بين التربية والدبلوماسية وقف السفير "شحادة غطاس مطر" على شخصية تحمل البعد التربوي الإنساني والعقل الراجح في الحلول الهادئة بعمله الدبلوماسي لنصف قرن، حيث استقر في مضافته التي أحب.

حول حياته التربوية والدبلوماسية، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 تشرين الثاني 2018، التقت السفير السابق "شحادة مطر"، الذي بيّن قائلاً: «في بلدة "المزرعة"، وفي يوم الحادي والعشرين من شهر كانون الأول عام 1930 كانت ولادتي ضمن أسرة فلاحية وبيئة اجتماعية تعمل على نشر المحبة والوئام، درست الابتدائية فيها، وكانوا يلزموننا بمادة اللغة الفرنسية، وبعدها انتقلت مع ابن عمي "نجيب" إلى مدينة "زحلة" في "لبنان" لأدخل الكلية الشرقية، وهي ذات النظام الداخلي، ثم انتقلنا إلى "ظهور الشوير" لنحصل على الإعدادية والثانوية بجزأين؛ وذلك عام 1949، ثم انتقلنا إلى البطريركية ونلنا الشهادة الثانوية الموحدة، وعدت إلى بلدتي. كان "عثمان الحوراني" مديراً للتربية ومشجعاً على العلم، ويزور البيوت المميزة والمحبة للتعليم، وحين زارنا طلب منه والدي إيجاد عمل لي، فعملت في سلك التعليم كوكيل في قرية "الثعلة"، لأتقدم إلى الخدمة الإلزامية التي دفعت عنها بدلاً بقيمة 1500 ليرة سورية في ذاك الوقت، لتبدأ رحلتي مع التربية والتعليم بانتقاء مدرّسي صف في قرية "الدارة" وكنت واحداً من هؤلاء، لم أستمر طويلاً، حيث انتقلت إلى مديرية التربية، وتحديداً إلى الديوان لنبدأ تأسيس التربية بكوادرها، وبدأت أدرس في الجامعة في كلية الحقوق بطريقة حرة من دون التزام بالدوام الرسمي، وعملت في سلك التربية ربع قرن وتعرّفت إلى أهالي الجبل، وكانوا لي نموذجاً لبناء شخصيتي الاجتماعية والثقافية. في تلك المرحلة تعلمت على الآلة الكاتبة التي كانت من النوادر جداً، وبالفعل دخلت التربية صميم حياتي العملية من عام 1950 ولغاية عام 1975؛ لأبدأ مرحلة جديدة وهي الدبلوماسية».

يحتلّ السفير "شحادة مطر" في الذاكرة الشعبية لأهالي "السويداء" مكانة مهمة؛ فقد عمل ربع قرن بالتربية، وعرف بعلاقته الإنسانية ومبادراته الاجتماعية في التشجيع على التعليم، وأكثر من ربع قرن أيضاً في السلك الدبلوماسي، حيث ساهم في تفعيل العلاقة بين البلاد التي كان يقيم فيها والوطن، والأهم بعلاقاته الاجتماعية أنه ظل وفياً لبلدته "المزرعة"، إذ قلّما يعرف عن مناسبة اجتماعية إلا ويشارك بها تعبيراً وجدانياً عن ارتباطه بتلك البلدة التاريخية، وما زال يعمل على تفعيل تلك العلاقات الاجتماعية بعد أن شارف على العقد التاسع من العمر، حيث يستمر بالنهج الاجتماعي والإنساني والخيري الذي أحب، فيجلس اليوم في مضافته ليستقبل الأصدقاء من الجيل المتقارب معه وجيل الشباب لتقديم خبرته وتوجيهاته التربوية والدبلوماسية

وعن مسيرته الدبلوماسية تابع بالقول: «في منتصف السبعينات من القرن الماضي طلبوا موظفين لوزارة الخارجية بصفة دبلوماسيين، حيث رشحت من "السويداء"، واتبعت دورات تأهيلية استنكفت عاماً لظروف قاهرة، ثم عدت لاتباع دورات لنصف عام، لأكون القنصل الدبلوماسي في "تونس" عام 1976، واستمريت بالقنصلية خمس سنوات، ثم انتقلت إلى وزارة الخارجية في الإدارة والثقافة لعامين، وعينت في "يوغسلافيا" كملحق ثقافي ست سنوات متواصلة، وخلال تلك السنوات كنت أقابل الرؤساء والوفود الدبلوماسية وأبرمت علاقات مهمة بين البلدين. كما سافرت إلى "فنزويلا" كرئيس للبعثة الدبلوماسية، وفي ذلك البلد كان وجود السوريين كبيراً، وكوّنت علاقات مهمة هناك، وأقمت أنشطة في معظم دول العالم العربي والأجنبي خلال مسيرتي الدبلوماسية، والعديد من المبادرات لتشجيع العلم والتعليم في الدول التي أقمت فيها خاصة للجالية السورية، وساهمت في خلق فرص عديدة لذلك، وأنهيت خدمتي عام 1995 وتقاعدت، لكن عام 2014 كلفت مجدداً بتأسيس مكتب القنصلية في "السويداء"، وبعد انطلاق المكتب والعمل فيه؛ وفي عام 2017 توقفت عن العمل لأعود إلى حياتي الاجتماعية في مضافتي وأشارك بالمناسبات الاجتماعية في بلدتي التي لم أنقطع عنها طوال حياتي العملية لأكثر من سبعين عاماً، لأن الحنين إلى بلدتي وحجارتها منحني القوة والإرادة والعلاقة الحاملة للشموخ والإباء بعملي الدبلوماسي، إضافة إلى عملي في تربية "السويداء" التي لن أنسى قاماتها التعليمية الشامخة وحب أهالي الجبل للعلم والمعرفة في زمن الفقر والمعاناة، لهذا أعدّ انطلاقي في عالم الدبلوماسية جاء من فضاء التربية».

الدكتور بسام أبو ترابي

وعن علاقته بالمجتمع بيّن الدكتور "بسام أبو ترابي" الأكاديمي في جامعة "دمشق" قائلاً: «يحتلّ السفير "شحادة مطر" في الذاكرة الشعبية لأهالي "السويداء" مكانة مهمة؛ فقد عمل ربع قرن بالتربية، وعرف بعلاقته الإنسانية ومبادراته الاجتماعية في التشجيع على التعليم، وأكثر من ربع قرن أيضاً في السلك الدبلوماسي، حيث ساهم في تفعيل العلاقة بين البلاد التي كان يقيم فيها والوطن، والأهم بعلاقاته الاجتماعية أنه ظل وفياً لبلدته "المزرعة"، إذ قلّما يعرف عن مناسبة اجتماعية إلا ويشارك بها تعبيراً وجدانياً عن ارتباطه بتلك البلدة التاريخية، وما زال يعمل على تفعيل تلك العلاقات الاجتماعية بعد أن شارف على العقد التاسع من العمر، حيث يستمر بالنهج الاجتماعي والإنساني والخيري الذي أحب، فيجلس اليوم في مضافته ليستقبل الأصدقاء من الجيل المتقارب معه وجيل الشباب لتقديم خبرته وتوجيهاته التربوية والدبلوماسية».

السفير شحادة مطر
شحادة مطر في عمله