قاد الراحل "جادو عز الدين" الجبهة السورية ومعركة "التوافيق"، الملقب من العدو الصهيوني لأجلها بـ"الوحش السوري". تسلم حقائب وزارية عديدة، ونال الأوسمة التقديرية، وكان مثالاً للرجل المتواضع.

خمسة وتسعون عاماً بين البحث عن الذات وإثبات موقف؛ رحل الوزير الأسبق "جادو عز الدين" الذي كوّن رحيله تساؤلات عديدة وذاكرة تعبق بفعله وأمثاله في تاريخنا المعاصر، حيث فتحت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 كانون الثاني 2019 قصته الطويلة، والتقت المهندس "تيسير عز الدين" ابن شقيقه، الذي بيّن قائلاً: «ولد الراحل "جادو سعيد عز الدين" في قرية "رضيمة اللوا" عام 1924، وكانت بداية طفولته عندما اصطحبه والده مع أشقائه الأكبر سناً إلى "وادي السرحان" في "السعودية" ضمن أحداث "الثورة السورية الكبرى"، وتلقى بداية تعليمه على يد الكتّاب أو ما يسمى الخطيب، ثم عاد إلى أرض الوطن مع أشقائه لإكمال تعليمهم وحصل على الابتدائية في "السويداء"، والإعدادية والثانوية في مدرسة "التجهيز" في "دمشق"، ونال الثانوية العامة عام 1945، حيث انتسب إلى الكلية الحربية مع أول دورة بعد الاستقلال. شارك بحرب "الإنقاذ" عام 1947 في المثلث الفلسطيني، وبعد دخول الجيوش العربية عاد إلى صفوف الجيش العربي السوري وشارك في معارك عام 1948، وأسندت إليه مهام كثيرة؛ آخرها قيادة الجبهة السورية مع العدو الإسرائيلي».

ولد الراحل "جادو سعيد عز الدين" في قرية "رضيمة اللوا" عام 1924، وكانت بداية طفولته عندما اصطحبه والده مع أشقائه الأكبر سناً إلى "وادي السرحان" في "السعودية" ضمن أحداث "الثورة السورية الكبرى"، وتلقى بداية تعليمه على يد الكتّاب أو ما يسمى الخطيب، ثم عاد إلى أرض الوطن مع أشقائه لإكمال تعليمهم وحصل على الابتدائية في "السويداء"، والإعدادية والثانوية في مدرسة "التجهيز" في "دمشق"، ونال الثانوية العامة عام 1945، حيث انتسب إلى الكلية الحربية مع أول دورة بعد الاستقلال. شارك بحرب "الإنقاذ" عام 1947 في المثلث الفلسطيني، وبعد دخول الجيوش العربية عاد إلى صفوف الجيش العربي السوري وشارك في معارك عام 1948، وأسندت إليه مهام كثيرة؛ آخرها قيادة الجبهة السورية مع العدو الإسرائيلي

وتابع: «أوفد أثناء الخدمة العسكرية بدورتين إلى "فرنسا"، وفي منتصف خمسينات القرن الماضي تم تكوين المجلس العسكري، وكان أحد أعضائه البارزين، وإبان الوحدة بين "سورية" و"مصر" والشعور القومي لدى الضباط السوريين كوّن وفد من المجلس العسكري للتفاوض مع الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، وكان واحداً من أعضائه، وكلف بقيادة الجبهة مع مطلع عام 1959. بعد ذلك تم تكوين وزارة كلف بها وزيراً لشؤون الرئاسة الجمهورية في "سورية"، ثم وزيراً للأشغال العامة.

المهندس تيسير عز الدين

ومن إنجازاته في مدينة "السويداء" أن وضع حجر الأساس لمستشفى "السويداء" الوطني، والفندق السياحي، وطريق (دمشق - السويداء)، ومعمل تقطير العنب. وحين زارته لجنة التفتيش الوزارية، خلصت في تقريرها أن ما أنجزه "جادو عز الدين" في تسعة أشهر يفوق ما أنجزته الوزارة في تسع سنوات، ثم تم تكوين وزارة مركزية للقطرين السوري والمصري تسلم فيها وزيراً للحكم المحلي، إلى أن وقع الانفصال وتم ترحيله مع زملائه إلى "القاهرة" عام 1962.

مثّل الجمهورية العربية المتحدة في مؤتمر "شتورة" بـ"لبنان"، وبعد قيام الحركة التصحيحية صدر قرار جمهوري بعودته إلى وطنه، فقضى وقته متنقلاً فيه حتى كانون الأول من عام 2018، حيث وافته المنية».

وضعه حجر أساس المستشفى الوطني بالسويداء

وعن الحدث الأبرز في حياته وتفاصيل معركة "التوافيق"، أوضح "وليد الحمود" المهتم بالتوثيق الذي التقاه شخصياً ونقل عنه قائلاً: «منذ عشرة أعوام دخلت بيت الراحل "جادو عز الدين" القائد المتواضع، معايداً بعيد الأضحى راعى انتباهي وسام استحقاق مع مرتبة الشرف من الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" باسم الجمهورية العربية المتحدة، حينئذٍ راودتني الكثير من الأسئلة، وأحسست بأن هناك شخصاً يقف خلفي، فاستدرت لأرى رجلاً متقدماً بالعمر والهيبة والوقار ميزت شخصيته، عرفت حينئذٍ أنني أقف أمام "جادو عز الدين"، حيث ابتسم وقال الراحل: (الأولاد علقوه رغماً عني). وسألته إذا كان هناك غيره، فمسك يدي ودخلت معه إلى غرفة أشبه بمكتبة، وشاهدت كل الأوسمة وشهادات التقدير الموجودة في الغرفة، فهناك وسام "لينين"، و"ستالين"، والعديد من الأوسمة والتقديرات، وطلبت منه الحديث عن معركة "التوافيق"، فقال عنها: في شباط 1960 وقعت معركة "التوافيق" والإسرائيليون كانوا متفوقين علينا بالعتاد والتدريب، ويملكون الطيران المتطور والمدفعية المتطورة؛ فأي معركة معهم خاسرة إلا إذا استطعنا منعهم من استخدامها، وهنا كانت الخطة أن يرتدي الجنود لباس الفلاحين ويزحفون ليلاً إلى الحقول ليدخلوا نهاراً مع الأهالي إلى القرية بعد عودتهم من الحقول، وقد ساعدني في ذلك العلاقة الحميمية التي ارتبطت بها مع الأهالي، وهذا ما كان عندما دخل الإسرائيليون القرية، حيث كان جنودنا بانتظارهم، لم يستطع الإسرائيلي استخدام الطيران والمدفعية، فخسرنا ثلاثة شهداء، وقتلنا منهم 250 نفراً غير الجرحى، ولم يستطيعوا إجلاء قتلاهم وجرحاهم إلا بالاستعانة بالقوات الدولية».

الراحل جادو عز الدين