ما أن تشاهدَ فوهةَ المغارة، وترى الظلامَ الدامس داخلها، حتى يتبادر للعقل تاريخها العائدُ لعصورٍ رومانيّةٍ غابرة، وحجارتها تشهد بحكايا ومواقف اجتماعية تتناقلها الأجيال.

حول المغارة وأحداثها، مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 22 آب 2019 التقت الباحث التاريخي "إبراهيم جودية" الذي بيّن قائلاً: «لا بدّ حين تقف أمام مضافة "آل البربور" القديمة، والعائدة إلى قرن ونصف القرن من زمن وجودها، وتستمع لحكايا الأهل والأجداد، وعيناك تتجهان نحو الشمال الشرقي حتى تجد وسط ساحاتها فوهة واسعة لمغارة تاريخية تحمل في فضائها أسراراً ومعلومات تدهش، والدال على ذلك حجارتها البازلتية الصلبة، وصخور جدرانها الثابتة، إذ في مدخلها وفي الأسفل أدراج تزيد على 22 درجة متناسقة، بابها حجري وعليه كتابة أثرية قديمة، وفيها صخور كرماخ طبيعية وثلاثة سراديب، أول تلك السراديب متجه نحو أحد منازل القرية، أصحاب تلك الدار لا يسمحون بالدخول إليها لوجود أقفال وأبواب لا تفتح بسهولة، والبيت بشكله وموقعه ومضمونه قديم جداً، هو بناء على بناء، أي تحته آثار وأبنية متعددة، إذ من المعلوم أنّ قرية "الهويا" تنطوي على آثار تاريخية لها بعدها التاريخي الذي يعود لعصور رومانية، وبعض الباحثين في الآثار يقول أنّها تعود للألف الأولى قبل الميلاد، ولكن المتتبع لدهاليز تلك المغارة يستشعر بوجود سرداب آخر ضخم مملوء بالغرف والآثار القديمة، مساحته كبيرة جداً، تمشي فيه مسافات طويلة وتجد غرفة بابها حجر ومظلمة لا يمكن الرؤية فيها حتى مع تسليط الضوء عليها، وهناك داخل المغارة أيضاً سرداب ثانٍ متجه نحو التل إلى مغارة تحت دار كبيرة مؤلفة من ثلاثة طوابق -اثنان منها تحت الأرض-، أما السرداب الأخير فهو يقود الباحثين إلى أماكن يظن أنّها مسكونة، وقد تمّ إغلاقها لأنّها تمتد بحدودها لدار أحد ساكني القرية قديماً، وقيل أنّه جاء إليها مغاربة واستخرجوا الجواهر والدرر الثمينة، وهذا يعود إلى زمن قديم جداً، وهناك ممرٌّ من المغارة يدخل لكهف فيه بئر ماء، ولكن لم يستطع أحد الوصول إليه خوفاً مما يذكر حول تعويذة في المكان».

تشكل مغارة القرية الموجودة في الساحة أمام مضافة "آل البربور" إضاءة على صلابة المواقف، فهي تميزت بمواقف ساكني القرية بعمق التجذر الإنساني والاجتماعي، إذ هناك أحداث وقعت أثناء مقاومة الثوار للاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي، وتؤكد الوثائق المتواترة بين الأجيال أنّه مع بدء الثورة السورية الكبرى جرى اجتماع في هذه المغارة، واتفق الثوار بحضور القائد العام "سلطان باشا الأطرش" على كيفية الدفاع عن الأرض ومقاومة الفرنسيين، وأجرى الثوار لقاءات عديدة داخلها، إذ كانت الحصن المنيع لهم يعقدون بها الاتفاقيات ويأخذون فيها القرار بعيداً عن أعين المارقين، وحين علم بها بعض القادة العسكريين الذين عملوا مساندين للظلم والاستبداد الاجتماعي، استخدموا سراديبها كسجن للمقاومين والثوار، وقاموا بأعمال متنوعة تخالف العرف والتقليد الأخلاقي، ورغم الدهاليز المتعددة فيها وطبيعتها الصخرية وحجارتها التي تنبيك عن عصور غابرة من نقوش على أبواب سراديبها، ظلت تحاكي الزمن عن أصالتها التاريخية، ولهذا عرفت مغارة "الهويا" بأنّها إرادة الصخر وصلابة الموقف الاجتماعي

وحول ما جرى من أحداث ووقائع داخل المغارة، وما تميّزت بها اجتماعياً، أوضح الشيخ "عطا الله البربور" من أهالي قرية "الهويا" بالقول: «تشكل مغارة القرية الموجودة في الساحة أمام مضافة "آل البربور" إضاءة على صلابة المواقف، فهي تميزت بمواقف ساكني القرية بعمق التجذر الإنساني والاجتماعي، إذ هناك أحداث وقعت أثناء مقاومة الثوار للاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي، وتؤكد الوثائق المتواترة بين الأجيال أنّه مع بدء الثورة السورية الكبرى جرى اجتماع في هذه المغارة، واتفق الثوار بحضور القائد العام "سلطان باشا الأطرش" على كيفية الدفاع عن الأرض ومقاومة الفرنسيين، وأجرى الثوار لقاءات عديدة داخلها، إذ كانت الحصن المنيع لهم يعقدون بها الاتفاقيات ويأخذون فيها القرار بعيداً عن أعين المارقين، وحين علم بها بعض القادة العسكريين الذين عملوا مساندين للظلم والاستبداد الاجتماعي، استخدموا سراديبها كسجن للمقاومين والثوار، وقاموا بأعمال متنوعة تخالف العرف والتقليد الأخلاقي، ورغم الدهاليز المتعددة فيها وطبيعتها الصخرية وحجارتها التي تنبيك عن عصور غابرة من نقوش على أبواب سراديبها، ظلت تحاكي الزمن عن أصالتها التاريخية، ولهذا عرفت مغارة "الهويا" بأنّها إرادة الصخر وصلابة الموقف الاجتماعي».

الباحث التاريخي إبراهيم جودية
من أمام المغارة الشيخ عطا الله البربور
فوهة المغارة