لم تكن المبادرة التي قام بها "بسام أبو صعب" مع مجموعة من شبان بلدة "الرحا" وأصحاب الأيادي البيضاء؛ بتوزيع الخبز على الفقراء والمحتاجين مجاناً، بقصد المساعدة فقط، بل هي لفتة إنسانية اجتماعية تهدف إلى جعل الظروف التي تحيط بالمجتمع نقطة قوة في التعاضد والتماسك.

حول المبادرة وطبيعتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 تموز 2018، التقت "بسام أبو صعب" أحد أصحاب المبادرة، الذي تحدث عن الفكرة قائلاً: «هي فكرة إنسانية أرادها شبان قرية أحبت أن تكون نموذجاً لقرى "جبل العرب"، حيث بدأت فكرة توزيع الخبز للمحتاجين خلال المدة الماضية التي مرت بها قرية "الرحا" كسواها من قرى المحافظة، حيث أردنا أن نعمل على خلق الاكتفاء الذاتي لأناس يشعرون بالقلة والعوز المادي. وتشجيعاً للتكافل الاجتماعي قام مجموعة من الشبان أصحاب الأيدي السخية المعطاءة، الذين لا يرغبون إلى هذا التاريخ بذكر أسمائهم ومعرفتهم بتأسيس هذه المبادرة وتمويلها مادياً، حيث تم توفير مستلزمات العمل وتأمين الأدوات اللازمة لإنجاح المبادرة، حتى لم يبقَ في القرية محتاج إلا وناله نصيبه، والأمر الأكثر أهمية أن العلاقة المتبادلة بين أفراد المجتمع وخاصة الفئة المحتاجة اقتصادياً، فهم حريصون على نشر ثقافة الاكتفاء الذاتي واستهلاك الحاجة فقط، وعدم استجرار كميات زائدة عن الحاجة؛ وهو ما جعل أهالي القرية يشعرون بانعكاس عمل المبادرة الإيجابي، ويساهمون برفدها بمتطوعين لتوزيع الخبز على المحتاجين والفقراء من دون أن يعلموا بالمصدر والجهات المانحة، وكأنهم يجسدون أعلى درجات المثل القيمي في التفاعل والانسجام».

ما قدمه شبان القرية من مبادرة طيبة تركت في نفوس العديد من الناس الأثر الإيجابي الذي من شأنه زرع الأمل في النفوس، وهناك مبادرات إنسانية اجتماعية تعمل على الربط بين الماضي والحاضر، خاصة أن قريتنا المعروفة بالتكافل الاجتماعي من خلال مرافقها الخيرية والاجتماعية، التي عملت منذ زمن بعيد على نشر ثقافة التعاون والإخاء، وشبانها اليوم بجهودهم الطيبة رسموا خطاً أمام أجيال قادمة؛ أن العمل التعاوني له أبعاده الأخلاقية والقيمية، والأهم أنهم لا يريدون معرفة أسمائهم أو أن يعرف بهم حتى أهالي القرية نفسها

وعن الأثر الإيجابي للعمل الجماعي بيّن "سامر أبو راس" من أهالي قرية "الرحا" عن ذلك بالقول: «ما قدمه شبان القرية من مبادرة طيبة تركت في نفوس العديد من الناس الأثر الإيجابي الذي من شأنه زرع الأمل في النفوس، وهناك مبادرات إنسانية اجتماعية تعمل على الربط بين الماضي والحاضر، خاصة أن قريتنا المعروفة بالتكافل الاجتماعي من خلال مرافقها الخيرية والاجتماعية، التي عملت منذ زمن بعيد على نشر ثقافة التعاون والإخاء، وشبانها اليوم بجهودهم الطيبة رسموا خطاً أمام أجيال قادمة؛ أن العمل التعاوني له أبعاده الأخلاقية والقيمية، والأهم أنهم لا يريدون معرفة أسمائهم أو أن يعرف بهم حتى أهالي القرية نفسها».

بسام أبو صعب

وأشار الشيخ "حسن أو غازي" من أهالي القرية إلى واقع التأثير النفسي لعمل المبادرة قائلاً: «يجني المرء في حياته الكثير من الأعمال، ويجسد بعضاً من القيم والأعراف والعادات لأنها متوارثة ومفروضة بحكم البيئة الاجتماعية، ويساهم في بناء مستقبل له، لكنه لم يفكر ببناء جسر إنساني أخلاقي قائم على مبادرة الخير والعطاء وانعكاسه على النفس البشرية، وعليه فإن أي عمل من شأنه إظهار جمال الإنسان بإنسانيته هو الأبقى والأفضل ويأخذ صفة الديمومة أكثر، وبالفعل ما قام به مجموعة من المحسنين في قريتنا ترك أثراً عند أفراد المجتمع أن هؤلاء غير المعروفين يعملون لبناء جسر ذاتي مع المطلق، وفعلهم هو ثقافة لمن أراد الاستمرار في الأعمال الخيرية والإنسانية. لقد شارفت على العقد التاسع من العمر، ولم أتأثر قط بموقف كما تأثرت بهم؛ لأنهم يعملون من دون مقابل وإرضاء لإنسانيتهم».

أثناء توزيع الخبز
من داخل المخبز