قرن ونيف، ومقعد أو مضافة "آل أبو عساف" تحمل حكايات التاريخ والعلاقات الاجتماعية والمبادرات الإنسانية والوطنية.

حول تاريخ المقعد أو مضافة "آل أبو عساف"، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 شباط 2019، التقت الباحث "معذى أبو عساف" من أهالي قرية "سليم"، وبين قائلاً: «في قرية تعد الوسيط بين قرى "السويداء" من الجهات الأربع، وفي قرية "سليم" وبين حجارتها البازلتية القديمة العابقة بالتاريخ تجد مقعد "آل أبو عساف" الذي أنشئ عام 1885، وكان بناؤه على يد بنّاء من "آل أبو فخر" بإشراف "شاهين أبو عساف"، وأطلق عليه لقب "شاهين أفندي" أو مقعد "اسليم"؛ لأن المشرف على البناء كان من قضاة الخيل، حيث بنى مقعدين؛ واحد صيفي وهو بطول 130م، وعرض 14م، وآخر شتوي بجانبه من الجهة الشرقية منه وطوله 10م، وعرضه 11م، لكنه مغلق، وله باب، بينما المقعد الصيفي ميزته أنه مفتوح وبلا أبواب، وترى أرضه من الحجارة البازلتية التي بني منها؛ أي قبل مئة عام ونيف، وطرأ عليه ترميم في الجدران حين قام بعض أفراد من "آل أبو عساف" بطلي المقعدين بالدهان الأبيض ويتوسطهما قنطرتان، وقد كانت القناطر طريقة من طرائق البناء الروماني القديم، وكذلك يوجد تحت المقعد مكان يسمى "الباكية" لربط الخيل، ومن كرم أهله كان يسبق الشهر بذبيحة؛ أي إنه كان يومياً يذبح ذبيحة للضيوف، وهو يسبق الشهر بذبيحة، بمعنى أنه كان في أحد أيام الشهر يقدم للضيوف ذبيحتين أو أكثر، والأهم أن هناك قصراً رومانياً يقع شمال القرية، وكان يسمى قصر الأمير "رافع"، وهو من ولاة الرومان، ويتكون من عدة طبقات نقلت حجارته بعد أن تهدم نتيجة العوامل الطبيعية، وتم بناء المقعدين».

أن الشيخ "حسين أبو عساف" قام بإصلاح سقف مقعد العسافين في قرية "سليم" الذي كان من الخشب، وجلب له خشب الحور من مزرعة "بيت جن" عند نهاية القرن التاسع عشر نقلاً على ظهور الجمال، ثم تطور من الخشب إلى "البيتون"، ومازال قائماً إلى يومنا هذا

ويذكر الباحث التاريخي الدكتور "علي أبو عساف" في كتابه "من أوراق الشيخين فهد حمد وسلمان داوود أبو عساف في تاريخ آل أبو عساف"، عن المقعد قائلاً: «أن الشيخ "حسين أبو عساف" قام بإصلاح سقف مقعد العسافين في قرية "سليم" الذي كان من الخشب، وجلب له خشب الحور من مزرعة "بيت جن" عند نهاية القرن التاسع عشر نقلاً على ظهور الجمال، ثم تطور من الخشب إلى "البيتون"، ومازال قائماً إلى يومنا هذا».

معذى أبو عساف

وعن أحداث المقعد بيّن المؤرخ التاريخي "إبراهيم جودية" قائلاً: «تأتي أهمية مقعد "آل أبو عساف" من موقعه الجغرافي؛ إذ تعد قرية "سليم" من أولى القرى التي سكنت في "جبل العرب"، وكانت تشتهر بكثافتها السكانية وموقعها، وهو نقطة ارتكاز بين "حوران واللجاة" والبادية والمنطقة الشمالية والشرقية، وكان بناء المقعد متناسباً معها.

واشتهر "آل أبو عساف" بالمواقف الوطنية والاجتماعية والإنسانية، خاصة أن من بينهم رجل قائد فذّ في حروبه ضد "إبراهيم باشا"، وهو البطل "حسين أبو عساف" الذي خاطبه الشيخ الجليل "إبراهيم الهجري" قائلاً: (أنت دخلت الجنة بسيفك ورمحك يا حسين)، وكانوا يستقبلون الضيوف من مناطق مختلفة، وخاصة أصحاب اليقظة العربية وزعماء الثورة العربية الكبرى الفارين من ظلم "جمال باشا السفاح"، والعرب من "آل الغصين والسلوط" وغيرهم الكثيرون، ولهذا كان للمقعد تاريخ حافل في احتضان هؤلاء، والميزة المهمة فيه أنه بلا أبواب؛ إذ عدّت القنطرة الأولى الباب، واستمرت مفتوحة لاستقبال الضيوف من أي مكان، وفي عام 1910 جرى في المقعد أحد الاجتماعات لتهدئة الأوضاع قبيل حملة "سامي باشا الفاروقي"، واحتفالات بالمناسبات الوطنية والاجتماعية منذ عام 1918 إلى تاريخه، كما احتضن قائد الثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش" إبان معركة "المزرعة" وناشد السوريين يومئذٍ من المقعد الثوار بالانتصار في المعركة، وهناك مواقف كثيرة وعديدة، لكن كان لأصحاب المقعد وخاصة "آل أبو عساف" موقف حيادي من الفتنة الداخلية عام 1947، إلا أن العقلاء تداركوا الأمر بتفكير وطني واجتماعي وعقلاني».

المقعد وبجانبه المضافة الشتوية
إبراهيم جودية