تجربة خاصة عنوانها الجهد الذاتي الذي مكنه من دراسة مناهج جامعات "كامبريدج" و"أوكسفورد" و"ستانفورد"؛ إنه "رائد شيا" مؤسس جمعية اللاأدريين العلميين لنشر المنهج العلمي والتفكير النقدي والمنطق.

هذه التجربة الشابة جمعت حصيلة بحث مجهد كقطرات متناهية الصغر، لتكوّن أبحاثاً تخصصت في الفيزياء النظرية التي تخلق صلات التواصل بين الجيل الشاب والتصدي للجهل، والخروج من المسلمات وامتلاك طريق البحث الذي كان بداية تفتح العقل البشري ومصدر إنجازاته، كما تحدث عبر مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 حزيران 2018، وقال: «لم تجب الجدة عن أسئلة كثيرة كنت أمطرها بها، لكن أمي تفاعلت مع الفكرة وزودتني بالمجلات والكتب لأبحث عن ضالتي، فهي علمتني القراءة والكتابة قبل دخول المدرسة، ولم ترفض حالة الشك التي امتلكتني تجاه الإجابات المعتادة، وبقيت مدة طويلة مبهوراً بالفضاء وأخباره وعلومه، لكن حاجزاً معيناً أبعدني عن الرياضيات في المرحلة الإعدادية، كان بفعل المناهج، لكن حواراً مع أمي جعلني أعطي الرياضيات فرصة ثانية، وكانت نقلة أعدّها نوعية من كره للرياضيات كمادة إلى باب عريض لتلقي العلم والمعرفة عبرته، من مطالعة كتب "سوفوروف" الروسي لأتقن علم التفاضل والتكامل في الصف التاسع، وتمارين أكبر من حدود عمري في تلك المرحلة، وأسست عتبة لفهم الفيزياء التي تعلقت بها».

منذ سنوات تعرفت إلى "رائد شيا"، حيث قام بشرح مقاربته الذاتية للإجابة عن أسئلة ارتبطت بأساسيات ميكانيك الكم، ومن وجهة نظري وجدتها مقاربة جيدة يجب تحريها ودراستها من قبل آخرين، وقد شجعته على نشرها، وقام بالنشر بالفعل بمجلة علمية محكمة. وقد ترك "رائد" الدراسة الأكاديمية منذ وقت طويل، وقام بتعليم نفسه من خلال كتب متخصصة للدراسات الأعلى والأكثر تقدماً. وبالنسبة لي حفزته لإكمال البحث من خلال الدراسة الأكاديمية العليا، كما أنني أقدر جهوده بنشر وترويج العلوم وتعليم الصغار أهميتها؛ وهذا جهد مميز

حصل على المعرفة بطرقه الخاصة ليؤسس علاقة خاصة مع الفيزياء، ويصبح اليوم من أهم الباحثين فيها، وناشراً باللغة الإنكليزية لبعض من أهم أبحاثها، وقال: «على الرغم من انتقادي المبرر للمناهج وطريقة تعليم الفيزياء التي اكتشفت عيوبها في مراحل مبكرة، كنت محظوظاً جداً بباقة من المدرسين الذين احترموا اهتمامي بالمادة، وقدموا الدعم الكبير لأجد في اهتمامهم تشجيعاً كبيراً للدراسة والمتابعة، ففي البداية كان مدرّس علم الأحياء "حسن الأطرش" أول من عرفني بمجلة "العلوم"، وتتابع الاهتمام لمدرسي المادة لغاية المرحلة الثانوية، ومنهم من كان يخصني بوظائف وتدريبات تناسب ما وصلت إليه من معارف، وكانت فكرة جميلة بالنسبة لي، وأذكر من هؤلاء المدرّسين: "مالك القنطار"، و"وديع خداج"، و"فؤاد الخطيب"، وغيرهم.

"رائد شيا" مع طلابه

وكلما تطورت أكثر، كنت أقدر على اكتشاف سوء المناهج أكثر، وقد صدمت بما يدرس من خلال المناهج، وساعدتني معرفتي باللغة الإنكليزية على البحث ودراسة مناهج "كامبريدج"، وإن تأخر تخرجي، لكن بالمقابل كنت أدرس مناهج جامعات، وقد سجلت بحثاً في ميكانيك الكم في الوقت الذي كنت فيه أحمل مادة ميكانيك الكم 2 كمادة في كلية الفيزياء، وهي مفارقة غريبة.

وقد كان لي الشرف بأنني كنت من بين المختصين الذين رشحوا للمساهمة في ورشة عمل هدفها حل المشكلات التي لا تزال عالقة في أسس ميكانيك الكم، فقد تلقيت دعوة من البروفيسور "غيليو تشيريبيلا"؛ وهو أحد أهم الأسماء في أسس ميكانيك الكم والحوسبة الكمومية على مستوى العالم، لأكون أحد المساهمين في هذه الورشة في جامعة "هونغ كونغ"، لكن عدم الحصول على تأشيرة الدخول "فيزا" عرقل حضوري.

"عمار الأطرش"

لكن العمل هنا وعلى مستوى محافظتي بقي الموضوع الذي يعني لي الكثير، لنؤسس جمعية "اللاأدريين" لمواجهة الجهل والعلم الزائف بالعلم والفيزياء، كي نتمكن من حل ألغاز كثيرة لا تجعل للخرافة مكاناً في عقول الناس، وتتابع العمل لأكون عضواً مؤسساً في مركز العلوم المتقدمة، الذي يدرس الفيزياء والرياضيات المتقدمة، من خلال منهاج قمت بتأليفه، ويستند إلى أهم المراجع العالمية، وقد شاركني بتأسيس المركز كل من: "عمار الأطرش"، وزوجتي "شروق زيتون"، و"حسن الأطرش"، و"أسامة قرقوط"».

الأستاذ الجامعي الدكتور "نضال شمعون" دكتور بالبحوث العلمية بجامعة "دمشق"، الذي قيّم تجربة "شيا" بمنظوره العلمي، يقول: «منذ سنوات تعرفت إلى "رائد شيا"، حيث قام بشرح مقاربته الذاتية للإجابة عن أسئلة ارتبطت بأساسيات ميكانيك الكم، ومن وجهة نظري وجدتها مقاربة جيدة يجب تحريها ودراستها من قبل آخرين، وقد شجعته على نشرها، وقام بالنشر بالفعل بمجلة علمية محكمة.

"رائد شيا" يلقي محاضرة على منصة TEDX

وقد ترك "رائد" الدراسة الأكاديمية منذ وقت طويل، وقام بتعليم نفسه من خلال كتب متخصصة للدراسات الأعلى والأكثر تقدماً. وبالنسبة لي حفزته لإكمال البحث من خلال الدراسة الأكاديمية العليا، كما أنني أقدر جهوده بنشر وترويج العلوم وتعليم الصغار أهميتها؛ وهذا جهد مميز».

من تلامذته "عمار الأطرش" الذي يشاركه اليوم التدريس في "مركز العلوم المتقدمة"، أخبرنا عن تميزه، وقال: «عندما نتكلم عن "رائد شيا"، فنحن نتكلم عن فيزيائي بنى معرفته في الفيزياء بنفسه كلياً، وفي ظل أصعب الظروف.

لقد حقق ذلك عن طريق البحث المستمر والمعمّق في مناهج أفضل الجامعات، مثل: "أوكسفورد"، و"كامبريدج"، و"هارفارد"، وغيرها الكثير، مدفوعاً بشغفه وقلقه الوجودي المنقطع النظير. إضافةً إلى مساهمته الخاصة في العلم عن طريق توسيع نظرية الاحتمالات في الرياضيات، الذي قاد إلى حل أهم مشكلة فلسفية علمية في ميكانيك الكم، وهي مشكلة القياس.

إن الشغف الكبير الذي يمارس به الفيزياء ينعكس على طلابه كلهم من دون استثناء، فأسلوبه يمتاز بالدقة الرياضياتية والعمق الفيزيائي الكافي لتحويل أي شخص إلى شخص مهتم بالعلوم بوجه عام، والفيزياء بوجه خاص».

الجدير بالذكر، أن "رائد شيا" من مواليد "السويداء" عام 1984، قام بتأليف ونشر عدد كبير من المقالات باللغة الإنكليزية في العديد من المجلات الثقافية والتخصصية، كما ترجم العديد من المحاضرات والمقالات العلمية، كما أنه مدون في مدونة اللا إداريين العلميين. نشر ورقة بحثية حول مشكلة القياس في "المجلة الدولية للفيزياء النظرية والرياضياتية" الأميركية، وتخرّج في كلية "الفيزياء" عام 2014.