يجمع الدكتور "فايز عز الدين" بين السياسة وتحليلها الآني، والشعر وإبداعه اللحظي بخيط سري، ووحدة اللغة المشتركة؛ وهو ما يجعله الأقدر على استشراف المستقبل بعقل منفتح ومصطلحات جاذبة بعيدة عن التقليد.

حول الرابط بين السياسة والشعر، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 شباط 2019، التقت الدكتور "فايز عز الدين" الشاعر والمحلل السياسي، ورئيس فرع اتحاد الكتاب العرب في "السويداء"، الذي أوضح قائلاً: «الشعر على الرغم من كونه موهبة تفتح في اللا شعور على خيال جميل، وتدخل إلى الشعور والأحاسيس برهافة التعبير والتصوير لتغدو المُفردة حقلاً من الدراية وفضاءً من الرؤية وواحة من عبير. فالشاعرية حين تَحْضُرُ تشعّ بالنفس بارقة من جمال، وتقطن في الروح صبابة المعنى لتختار لها المدار الذي تدور فيه، ومع ذلك، فالشعر تلاقح في غبار طَلْعٍ أخّاذٍ بين بصيرةٍ ترى في اشتغالها الأعماق، وتمسح غبش الضباب عن الآفاق، ودراية حملت على أفنانها عناقيد البدع وصبوة المعرفة، واستشراف المدى بنظرة مخصبة، ورسالة تكرّس حرارة الضمير في عذب المعنى وبراعة المبنى على شراع زورقٍ من إمتاع وجلالة من فائدة. وحين ننظر إلى الشاعر بعيون تقتنص الشاعرية والشعور، وتنقش على محراب الأيام وصلابة الرضام أنواع المعرفة والحياة، وألوان البقاء على ضفاف الدهر العابر بالأمل، تعيد إلى الكون ألَق الوجود والبرهة الأحلى، كما تعيد على الناس سورة أن نكون ولا نكون في آيات من الشفافية المورقة والجمالية الباسقة والعنفوان المبدع. وإذا ما تحدثنا عن الشاعر، كأننا نتحدث عمَّنْ يقوم على شيء ليصلحه بمنظوره الفني الجمالي الخافق بالتنبؤ، والمشعشع بألوان الطيف، وبذلك يجمع الشعر الحسنين حين يسوس الكلمة بمعمور الفكر، ويقرأ الصورة بأحلام البهجة والنظير. ولو حاولت أن أقطع الصلة بين الشعر والسياسة لأسحب ذلك الخيط الذي يشدُّ الأولَ إلى الآخر، ويعزف بالآخر موسيقا التكوين الأزلي النابضة بقيم الحق، والمتجلببة بزينات الأنس والأنسنة، لما استطعت؛ فالشعر يتوغل في السياسة والسياسة تثريه وتتعشّق فيه».

كوّن الدكتور "فايز عز الدين" علاقة وطيدة بين مفهومه للسياسية بالتحليل والتفكيك للمشهد والواقع والحدث، وبين اقتناص اللحظة الآنية في استدراج الإبداع لإظهار الشاعرية لديه، واستطاع أن يربط بين السياسة والشعر بخيط سري تجمع بينهما لغة الوحدة المشتركة في تكوين الصورة والدلالة والمشهد والواقع، إذ تراه كمحلل سياسي في طليعة من يتكلمون باللغة المدمجة بالمفردات السياسية والمصطلحات، والحاملة لصور شعرية تعبيرية في إيجاد العلاقة بما يتحدث، بمعنى أنه شاعر يتقن ناصية اللغة الشعرية بأنواع متعددة من الشعر بالقصيدة العمودية والتفعيلة والنثرية، ويتحدث السياسة بتحليل عقلي منطقي يستشرف فيه المستقبل بذاك الخيط الرابط بين السياسة والشعر

وعن ديوانه الذي يفسر تلك العلاقة، تابع: «لدي ديوان من الشعر بعنوان: "عزف على الجرح"، تجتمع فيه قيمة المشاعر الراصدة لأجواء الوطن السياسية، والمتحركة بتوقٍ على منصة الخلاص الاجتماعي والإنساني بآن معاً، فأقول:

الأديب فرحان الخطيب

وسيّرت في أعلى الجبال مــواكبي... وأفردتُ في ســاح الفداءِ ثقاليا

وطاردتُ في أرض الثبات موارباً... وأكبرتُ من عاش الحياة مثاليا

الدكتور فايز عز الدين

وفي الدمج بين حياة، والوطن، والأحلام والناس كتبت:

كم قد شجيتُ بصبرٍ من صدى ألمي... والشجو يأخذ من صبري ويعطيني

من أعماله

إنّــا صــنعنا وبالتاريــخ صـــورتنا... توحــي وتشــرق بين الحين والحين

وفي قصيدة "ثبير" تتورّق السياسة وتتفتّحُ أكمام الهوى الشاعري أدباً:

هيضَ الزمــان وران الليل بالنوب... أشـرقْ ثبيرُ على الأيــــام والعربِ

يا شُعلةَ العُرب هل من ظامئٍ لغدٍ... يصبو ارتواءً، ومن أقداح مغتصب؟

ما العقل فينا إذا ما فاتنا سَحَرٌ... والأفق من صَخَبٍ يصحــو على صخب

وعند أزمنة الجراح، ونضوب العبير من دوحة الأمل، كتبت:

يا موطن العزّ تشقيني التي طفحتْ... بالمؤلمات ومـا غادرت ميدانــا

لا يهزم الشعب ما طالت مظالمــه... لان الحديد وعزم الشعب ما لانا

مــات الرضيع وصدر الأم مقبرة... هـلّت عـــليه صـــلاة الله قرآنـــا

وفي نكبة الوطن التي عشتها كشاعر مقاتل بالحرف والكلمة والسياسة والأدب، قلت:

فيا ناثر الأوراق صفراً رخيصةً... تميل مع الأهواء حيث تميــل

لنا الشفق الأبهى تبرّج في الدّجى... وتــاه بليل المـــارقـين ذلـيل

فَمَنْ لشــآمٍ حين تشـــقى جــنانُها... ويجفو على مسِّ الهجير مقيل؟

وفي حالك الظلمة لحظة تنتشر في فضاء البشر وحشة النفس والضمير، قلت:

يا طائف الليل هل وافيتَ منبلَجاً... نفضي إليه وقد همّت بنا سَحَرُ

يا طائف الليل تكبو في جوائحه... أشباهُ خلقٍ أما في عينهم نَظَر؟

ظِلٌّ على الشام ظلَّ المجدُ يسحبه... زهواً تبختر يستهوي ويزدهر».

وحول رؤيته لأشعار الدكتور "عز الدين"، أوضح الشاعر "فرحان الخطيب" عضو اتحاد الكتاب العرب قائلاً: «كوّن الدكتور "فايز عز الدين" علاقة وطيدة بين مفهومه للسياسية بالتحليل والتفكيك للمشهد والواقع والحدث، وبين اقتناص اللحظة الآنية في استدراج الإبداع لإظهار الشاعرية لديه، واستطاع أن يربط بين السياسة والشعر بخيط سري تجمع بينهما لغة الوحدة المشتركة في تكوين الصورة والدلالة والمشهد والواقع، إذ تراه كمحلل سياسي في طليعة من يتكلمون باللغة المدمجة بالمفردات السياسية والمصطلحات، والحاملة لصور شعرية تعبيرية في إيجاد العلاقة بما يتحدث، بمعنى أنه شاعر يتقن ناصية اللغة الشعرية بأنواع متعددة من الشعر بالقصيدة العمودية والتفعيلة والنثرية، ويتحدث السياسة بتحليل عقلي منطقي يستشرف فيه المستقبل بذاك الخيط الرابط بين السياسة والشعر».

يذكر أن الدكتور "فايز عز الدين" من مواليد "الثعلة" عام 1946، يحمل شهادة دكتوراه في التاريخ منذ عام 1993، من مؤلفاته: "الشباب في سورية" دراسة، "سوسيولوجية القيادة التاريخية" دراسة، "حافظ الأسد الديمقراطية والمتغيرات الدولية" دراسة، أما في الشعر فله ديوانين هما:"حنين الظل"

و"فيض من الحلم"، والثالث قيد الطباعة بعنوان "عزف على الجرح".