الإمارات" لحظة واحدة عن تقديم العون والمساعدة لكل ما يطلبه أهالي قريتهم الجميلة، فكانت آخر ابتكاراتهم وضع مبلغ كبير من المال لمساعدة طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية على تجاوز الصعوبات بخلق دورات مجانية على أعلى مستوى.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 21 نيسان 2018، التقت أحد المشرفين على المبادرة، مدرّس مادة الفلسفة القدير "مروان كرباج" ليتحدث عن الفكرة ومضمونها، فقال: «تأتي هذه المبادرة استكمالاً لأعمال جليلة قام بها مغتربو القرية منذ زمن طويل، وهي جاءت من مغتربي دولة "الإمارات" الذين اشتركوا بصندوق فيما بينهم لأي طارئ يتعرض له أي مغترب، والمساهمة في أعمال الخير، ودرء الخطر عن أهالي القرية. وعندما اكتشفوا أن الصندوق فيه ما يكفي من المال، اجتمعوا وتدارسوا كيفية استثماره في المكان والزمان الصحيحين، وكان اقتراحهم بتحويله لدعم العملية التدريسية وإقامة دورات داعمة للطلاب في المرحلتين الأساسية والثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي. وقد تم الواصل مع مدير الإعدادية "عاطف عربي"، والباحث ومدرّس التاريخ "فوزي الجرماني"، ومعي لكي نضع رؤيتنا للفكرة. ومن هنا جاء دورنا، حيث جمعنا الطلاب وتباحثنا معهم فيما يفيد حالتهم كمتقدمين للشهادات، وكانت كل طلباتهم مجابة، حيث تواصلنا مع أشهر وأفضل المدرّسين على ساحة المحافظة، واتفقنا معهم، وبدأنا الدورات من دون أي عائق، حيث أرسل المغتربون مبلغ مليون ليرة سورية قابلة للزيادة في أي وقت من أجل إتمام الدورات والتخلص نهائياً من الدروس الخصوصية في القرية».

الشيء الذي بدأ منذ مدة وما زال مستمراً حتى اللحظة هو دعم العملية التعليمية بكل مكوناتها، وتلبية حاجة المدراس والوقوف على كل كبيرة وصغيرة تهم الطلاب، واستمرارهم في التفوق، حتى بعد أن يدخلوا الجامعات التي باتت تحتاج إلى دعم كبير. هنا اليد واحدة، فلم نطلب طلباً واحداً من أي صاحب مصلحة في القرية يهم المدارس، إلا وكانت طلباتنا مجابة على الفور، ومجانية تماماً

وأضاف: «لم تقتصر العملية التعليمية على هذه المبادرة، فالمغتربون يساهمون بالكثير ومنذ سنوات عديدة، حيث تم تأسيس لجنة ضمن "الجمعية الخيرية" عرفت على مدى ستة عشر عاماً بلجنة "الطالب" التي بدأت برأسمال 30 ألف ليرة سورية، وبات رأسمالها الآن 750 ألف ليرة سورية، ومهمتها تكريم المتفوقين والناجحين من أبناء القرية، وملاحقة شؤونهم، وهي مبادرة تسجل للمغترب "إحسان كرباج"، الذي له مع أبناء القرية المغتربين في كل مكان مواقف مشرّفة لا تنسى».

داخل إحدى القاعات الصفية

مديرة الثانوية العامة في القرية "ميساء الشيباني"، قالت: «عندما يكون الاستثمار موجهاً لبناء الإنسان، يكون أروع أنواع الاستثمار. هكذا كان توجه الأهالي ومن خلفهم شباب قرية "أم الزيتون" المغتربون في دولة "الإمارات" نحو دعم الطلاب بكل ما يحتاجون إليه للنهوض بالمستوى التعليمي في ظل الظروف القاسية التي تمر بها الأسر السورية نتيجة الأزمة التي تعصف بالوطن.

وكان الإجماع على تزويد المدرسة بمبلغ مليون ليرة سورية كحد أدنى قابل للزيادة في أي لحظة من أجل تقديم دروس تقوية للطلاب بالمواد التي يحتاجون إليها، وبالكادر الذي يختارونه، وفعلاً تمت الدورات بنجاح وبحضور ملحوظ، حيث تم تقديم 290 جلسة تدريسية لطلاب التاسع والثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي وبمختلف المواد على يد كادر تدريسي متميز، ومستمرون حتى انتهاء الامتحانات. علماً أن عدداً من أبناء القرى المجاورة استفادوا أيضاً من الدورات؛ وهذا له انعكاس حقيقي على الأهل الذين باتت مسؤوليتهم تجاه أبنائهم بشأن الدراسة توجيهية فقط».

الطلاب يزرعون حديقة المدرسة

وتضيف عن باقي الأعمال ولذات الغاية: «الشيء الذي بدأ منذ مدة وما زال مستمراً حتى اللحظة هو دعم العملية التعليمية بكل مكوناتها، وتلبية حاجة المدراس والوقوف على كل كبيرة وصغيرة تهم الطلاب، واستمرارهم في التفوق، حتى بعد أن يدخلوا الجامعات التي باتت تحتاج إلى دعم كبير.

هنا اليد واحدة، فلم نطلب طلباً واحداً من أي صاحب مصلحة في القرية يهم المدارس، إلا وكانت طلباتنا مجابة على الفور، ومجانية تماماً».

أحد المسؤولين عن المبادرة المدرّس مروان كرباج مكرماً

يقول المهندس الزراعي "عادل الجرماني" عن الأعمال التطوعية التي قام بها أهالي القرية، والتي تعود إلى الستينات: «يقول المثل الشعبي: "قَومٌ تَسَاعدوا ما غُلِبوا". في التعاون والمشاركة بالعمل الجماعي تذلل الكثير من المصاعب؛ وهذا ما يتميز به أهالي قرية "أم الزيتون"؛ فمنذ أيام العمل الشعبي لهم بصماتهم بهذا الخصوص، حيث تم تعبيد الطرق في القرية، وتطور الأمر وما زال حتى تاريخه بالعديد من الأعمال، منها: تقديم الأرض مجاناً لكافة المرافق العامة والخاصة في القرية، مثل: البلدية، الوحدة الإرشادية، المدارس، الملعب، مركز الهاتف، حيث بلغت مساحتها 80 دونماً داخل المخطط التنظيمي، كما قاموا ببناء الإعدادية القديمة على نفقتهم، وعند تجهيز البناء بالكامل، تم تقديمه لمديرية التربية من أجل تعليم أبناء القرية والقرى المجاورة، وبعد بناء الثانوية تم تحويلها إلى روضة أطفال تابعة لمديرية التربية. وكذلك تم بناء النقطة الطبية بالكامل من قبل أهالي القرية، وهي تستخدم من قبل مديرية الصحة وتُقدم الخدمات الطبية لأهالي القرية مع سيارة إسعاف مقدمة من أحد المغتربين».

الجدير بالذكر، أن أحد المغتربين تبرع بسيارة نقل داخلي للجمعية الخيرية؛ تقوم منذ بداية السنة الدراسية بتوصيل الطلاب إلى المدراس بمبلغ رمزي لتلبية نفقات السائق والإصلاح.