يعدّ "أسامة نصر" أول فنان عربي في الرسم الثلاثي الأبعاد على الأرض بتقنية "الآيربرش"، وقد حقق شهرة عالمية وانتشاراً وفقاً لمهارة فريدة.

موهبته تكفلت بصنع فنان مبدع ومبتكر ليشكل قاعدة انطلاقه وفق أفكاره اللونية عميقة الأثر، جذبت الضوء لتجربته التي نضيئ عليها اليوم من خلال مدونة وطن "eSyria"، التي تواصلت معه بتاريخ 14 أيلول 2018، وقال: «كانت لديّ ميول فطرية للفن بكل أنواعه، ولكوني مولوداً وسط عائلة فنية وموسيقية وثقافية متعددة الهوايات؛ فقد ترك هذا تأثيراً كبيراً على رؤيتي للأشياء وتوجهاتي كطفل.

تخصيص الوقت للأشياء التي نحبها كفيل بتطويرها؛ ففي كل ثانية تمر أو حركة نقوم بها نحن نتطور تدريجياً، وعاد توظيف موهبتي كحرفة والعمل كرسام إلى سنوات عديدة بنتائج مميزة أدت إلى اكتساب خبرة كبيرة وتطور مستمر وتوسع بمساحة مخيلتي، فاختلاف أذواق الناس بطلباتهم المختلفة بالرسم يضطرني أن أسرح في عالمهم وأتخيل ما يريدون كل وفق ذوقه الخاص، وذلك مكنني من تجربة أشياء عديدة حتى لو لم أكن أحبها أو تتوافق مع أسلوبي الخاص، فكل لوحة جدارية رسمتها كانت بالنسبة لي تجربة، وتراكم التجارب والخبرات يجعل الأمر سهلاً جداً ويعزّز الثقة بالذات

بالتحاقي بالمدرسة ظهر حبي لمادة الرسم، وكنت دائم الاشتراك في المعارض والمسابقات المدرسية بالرسم والنحت حتى أصبحت أتلقى طلبات رسم وخط على مستوى القرية للمحال التجارية والمدارس، وهذا ما رسّخ فكرة أنني أستطيع أن أكون فناناً يوماً ما، لم آخذ هذا الأمر على محمل الجد، فوجود هوايات ومواهب متعددة في الوقت نفسه شتت تركيزي عن الرسم؛ وهو ما جعلني أركنها جانباً لسنوات عديدة حتى تعرفت إلى تقنية "الآيربرش" لتعيد الشغف الفني ورغبة شديدة بتجربة هذه التقنية الفريدة، كان ذلك في سنة 2007، حيث كانت نقطة البداية الحقيقية.

الفنان أسامة نصر مع أحد أعماله

إعجابي الشديد بالتقنية وندرتها آنذاك وخصوصاً في العالم العربي هو ما دفعني إلى اكتشاف خصائصها الفريدة وجمال تدرجاتها وتأثيراتها، فكنت على ثقة تامة ضمنياً بأنني أستطيع احترافها بنجاح.

قضيت النصف الأول من عمري في "سورية" حتى سرقتني الغربة بعمر السابعة عشرة؛ لتبدأ رحلتي مع الحياة في دول "الخليج العربي" محطتي الأولى، حيث عملت في دولة "الإمارات العربية المتحدة" لسنوات عديدة بعدة مجالات مختلفة بعيدة عن الرسم كلياً، لأنتقل بعد ذلك إلى "المملكة العربية السعودية" التي فيها بدأت مسيرتي الفنية حين قررت التركيز على موهبتي والارتقاء بها، فعملت على تطويرها خلال عملي بمجال الرسم والدعاية والإعلان طوال سنوات، نفذت خلالها آلاف اللوحات الجدارية، وحظيت بشهرة واسعة تخطت حدود الدول، وأصبحت أول رسام عربي يقوم برسم لوحة ثلاثية الأبعاد على الأرض، ومتخصص بهذا النمط المنسي عالمياً 3D STREET ART . وزرت بلدان عديدة تعرفت فيها إلى شعوب وثقافات وفنون مختلفة حتى أرتقي بنفسي وفني».

من أعماله بأسلوب ثلاثي الأبعاد

للتعريف بتقنية عمله يضيف: «أعتمد بتوجهي إلى أسلوب أو نمط الرسم ثلاثي الأبعاد على الجدران والأرض على مساحات كبيرة جداً باستخدام تقنية "الآيربرش". أما نمط الرسم ثلاثي الأبعاد، فهو عبارة عن رسم المجسمات الموجودة في الطبيعة مع تبيان أبعادها الثلاثة، وهو أقرب إلى الشيء الحقيقي في تصوير العمق وإبراز العناصر.

و"الآيربرش" عبارة عن أداة صغيرة تشبه القلم تعمل بالهواء عن طريق ضاغط "كومبروسر" من خلالها يمكن رش وسائط مختلفة من الألوان، فهناك أنواع كثيرة منها، ومن الألوان المخصصة لهذه الأداة، وهذا المسدس القلم يستعمل للرسم على لوحات بأحجام صغيرة أو الورق، فهو دقيق، حيث يمكنك إبراز أصغر التفاصيل، ويستطيع الفنان التحكم بكمية اللون وكمية دفع الهواء وبُعد المسدس عن الجدار، وكل هذه الأمور مرتبطة بعضها ببعض ليتمكن الفنان من التحكم بحجم اللون الخارج من المسدس كما يريد.

أليسا بوريسيك

وعملي بهذا المجال كهواية وحرفة في الوقت نفسه قد فتح لي الكثير من الأبواب والفرص، فأنا أتلقى الكثير من الاتصالات والرسائل الإلكترونية من كل أنحاء العالم لطلبات الرسم أو دعوات للمشاركة ببرامج فنية أو تلفزيونية، أو القيام بدورات تعليمية لفن "الآيربرش" والرسم ثلاثي الأبعاد والكثير من الأمور الأخرى المتعلقة بالفن، وعروض العمل بشركات كبرى في مجال الديكور والدعاية والإعلان، أو الشراكة مع رجال أعمال لفتح مشاريع فنية. لكن أنا أفضّل الاستقلالية التامة بهذا الجانب والعمل بمفردي».

حلمه القادم تقديم هذا الفن للمهتمين والراغبين بتعلمه، ويقول: «تخصيص الوقت للأشياء التي نحبها كفيل بتطويرها؛ ففي كل ثانية تمر أو حركة نقوم بها نحن نتطور تدريجياً، وعاد توظيف موهبتي كحرفة والعمل كرسام إلى سنوات عديدة بنتائج مميزة أدت إلى اكتساب خبرة كبيرة وتطور مستمر وتوسع بمساحة مخيلتي، فاختلاف أذواق الناس بطلباتهم المختلفة بالرسم يضطرني أن أسرح في عالمهم وأتخيل ما يريدون كل وفق ذوقه الخاص، وذلك مكنني من تجربة أشياء عديدة حتى لو لم أكن أحبها أو تتوافق مع أسلوبي الخاص، فكل لوحة جدارية رسمتها كانت بالنسبة لي تجربة، وتراكم التجارب والخبرات يجعل الأمر سهلاً جداً ويعزّز الثقة بالذات».

"أليسا بوريسيك" مدرّبة يوغا وموسيقية وعازفة عن "أسامة نصر" قالت: «أقسّم الفنانين إلى عدة أنواع؛ أولئك الذين يرسمون بأيديهم، وهناك من يعبرون عن أحاسيسهم ومشاعرهم على القماش من خلال الألوان، والاختلاف بينهما مثل الحديث عن الحي والجامد، وبالنسبة للفنان "أسامة" فقد زرع الحياة في أعماله، التي من خلالها يمكنني الغوص في الفكرة والخيال والإبداع الذي خلقه، وأشعر في مدى عمقه، أو العثور على انعكاس لخبراته بأنه مبدع يبرز ببصمة فريدة.

يمكنك دائماً التعرف إلى إبداعاته من خلال تحولات اللون، خطوط مطوية مثالية، لا يمكن لأي شخص التشويش على أسلوبه. أظن أن لديه إمكانات كبيرة، وأنا أعلم أنه لديه الكثير من الأفكار واسعة النطاق. أنا فخورة بلقاء "أسامة" وعمله، إنه عبقري جيلنا في هذا المجال».

ما يجدر ذكره، أن الفنان "أسامة فارس نصر" ولد في قرية "نجران" بمحافظة "السويداء" عام 1985. صُنّف في سنة 2014 الرسام الأول في الشرق الأوسط في ملتقى رواد الأعمال الأكثر إبداعاً في "السعودية"، حيث رسم بسرعة ومباشرة لوحة فنية استغرقت 5 دقائق، وحصل على جائزة "الهيثم" الذهبية للإعلام العربي عام 2016 بتقديمه لوحة فنية عرضت خلال "ملتقى الإعلاميين الشباب العرب" في "المملكة الأردنية"، شارك في العديد من المعارض والمهرجانات الدولية، ومؤخراً افتتح شركة متخصصة بمجال الفن والرسم في "هولندا".