لم تشعر والدته بصعوبة في التعامل مع حالته الصحية، ولم ترهق نفسها في السؤال كيف سيكون المستقبل؟ رافقته إلى الرياضة التي حقق فيها "بشار رستم" أحد لاعبي الرياضات الخاصة نجاحاً أهله للتميز ونيل الميداليات والمراكز.

"بشار" الذي وجد في الملعب أجواء لطيفة يقضي فيها أوقات التدريب بمحبة وفرح أخبرنا عن عشقه للرياضة، عندما تحدث لمدونة وطن "eSyria" التي التقته بتاريخ 25 حزيران 2019، للتعرّف إلى تجربته الرياضية، وقال: «أسير مع أمي إلى الملعب مرتين في الأسبوع، مع أنني أعرف الطريق جيداً، لكن أمي ترغب دائماً بمرافقتي إلى الملعب البلدي وتنتظرني حتى نهاية التدريب.

بعد الأولمبياد الخاص وبمساعدة مديرية الشؤون الاجتماعية والاهتمام الكبير حصل "بشار" على وظيفة بمركز الإعاقة الذهنية، ليعمل مستخدماً خلال مرحلة الدراسة، وهذه كانت خطوة للاستقرار ساعدتنا كثيراً ليعيل نفسه ويعيلني

ألعب وأتدرّب ولا أشعر بالتعب؛ فالوقت ممتع؛ لأنني أجد رفاقاً كثر يتدربون مثلي مع المدرب "نزار أبو راس" الذي يتابعنا في عدة تمارين، وقد أخبرني أنني ألعب بطريقة جيدة، وسأكون ضمن الفريق المشارك بالبطولات القادمة، ففي كل البطولات أحصل على الميداليات التي تفرحني وتفرح أمي.

بشار رستم مع والدته

في الشتاء والصيف أتابع التدريب، ولم أنقطع عن التدريب لأنني أفرح بالجري على أرض الملعب، والتدريب على مختلف الألعاب، وأسمع نصائح المدرّبين وأستمتع مع الرفاق لساعات طويلة أعود بعدها إلى المنزل وأرتب أغراضي، وأستعد للعمل، وأخطط مع أمي لأوقات جميلة والاستعداد لليوم التالي».

هذا ما تمكن "بشار" من التعبير عنه لأنه كما تقول والدته يعبّر باللعب أكثر بكثير مما تمكنه الحالة الصحية من التعبير عنه.

مع فريق الرياضات الخاصة

والدته "يسرى الجباعي" تحدثت عن تجربته التي تعدّها فرصته الأجمل لإثبات الذات، وقالت: «منذ أن كان عمر "بشار" أربعين يوماً أخبرني الطبيب بحالته الصحية وهي (متلازمة داون)، وقد أرشدني إلى طريقة التعامل معه وأرشدني إلى متابعته وتعويده على الحركة والنشاط، فالرياضة ضرورية جداً لحالته، فكنت المدرّبة لكل شيء احتاج إلى تعلّمه، هو شخص يحمل صفات جميلة؛ لم أتعب معه، وأعدّه سبب السعادة التي تغمر قلبي».

عن تطوره مع الألعاب والتجاوب مع المدرّبين، تابعت: «لأنه نشيط يستيقظ باكراً يعرف ما عليه من واجبات ومن يتعامل مع "بشار" ورفاقه يلمس حالة اللطف والهدوء والتعبير الكبير عن المحبة لكل من يتعامل معهم، وتبعاً لظروفه، فحالته جيدة منذ أن اتبع مركز الإعاقة الذهنية والتزم لمدة، وكان الاهتمام به جيداً جداً، ومن خلال هذا المركز زاد اهتمامي بتدريبه الرياضي الذي يعدّ النشاط الأكبر في حياته.

المدرّب نزار أبو راس

مع الرياضة أخذ يتطور بسرعة، ودائماً ينتظر وقت التدريب ويتحضر باكراً باللباس وكل ما يلزم لزيارة الملعب مرتين في الأسبوع، وأجد ابني محظوظاً بوجود فريق كامل يدربه ورفاقه، ويشهد على ذلك تطور الرياضات الخاصة في "السويداء" وتنوعها، والبطولات المتعددة التي يشاركون فيها سنوياً.

منذ عام 2000 يلتزم ابني بالتدريب، وقد اهتم به المدرّبون، وحالياً يتابعه المدرّب "نزار أبو راس"، الذي قدم الكثير من العناية به يستحق عليها التقدير والشكر، وخلال الأولمبياد تميز مع فريق كرة القدم، وكنت أثق بأنه سيحقق نتائج متميزة في كل الرياضات التي شارك بها».

وتضيف: «"بشار" في الملعب حالة حيوية؛ متفاعل مع المدرّب واللاعبين، وحصل على عدد كبير من الميداليات، أهمها خلال الأولمبياد الخاص، حيث تألق بين المجموعة بلعب جميل تحدث عنه كل من تابعه، في منزلي أعرض ميدالياته، وهي بالنسبة لي إنجاز جميل لابني الذي لم يحالفه الحظ ليكون مثل أبناء جيله، لكنه لم يكن على الهامش، وبقي موجوداً والجميع يعرفونه من خلال مشاركاته، ويستثمر طاقته ضمن الحدود التي تمكن من الوصول إليها.

أمامه مستقبل أتوقعه مشرقاً وناجحاً؛ لأنني حرصت على أن أنتهز أي فرصة تؤهله لتدريب جديد، وكنا نتجاوب مع آراء المدرّبين خاصة خلال السنوات الماضية مع الاهتمام الكبير بالرياضات الخاصة وإدخال ألعاب جديدة، ومنح اللاعب فرصة للعب أكثر من لعبة، واليوم يمارس عدداً من الرياضات الجميلة؛ حقق في معظمها نجاحاً وتميزاً، وخلال هذه المرحلة يتابع التزلج المدولب ويستعد للبطولة المحلية».

نجاحه الرياضي أهله للحصول على وظيفة وضمان دخل جيد، وتضيف: «بعد الأولمبياد الخاص وبمساعدة مديرية الشؤون الاجتماعية والاهتمام الكبير حصل "بشار" على وظيفة بمركز الإعاقة الذهنية، ليعمل مستخدماً خلال مرحلة الدراسة، وهذه كانت خطوة للاستقرار ساعدتنا كثيراً ليعيل نفسه ويعيلني».

"نزار أبوراس" مدرّب الرياضات الخاصة يعدّه لاعباً ملتزماً وخلوقاً، وقال: «لاعب خلوق متعدد المواهب من أسرة كريمة ومتابعة له بوجه دائم، حالياً يستعد للمشاركة بالدورة المحلية التي ستقام على أرض الملعب البلدي في "السويداء" خلال الشهر السابع.

كانت البداية لظهور هذا اللاعب مع الأولمبياد الخاص في "السويداء" عام 2006، حيث شارك مع فريق كرة القدم، وحصل على المركز الثاني على مستوى الجمهورية، وكنا متوقعين له النجاح؛ لأنه التزم بهمة ومتابعة كبيرة، والجميع يعرفون أثر الرياضة الخاصة بهذه الشريحة التي تحمل صفات جميلة من الهدوء والتجاوب.

شارك في الدورة الإقليمية السابعة التي جرت في "دمشق" عام 2010، مع المنتخب السوري لـ"الهوكي"، وحصلت "سورية" على المركز الأول، وكان نجم المنتخب مع زميله "وسام أبو سعيد"، ونال تقديرات وميداليات يستحقها.

كان له حضور جميل مع فريق الرياضات الخاصة، الذي أظهر تميزاً وحاولنا قدر الإمكان الاهتمام بهم لتقديم أفضل ما لديهم، فلديهم طاقات كبيرة تحتاج فقط إلى من يرعاها، وفي أغلب الأحيان اهتمام اللاعب باللعبة واهتمام الأهل عامل مساعد لوجود هؤلاء اللاعبين في الملاعب في أوقات التدريب، والاستفادة من النصائح واكتساب مهارات تنسجم مع حالتهم الصحية.

انتقل "بشار" إلى لعبة التزلج المدولب، وشارك بجميع بطولات الجمهورية التي جرت، وكان من الأوائل دوماً، لديه شعور طيب تجاه اللعبة يعطيها بصدق ويظهر عليه التركيز الكامل على الأداء الأجمل، وهذا ما يدفعنا إلى متابعته بمحبة أنا وفريق المدرّبين المكلفين بالاهتمام باللاعبين».

ما يجدر ذكره، أن "بشار" لديه خمسة إخوة، وهو من مواليد "السويداء"، عام 1983.