تعدُّ صناعة "الدبس" من الصناعات الغذائيّة الأساسيّة في "جبل العرب"، ومنه "دبس الكرز" المانح للطاقة، وخاصةً في الشتاء القارس إضافةً لقيمته الصحية، وما زالت صناعته تقليدية رغم تقانة اللحظة الآنية.

حولَ الطريقة التقليدية لصناعة "دبس الكرز" مدونةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 26 تموز 2019 التقت "بدر الخطيب" من قرية "شعف"، وهي واحدةٌ من النسوة العاملات بالزراعة والصناعات اليدوية الغذائية، حيث قالت: «من المعلوم لدى الجميع أنّ مادة الدبس هي مادة أساسية في (المؤونة الشتوية) للمناطق الجبلية الباردة، وخاصةً في قريتنا "شعف" الواقعة أعلى تلّة مسكونة، ويأتي بها فصل الشتاء بارداً جداً، ونحن كسائر المناطق الجبلية نهتمّ بصناعة الدبس بأنواعه، منه العنب والتفاح والكرز وغيره، وبالطريقة التقليدية التي نرى أنّها الأقرب للحياة الطبيعية، والتي تحمل دلالات اجتماعية مهمة في حياتنا اليومية، مثل مساعدة النسوة لبعضهن البعض في تلك الأعمال.

يشتهر "دبس الكرز" في بلاد الشام و"سورية"، وهو مادة غنية وله مجموعة من الاستخدامات، فقشوره لا تُرمى بل تُجفف وتُطحن وتُستعمل للحلويات والمتبلات، ويُستخدم "دبس الكرز" للكباب بالكرز أو الكفتة أو المتبلات، وكذلك هو بديلٌ للمربى يستخدم كطبق حلويات جانبي، وتتضح أهميته في توليد الطاقة الحرارية داخل الجسد

أما طريقة التحضير، والتي تتلخص بعد قطاف الكرز من أغصانها، حيث تؤخذ حبات الكرز، وتزال منها البذور إذا كانت الكمية قليلة، أما إذا كانت الكمية كبيرة فتسلق مدة دقيقتين، وعندما يصبح بارداً على اليدين يُهرس باليد على المصفاة، حيث يُصفى العصير وتبقى القشور والبذور، فيؤخذ العصير ويوضع على النار مدة أربع دقائق، ونضع عصير الليمون الحامض حسب الرغبة ودرجة حموضة الكرز، وإذا أردنا استخدامه مع المتبلات نضيف كميةً أكبر من الحامض، ثمّ يتمّ تخفيف النار مع الاستمرار في الحركة الدائرية حتى تتبخر السوائل منه بشكل جيد، ليصبح "دبس الكرز" شديد القوام، حيث يوضع في أوانٍ زجاجية، وينتظر حتى يبرد تماماً قبل أن يحكم الإغلاق عليه في تلك الأواني الزجاجية أو الأواني الفخارية التي تعدُّ أكثر صحةً».

بدر الخطيب

ومن الأمور المستفادة من صناعة "دبس الكرز" استخراج العصير منه، حيث تابعت "الخطيب" بالقول: «رغم وجود التقانة الحالية التي توفر الجهد والتعب والوقت، ولكن صناعته في منطقة "ظهر الجبل"، وداخل البساتين المثمرة أو الأرضي المشجّرة مع بيوت معمرة بغية استثمار تلك الصناعات الغذائية بأنواعها، وفي فسحة مكانية واسعة، وبين الأشجار والهواء العليل يجعل المرء يبتكر أشياء مفيدة، إذ غالباً وأثناء العمل يأتي الجيران أو الأهل ويساهمون معنا إما بعملية القطاف، أو في مراحل التصنيع، وهي العملية التي ترانا ننجز منها أيضاً عصير الكرز الذي نضيف لكلّ كيلو منه كأساً من السكر، وحبة ليمون حامض، ويُغلى على النار حتى يُصبح مركزاً ويُوضع في أوعية زجاجية معقمة ويُحفظ في الثلّاجة، حيث نأخذ ثلاث أو أربع ملاعق في كوب، ونضيف إليها الماء البارد ويصبح جاهزاً للشرب، وهذا النوع من العصير يقدّم للضيوف والزوار كشراب طبيعي طيب المذاق والطعم».

وعن استخداماته أوضح المهندس "سعادي الحسين" رئيس قسم الموارد البشرية والإرشاد الزراعي في مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بـ"السويداء"، بالقول: «يشتهر "دبس الكرز" في بلاد الشام و"سورية"، وهو مادة غنية وله مجموعة من الاستخدامات، فقشوره لا تُرمى بل تُجفف وتُطحن وتُستعمل للحلويات والمتبلات، ويُستخدم "دبس الكرز" للكباب بالكرز أو الكفتة أو المتبلات، وكذلك هو بديلٌ للمربى يستخدم كطبق حلويات جانبي، وتتضح أهميته في توليد الطاقة الحرارية داخل الجسد».

المهندس سعادي الحسين

يذكر أنّ "بدر الخطيب" من مواليد قرية "شعف" عام 1950، وما زالت تعمل إلى يومنا بالأعمال الزراعية.

دبس الكرز