شابٌ طموحٌ ومبتكر، انطلق من مبدأ الحاجة أمُّ الاختراع ليصمم عدداً من الابتكارات المميزة التي تؤهله للحصول على براءة اختراع.

مدوّنةِ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 6 كانون الثاني 2020 مهندس الميكانيك "ضياء العبد لله" وتحدث عن أبرز ما قام به من ابتكارات منذ الطفولة وحتى الوقت الحالي، حيث قال: «منذ الصغر تميزت في دراستي بالمواد العلمية (الفيزياء والرياضيات)، في الصف العاشر صنعت طيارةً شراعيةً صغيرة نالت إعجاب جميع أهالي القرية وتشجيعهم، وكانت من دون تحكم لعدم معرفتي بالاتصالات والتحكم عن بعد، وبالميكانو (ألعاب أطفال عبارة عن قطع معدنية وبراغي ودواليب يمكن صنع السيارات والأدوات منها) التي كانت موجودة لدي صنعت رافعات وعدّةً ميكانيكية.

سجلت ماجستير في الجامعة الافتراضية ونجحت بكافة المواد ولكن لم تتم الموافقة على خطة البحث الخاصة بالرسالة لعدم قدرتي على تصنيع نموذج للمشروع لعدم وجود الإمكانية والدعم، البحث كان عن استثمار فضلات مداجن "عرى" التابعة للقطاع العام عن طريق مخمر حيوي يعمل بمساعدة الطاقة الشمسية وكان معداً لإنتاج الغاز الحيوي والسماد عالي الجودة، إلا أنّ المشروع رفض في النهاية بسبب عدم قدرة الجامعة على التمويل

هذا بالإضافة إلى موهبة الرسم والموسيقا، الرسم لم أقم بتنميتها بسبب ضيق الوقت وبالنسبة للموسيقا في السنة الرابعة في الجامعة تعلمت الموسيقا بمفردي وقدمت عدة عروض على مسرح المركز الثقافي في "السويداء" كقائد فرقة شكلتها من أصدقائي دربتهم بنفسي، قدمنا خمسة عروض على خشبة ثقافي "السويداء" إضافة إلى دروس في الموسيقا لعدد من الطلاب، كما شاركت بعدة مسرحيات ولعبت دور البطولة في عدد من مسرحيات المخرج "عمار بو سعد"».

أثناء تركيب العنفة

درس "العبد لله" في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية وبعد التخرج قدم العديد من الابتكارات وعنها أضاف: «تخرجت في الكلية اختصاص قوى ميكانيكية بمعدل جيد عام 2013، مشروع التخرج كان عبارة عن استخلاص (البيو ديزل) من بقايا الزيوت واستثماره بمعمل رب البندورة، و(البيو ديزل) هو المازوت الحيوي، ولم يطبق على أرض الواقع لعدم وجود الدعم اللازم لمثل هذه المشاريع.

بعد التخرج صممت آلةً تسمى (تفقيس للبيض) ولكن لم أستطع الاستمرار لعدم قدرتي على تأمين البيض من "الكسوة" و"درعا"، بسبب الأحداث الأخيرة في "سورية"، والآلة تعمل بالمازوت من خلال تدفئة البيض وترطيبه دون الحاجة للكهرباء، كثر من قاموا بتقليدها في المحافظة إلا أنّ تجاربهم لم تنجح لعدم إلمامهم الكافي بالتفاصيل، وفكرت بإنتاج طيور الدجاج البلدي وكان المشروع جيداً ولكن بسبب الوظيفة وضيق الوقت لم أتمكن من المتابعة».

طرق "ضياء" باب الدراسات العليا وعن ذلك قال: «سجلت ماجستير في الجامعة الافتراضية ونجحت بكافة المواد ولكن لم تتم الموافقة على خطة البحث الخاصة بالرسالة لعدم قدرتي على تصنيع نموذج للمشروع لعدم وجود الإمكانية والدعم، البحث كان عن استثمار فضلات مداجن "عرى" التابعة للقطاع العام عن طريق مخمر حيوي يعمل بمساعدة الطاقة الشمسية وكان معداً لإنتاج الغاز الحيوي والسماد عالي الجودة، إلا أنّ المشروع رفض في النهاية بسبب عدم قدرة الجامعة على التمويل».

كثيرة هي الإحباطات التي صادفت "ضياء" ولكنها لم تمنعه من الاستمرار، فتابع قائلاً: «لم تكن هذه الإخفاقات إلا دافعاً للنهوض من جديد، أنشأت مكتبة للخدمات الطلابية لمساعدة الطلاب ضمن حدود خبرتي لإنشاء مشاريعهم، وبدأت بتصميم الابتكار الأخير الذي أبصر النور في الشهر الأخير من العام الماضي، لم أتقدم بعد للحصول على براءة الاختراع لعدم توفر الإمكانية المادية لهذا الأمر، وخاصة أنّ مدخراتي نفدت بالكامل لتصميم النموذج، والابتكار عبارة عن عنفة رأسية لتوليد الكهرباء لا تحتاج لسيور أو علب سرعة، تولد الطاقة بشكل مباشر، ويمكن ربطها مباشرة على حمل أومي حراري (مدفأة كهربائية) دون الحاجة لبطاريات، يمكن استخدامها كنظام هجين مع نظام تسخين المياه بالطاقة الشمسية واستثمارها لنظام التدفئة عن طريق المياه، ويمكن استخدام الطاقة لشحن البطاريات وتحويلها لكهرباء مشابهة للشبكات العامة بإضافة أنفيرتر وبعض الدارات الإلكترونية».

وعنه تابع: «الشيء المجاني المتاح هو الرياح، وبالتالي الاختيار الهندسي بالبحث عن مصدر طاقة متوفر كان الرياح، بشكل تقريبي إذا أردنا تدفئة منزل بحوالي 2 كيلو واط فإن التكلفة تتراوح بين 500 – 600 ألف ليرة سورية، وكلما كانت الريح متوفرة كلما كانت الجدوى الاقتصادية أفضل لأن طاقة الرياح الحركية التي تستثمر من خلال العنفات تتناسب طرداً مع مكعب سرعة الرياح.

يوجد آلاف الأنواع من العنفات، إلا أن النموذج الذي صنعته بسيط وسهل التصنيع ويناسب احتياجات المنزل الريفي، يستثمر مباشرة في التدفئة عن طريق ربطه بمدفأة مصممة خصيصاً لهذا النموذج ويمكن الاستفادة من الطاقة الكهربائية المنتجة بتشغيل باقي أجهزة المنزل، وبالنسبة للتكلفة هي بسيطة مقابل طاقة مجانية، إذا افترضنا أن البيت الواحد يحتاج 300 ألف كل سنة لأغراض التدفئة من مازوت وحطب، هذا النموذج يوفر النصف وبهذا هو اقتصادي.

شجعتني والدتي كثيراً بسبب معاناتها مع انقطاعات الكهرباء المتكررة وخاصة في الشتاء، وعدم توفر المازوت بشكل كاف، أتمنى أن يستثمر هذا الابتكار من قبل وزارة الكهرباء أسوة بالدول المتقدمة، ففي "السويد" مثلاً يعتمد إنتاج الطاقة على المصادر المتجددة بنسبة 30%».

"مهند العربيد" خريج معهد هندسة الشبكات الحاسوبية وهو من ساعد "العبد لله" بتركيب العنفة حيث قال: «صمم "ضياء" عنفةً ريحيةً تستثمر طاقة الرياح وتحولها لطاقة كهربائية وهي ضرورية في ظل الظروف الحالية التي نعيشها نتيجة نقص مواد التدفئة والإضاءة، تستخدم في التدفئة وخاصة بالمناطق الجبلية والمناطق الغنية بالرياح مثل "شعف" و"ظهر الجبل" والمناطق البعيدة عن الشبكة الكهربائية، النموذج مميز كونه بسيط وآمن ومتقن، وتركيبه سلس لأنّ "ضياء" صمم كل قطعة بدقة، مع انتباهه لكلّ التفاصيل حتى بعد انتهاء التركيب كان هناك حسابات للصواعق والعوامل الجوية وقمنا بعملية التأريض بالإضافة لاستخدامات الدهان الأحمر والأبيض.

اللون الأحمر أساس في القواعد للحماية من الصدأ، والأبيض تحت العنفة للحماية من الحرارة، هناك قطع لا يجب أن تتعرض للسخونة لذا قام بدهنها بالأبيض».

يذكر أن المهندس "ضياء العبد الله" من مواليد قرية "سليم" في محافظة "السويداء" عام 1989.