برزت موهبته الغنائية والموسيقية منذ الطفولة، واشتهر مدة زمنية قصيرة فارضاً حضوره البهي مطرباً وعازفاً على آلة العود التي باتت قطعة من روحه. خاض تجارب التلحين، وانتمى إلى الفرق الكبرى في "سورية" بفضل إحساسه العالي وشعبيته الجارفة، لكن القدر كان أقوى من كل طموحاته.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 30 أيلول 2018، الكاتبة الروائية "أحلام أبو عساف" والدة "فادي جهجاه"، لتتحدث عن بدايات وحيدها، فقالت: «لا شيء يمكن أن يوصف فرحتي بولادته، ولا كلمات يمكن أن تكتب لتعبر عن مدى الحزن الذي يعتريني بفقده السريع، وهو ما زال في الحادية والعشرين من العمر. ولد "فادي" في قرية "أم ضبيب" إلى الشرق من مدينة "شهبا"، امتلك أذناً موسيقية منذ الصغر، واشتهر بأنه أول من يردد الأناشيد المدرسية غيباً بعد إلقاء المعلمة، وفي الصف الخامس بدأت بوادر الصوت الغنائي تظهر عليه من خلال غنائه في الإذاعة المدرسية. انتقلنا للسكن في مدينة "شهبا"، فتعلم العزف على العود وعشق كل تفاصيله، وكان لا يشاهد وحيداً، بل متأبطاً عوده الذي رافقه طوال حياته القصيرة، وبات في وقت قصير موضع اهتمام الشباب، وجسر محبة، وواسطة عقد نحو الجمال، خاصة عندما تجلت موهبته في الغناء والعزف، وشدا صوته وعزفت أنامله أجمل الألحان، ونشر الفرح أينما حلّ.

تعرّفت إليه كعازف عود متميز، حيث شاركني بعدد من ملتقيات آلة البزق ليمثّل ثنائياً ناجحاً مع العازف "آلان مراد"، وفيما بعد تعلّم الأغاني باللغة الكردية، وكان يؤديها مع "آلان" بأمسيات عدة، وبأسلوب راقٍ وأجمل من الكثيرين الذين ينتمون إلى هذه اللغة. عموماً امتلك هذا الشاب حساً موسيقياً عالياً، وكان عازفاً ماهراً على العود بأسلوب أكاديمي وتكنيك عالٍ، ليؤدي أصعب الألحان والجمل الموسيقية. وغير ذلك، كان مثالاً في الأخلاق وعلى مسافة واحدة من الجميع، ورأيت ذلك من خلال تدريباته مع فرقة "التراث السوري" للموسيقا بقيادة المايسترو "نزيه أسعد" حين كنا نجهز للأمسيات الغنائية، حيث كان يحترم الصغير قبل الكبير

فاز في عمر الثامنة عشرة بالغناء على مستوى المحافظة، وكان اشتراكه في معسكر "شباب سورية" نقلة أولى في الخروج إلى العلن، حيث لفت النظر بمستوى عزفه وموهبته الكبيرة؛ وهو ما دعا قناة "تلاقي" آنذاك لتجري معه لقاء ما زال موجوداً على وسائل التواصل حتى الآن. ثم عزف أكثر من مرة في صالة "دار الأوبرا"، واشترك بمهرجانات عدة مع فرق سورية كبيرة، وكان في كل مرة موضع اهتمام الإعلام لما يتمتع به من طاقة خلاقة وموهبة لا تنضب».

من إحدى الحفلات الفنية

الفنان "لؤي أبو جهجاه" صديقه ورفيق حفلاته الدائم، قال عنه: «قد يكتب هذا الاسم في المستقبل القريب بماء الذهب، هكذا توقع له الكثيرون، وهذا ما قاله كل من التقاه. سجل العديد من الفيديوهات بعزفه وصوته، وابتلي بمرض خبيث حاول محاربته بالموسيقا والتصميم، ونجح إلى حدّ ما لولا أنه غدر به وهو في مرحلة العلاج، فتراجعت صحته ووافته المنية بتاريخ 26 تموز 2018، عن عمر 21 عاماً، وبذلك خسر جيل الشباب والوطن موسيقياً خلوقاً أحب الموسيقا وعشقها، واستغنى عن دراسته لمعهد التعويضات السنية، ولم يعمل به. كان من الداعمين الدائمين للمواهب الموسيقية، ولا يبخل بالدعم على أحد، وهو الذي لا يترك حفلة ترفيهية للأطفال ودعم الأيتام إلا وساهم بها. غير الحفلات الخاصة التي أحياها بالتعاون مع الجمعيات وهيئات المجتمع المدني من دون مقابل، حباً بالناس. كان اجتماعياً جداً ومحبوباً من قبل الجميع، والمكان الذي يكون فيه "فادي" يكون مملوءاً بالفرح والفن والموسيقا».

الإعلامي ومنظم المهرجانات "إدريس مراد" قال عن علاقته بالراحل: «تعرّفت إليه كعازف عود متميز، حيث شاركني بعدد من ملتقيات آلة البزق ليمثّل ثنائياً ناجحاً مع العازف "آلان مراد"، وفيما بعد تعلّم الأغاني باللغة الكردية، وكان يؤديها مع "آلان" بأمسيات عدة، وبأسلوب راقٍ وأجمل من الكثيرين الذين ينتمون إلى هذه اللغة. عموماً امتلك هذا الشاب حساً موسيقياً عالياً، وكان عازفاً ماهراً على العود بأسلوب أكاديمي وتكنيك عالٍ، ليؤدي أصعب الألحان والجمل الموسيقية. وغير ذلك، كان مثالاً في الأخلاق وعلى مسافة واحدة من الجميع، ورأيت ذلك من خلال تدريباته مع فرقة "التراث السوري" للموسيقا بقيادة المايسترو "نزيه أسعد" حين كنا نجهز للأمسيات الغنائية، حيث كان يحترم الصغير قبل الكبير».

عود فادي ولوحة من رسم الفنان حميد نوفل
حفلة فنية والراحل يتوسط الفرفة