شهدت مضافة "آل أبو الفضل" أحداثاً ووقائع ولقاءات اجتماعية وتاريخية مهمة، وحملت بين ثناياها حكايات ما زالت تروى إلى الآن، منذ شيدها أهلها قبل أكثر من قرن.

حول تاريخ وأحداث المضافة، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 21 حزيران 2019، التقت الباحث التاريخي "إبراهيم جودية" منسق برنامج مضافات الجبل في "إذاعة الريان"، الذي بيّن قائلاً: «حين تدخل إلى مضافة "آل أبو الفضل" تشعر بأهميتها التاريخية، فهي الواقعة بين شارعين يعود تاريخهما إلى العهد العثماني، وهما: "الشعراني"، و"أمية" الواقعين في قلب مدينة "السويداء"، هذا المكان الذي شهد أحداثاً منذ أن شيده أهله، وهو يعكس الهدوء والسكينة والاتزان والقرارات الصائبة، والمشبع بالموروث العربي والأصالة من حيث كرم أهله؛ وتجسيدهم للعادات والتقاليد المعروفية النبيلة، وخاصة في استقبال الضيوف، فهذه المضافة التي استكمل بناء حجارتها مع بداية العهد الفرنسي، وباتت مستقراً، فهي وإن انتسبت إلى "آل أبو الفضل"، إلا أنها كانت لجميع العائلات التي سكنت الجبل، حيث انطوت على مرحلتين؛ الأولى تمتد ما بين عامي 1920-1925، وقد تميزت باللقاءات الوطنية والثورية إبان الثورة السورية الكبرى، فقد زارها كبار الشخصيات والقادة الفرنسيين بغية محاولة استرضاء الأهالي، حيث لم ينالوا المراد من نواياهم الاستعمارية، وكان قرار الثورة ضد الفرنسيين بالإجماع، لتكون المرحلة الثانية التي تجسدت ما بين عامي 1927-1946، وهي المرحلة الأكثر خوضاً في غمار اللقاءات الاجتماعية والوطنية، إذ بدأت مع الكتلة الوطنية العائدة من "باريس"، والحاملة معها الوعود باستقلال البلاد، حيث تداعت كل المناطق والأرياف، واختاروا في المضافة أربعاً وعشرين شخصية من بينهم زعامات وطنية، وانطلقوا منها لمقابلة الوفد بحضور "هاشم الأتاسي" و"فارس الخوري"، وهناك جملة تاريخية مشهورة قالها المجاهد "فارس الخوري": (أنتم كتبتم المعاهدة بالدم، ونحن كتبناها بالحبر، ولولا الدم ما كتب الحبر)».

تحدث أمامنا السلف الصالح أن حجارة المضافة قد أتوا بها من قرية "سيع" المشهورة بحجارتها الأثرية، لهذا ترى باب المضافة عليه أشكال أثرية تعود إلى عصور غابرة، وفيها من الحواصل التي تجمع القمح حيث كانت العائلة تقسم فيما بينها تقديم واجب الضيافة كل الأسبوع حتى تبقى المضافة مشرعة أبوابها للضيوف؛ إذ كان الأهل من القرى البعيدة يأتون إلى "السويداء"، وينامون في المضافة، يقيمون فيها حتى ينهون أعمالهم، وفي الغرفة المجاورة للمضافة عقد فيها أهم اجتماعات للقادة الاجتماعيين والسياسيين، ومازالت إلى يومنا هذا تجتمع فيها العائلة في الأفراح والأتراح وتقديم المقترحات التي من شأنها خدمة المجتمع وتسهم في تنميته، وفيها حكايات للتاريخ تروى بحق

وتابع المؤرخ "إبراهيم جودية" القول: «في شهر أيار من عام 1937 جمعت المضافة لقاءً تاريخياً مهماً، وتمخض عنه كيفية التحضير لاستقبال الثوار العائدين من "وادي السرحان"، حيث انطلق المجتمعين من أمام المضافة إلى ساحة "المرجة" بـ"دمشق" بأهازيج وحداء مرددين: (زينو المرجة ترى المرجة لنا.. زينو المرجة لتلعب خيلنا). أما عام 1939، فجرى لقاء من أروع ما سطر في التاريخ المعاصر حين استقبل الأهالي المجاهد "فوزي القاوقجي"، والتقى القائد العام للثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش"، وحمل هذا اللقاء أمرين؛ الأول: رفض أهالي "السويداء" بالإجماع التقسيم وإلغاء الاستقلال الإداري، والانضمام إلى العاصمة "دمشق". والثاني: شجعوا كوكبة من الشباب للانضمام إلى جيش الإنقاذ بقيادة "القاوقجي" للدفاع عن أرض "فلسطين". وفي عام 1947 برزت المضافة بأنها أحد الأمكنة الشاهدة على عقد الصلح والمصالحة بين الفئات المجتمعية، والتقت فيها شخصيات قيادية خرجت بقرارات صارمة بوضع حد للعنف والتطرف وتقريب وجهات النظر بين أفراد المجتمع، وربما أهم لقاء داخل هذه المضافة في التاريخ المعاصر كان استقبال وفد من "مصر" العربية برئاسة المشير "عبد الحكيم عامر"؛ بهدف التحضير للزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس "جمال عبد الناصر" إلى "السويداء"، والتعبير الوجداني الوطني القومي عن الوحدة العربية بين "مصر" و"سورية"».

الباحث التاريخي إبراهيم جودية

وعن طبيعة المضافة التاريخية، بيّن "نزيه أبو الفضل"، الذي يرتادها يومياً بالقول: «تحدث أمامنا السلف الصالح أن حجارة المضافة قد أتوا بها من قرية "سيع" المشهورة بحجارتها الأثرية، لهذا ترى باب المضافة عليه أشكال أثرية تعود إلى عصور غابرة، وفيها من الحواصل التي تجمع القمح حيث كانت العائلة تقسم فيما بينها تقديم واجب الضيافة كل الأسبوع حتى تبقى المضافة مشرعة أبوابها للضيوف؛ إذ كان الأهل من القرى البعيدة يأتون إلى "السويداء"، وينامون في المضافة، يقيمون فيها حتى ينهون أعمالهم، وفي الغرفة المجاورة للمضافة عقد فيها أهم اجتماعات للقادة الاجتماعيين والسياسيين، ومازالت إلى يومنا هذا تجتمع فيها العائلة في الأفراح والأتراح وتقديم المقترحات التي من شأنها خدمة المجتمع وتسهم في تنميته، وفيها حكايات للتاريخ تروى بحق».

باب المضافة الأثري
مؤسسو المضافة